اقتباس:كما توقعت يا زميل فأنت لا تصيب في كثير من الأحيان ما أريد، ولو تأملت وطالعت ما كتبنا بدقة لعرفت المراد من كلامنا ذاك العريض المستطيل، فنحن إنما جئنا على ذكر الصون والكرامة معا، وما اكتفينا بلفظ الكرامة وحده فلا تفسر كلامنا وفق مصطلح مجتزأ من الأصل المتلازم في شرحنا وبياننا،

مما أنا مقتنع به أن لكل واحد رأيه ولن يغير أحدنا الآخر بـ "قدرة قادر" ولكن أردت فقط أن أستوقفك أمام نقاط ولا أهدف بالمرة للاجتزاء وإنما ما تراه اجتزاء هو في الحقيقة ما أعتبره أنا لب المشكلة الأصلي. أنا أسألك بهدف التعرف وأناقشك بهدف أن تعرف كذلك طريقة تفكيري.

اقتباس:وقد قلنا في ردنا السابق بأن الطبيبة هذه قد لا تؤثر فيك يا كبير ولكنها قد تؤثر في غيرك من المراهقين،

المراهق الذي يذهب للمستشفى للفحص والعلاج ليس في وضع يسمح له سوى أن يعرف حقيقته على طبيعتها. هذا جانب. الجانب الآخر هي أزمة أمة. لو الأمة كل ما تراه في المرأة هو الجانب الجنسي كبداية فهي أمة مأزومة وأزمتها أبعد من مجرد وجود إمرأة في حيز العمل الطبي مثلا ولكن في نظرتها لهذه السيدة كزميل في العمل مثلها مثل الرجل. شيء آخر. التعود يغير من نظرة الناس. كثيرا ما تصورت حال ثدي المرأة وقلت لنفسي يا ترى ماذا يكون ملمس هذا الثدي؟ ولم يأخذ الأمر طويلا فها هي خالتي تحضنني وقريباتي وأمي كذلك وعرفت ملمس الثدي.. أها! ليس الأمر كما يتبادر في الخيال. وركبت الأتوبيس في مصر وعرفت ملمس الثدي أكثر من مرة: كرة من القطن. ما الجديد؟ عندئذ ومع التعود يتبدد الخوف والرهبة من هذا المجهول.

اقتباس: ولكن غيرك إن لم يصن نفسه فإن كرامته ستضيع حتما حين يحاول تقبيل هذه المرأة أو لمسها بطريقة رذيلة دنيئة،

إذا حاول تقبيل من تقوم على علاجه فهذا له تبرير واحد فقط: أنه يعيش كبت فظيع ومكتوم ( ع الآخر ). المشكلة هي نزع الكبت لا نزع المرأة من الوجود في ساحة العمل. عندما قامت الطبيبة بفحصي في هذه المنطقة الحساسة وبصحبة ممرضتها لم يخطر ببالي من أفكار سوى: ما أعظم هذه الطبيبة؛ ورب إمرأة تسوى 10 آلاف رجل! ما أجمل تعليم المرأة وتثقيفها وتصبح مثلها مثل الرجل.
نعم، الكبت هو المسئول الأول ويجب علاجه في الأًصل. في القديم كنت أنظر لثديي المرأة بتعجب وأتمنى لو أختلس نظرة ثم رأيت الثدي أشكال وألوان وذهبت للبلاج ورأيت أثداء مختلفة حتى صار الأمر ممل ورتيب ولا جديد فيه. حدث هنا اكتفاء. ماذا لو رأيتها تلبس مايوه ويصف تفاصيل الشفرين الكبيرين؟ صراحة: لا مشكلة بالمرة لأني أتوقع أن يوجد للمرأة شفرين وهذا هو شكلهما. هي إمرأة وبالتالي سيكون لها شفرين labia. لم يعد الأمر يثير فضولي ولكن المنع والكبت هو مايثير الفضول ويؤججه.

اقتباس:وأذكر حتى يومنا هذا إحدى النساء في مستشفى الولادة تذكر أنها سمعت الطبيب الذي قام بتوليدها -وهي في حالة أقرب ما تكون إلى اللاوعي- يقول لمساعده فرجُ هذه أجمل من تلك، فهل بنظرك يبقى لهذا المرأة كرامة لو عرف زوج هذه بالحادثة؟!!

هذا ليس ذنب المرأة ولا ذنب غرفة التوليد التي تسمح بوجود طبيب رجل يقوم على توليدها بل ذنب هذا الطبيب تحديداً أنه لم يحترم قسم أبو قراط في مهنته. من المتوقع أن يحدث إساءة وكسر وهتك لأصول المهنة من جانب أي إنسان في مهنته سواء كان محامي أو مرشد نفسي أو قسيس إلخ.

عندما كانت زوجتي في غرفة التوليد منذ سنتين حضرت المسلسل من الألف للياء. جاءت الممرضة وهي من تقوم بمعظم العمل والتحفيز على الطلق في التوليد إلى أن يحدث ذلك في العد التنازلي. وما إن قاربت لحظة الولادة حتى أتى إلى غرفة الولادة طاقم من ثلاثة أطباء رجال منهم 2 أميركان ورئيسهم المشرف كان أسباني ومتقدم في السن و3 ممرضات. الرئيس الأسباني تركهم يؤدون عملهم وجاء يمر من وقت لآخر وسألهم: ماذا وصلتم إليه؟ قالوا رأس الطفل لا تزال في هذه المنطقة. قام الطبيب المشرف الأسباني بمد إصبعه وتوجيه رأس الطفل بشكل لم يستغرق الأمر بعده طويلا وجاء الطفل صائحاً معلنا ميلاد الحياة معه فشهدنا معجزة الخلق ومعجزة الحياة. من في هذا الموقف تسول له نفسه أن ينظر للمرأة نظرة شائنة إلا إذا هو حيوان من الأصل؟ أستغفر الله! بل حتى الحيوانات تعاف مجرد التفكير الشائن في تلك اللحظة. كلما تذكرت هذا الطبيب الأسباني المتقدم في السن وذو اللهجة الإنكليزية الركيكة كلما ابتسمت وقلت: ليست الأمور بالفصاحة ولا بالشعر الأشقر ولكن هناك خبرة طبية يكون فيها الأمر "ضربة معلم" وهذا كل ما يهمنا ونحن نذهب لمجالات العلاج الطبي.

إذا كنت حدثتك من واقع حياتي بهذا الشكل فاعلم أني أفعل هذا حتى تعلم أني لا أعظ لأنه ما أسهل الوعظ وما أسهل الانتصار لدين على حساب دين ولكن الصعب هو أن ننمو في شخصياتنا ونتقبل حركة الزمن وحركة التطور في الحياة. أكتفي بهذا وتحياتي المخلصة لك.