[U]الحكم أهم من رفع الحصار

حكومة حماس في فلسطين لا تحكم، لا داخليا حيث الكلمة العليا للاحتلال، ولا خارجيا حيث الحصار الدولي الرسمي الذي قطع عنها المال والاتصالات، والحصار العربي الضمني الذي قطع عنها الدعم السياسي والإعلامي. لماذا إذن تتمسك حماس بالحكم المعزول، ويتشبث إسماعيل هنية بمنصب رئاسـة وزارة لا وجود حقيقـيا لها، ولا تسـتطيع ممارسة أبسط مهمات الحكم مثل دفع رواتب الموظفين.

حماس مصنفة كحركة إرهابية من وجهة نظر أوروبا وأميركا واليابان، وورقة بيد إيران من وجهة نظـر بعض الجهات العربية. مطلوب حكومة وحدة وطنية في فلسـطين، ليس لأنها تسـتطيع أن تجترح المعجزات، فهي بدورهـا تظل تحت رحمة المحتل، ولكنها تسـتطيع رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، والسـماح باسـتئناف تدفق الأموال لدفع الرواتب وتحريك عجلة الحياة الاقتصادية.

حماس تصر على إبقاء وزارات السـيادة بيدهـا، وفي المقدمة المالية والداخلية، أي أنها تريد مواصلة تمثيل الشعب الفلسطيني تجاه العالم في مجالات التمويل والأمن، وهذه وصفة مؤكـدة لاستمرار الحصار، لأن حماس هي المقصودة بحجب المال، وحتى في مجال الأمن ليس مقنعـا للعالم أن يوضع في يد من يراه العالم إرهابيـا.

حماس حركة مناضلة ونظيفـة، قدمت مئات الشـهداء، وقد اعتدلت كثيرا وقبلت بحـدود 1967 وهي تحكم بموجب اتفاقيـات أوسلو. ولكن هذا ليس الموضوع، فالمطلوب هو رفع الحصار، والحصار لن يرفع لحساب حماس ولكنه سـيرفع أمام حكومة وحـدة وطنية.

لا تستطيع حماس القول أنها لا تثق بالأطراف الأخرى، فلديها أكثرية النواب التي تشـكل القـوة المعطلـة، وتسـتطيع إيقاف أي قرار. كما تستطيع سحب الثقة من أي وزير إذا انحرف عن ثوابت الشـعب الفلسـطيني ووثيقة الأسـرى المعدلة.

عندما يصبح المسـؤول عقبة في طريق شـعبه، وعبئا على أكتافـه، فإن الواجب الوطني يفرض عليه إفسـاح المجال لمن يستطيع أن يحـل العقدة.

سلوك قـادة حماس يعنـي أن الحكم أهـم بالنسـبة لهم من مصالـح الشعب الفلسـطيني، والبقاء في رئاسـة الوزراء أهـم من دفـع الرواتب، وإطلاق سـراح آلاف الأسـرى، وتحريك القضية في هـذه المرحلة الحساسة حيث يبـدو أن هنـاك فرصة حقيقيـة لقيام الدولـة الفلسـطينية المستقلة ذات السيادة.

[U]د .فهد الفانك