خمسة وسبعين صفحة من براميرتس عن " زهير الصديق" ...
بقلم : خضر عواركة

ثلاث إشارات تعطي فكرة واضحة عن إتجاهات التحقيق الدولي في إغتيال الحريري .

اولا : التقرير الذي قدمه براميرتس وأعتبر إجرائيا يحتوي على نقطة مهمة جدا وهي إشارته إلى ان عشرة دول لا تتعاون مع التحقيق.



وقد تسرب منها بشكل مؤكد اسماء كل من المانيا لأمتناعها عن كشف النشاطات التي كان يقوم بها غيرهارد ليمان في لبنان خصوصا تعاونه مع الأمن الخاص " بطيار" المستقبل التابع لآل الحريري سنوات طويلة قبل إغتيال رفيق الحريري .

كما ان الأردن واسرائيل رفضتا كشف نشاطات مخابراتهما في مواقع محددة وخصوصا النشاط المشترك بينهما لإختراق جماعات التطرف التكفيري في لبنان ومنها ما هو مرتبط بالسيد رفيق الحريري لناحية التمويل في شبكة معقدة من علاقاته الواسعة . خصوصا مجموعة الضنية التي رعاها وافتى لها بقتل ضباط الجيش اللبناني المدعو محمد علي الجوزو وهو من المقربين من رفيق الحريري فهل جرى لرفيق ما جرى للسادات مع حركات التطرف التكفيري ؟.

في ملاحظة اولية ينبغي القول أن التحقيق الذي صمم اصلا لإثبات التورط السوري او توريط سوريا وخلق الأدلة ضدها (الصديق وهسام وغيرهما ) يبدو بأن براميرتس لديه متهمون آخرون وإلا لسارعت الدول العشر المقصودة للتعاون معه وتقديم المساعدة على إدانة سوريا وبالتالي فوجود هذا الكم من الممتنعين عن التعاون يذكرنا بالحماية التي تتمتع بها إسرائيل في أي تصويت دولي فهل بدأ براميرتس يدير دفة إتهاماته بإتجاه إسرائيل ؟؟

ثانيا :
من المتفق عليه بين كل المراقبين والمهتمين والكتاب الذين تابعوا ميليس في لبنان، أن الرجل اثبت خلال توليه رئاسة لجنة التحقيق الدولية أنه عبارة" بذّارة" اكاذيب وتركيبات سينمائية مافياوية ، وهو طرد من عمله لأنه شكل فضيحة علنية للأمم المتحدة ولمصداقيتها القانونية وهو لم يراعي حتى أبسط شروط التغطية والتأمين على اكاذيبه وإستهان بكل ذكاء العالم الذي يتابعه وإنطلق في "التبعير" القانوني بشكل جعل منه مجرد رجل إستخبارات من نوع رخيص وعالمثالثي . ولكن المراقبين تفاجاؤا وأندهشوا من إصراره وهو في المانيا ولا علاقة له بتاتا بموضوع التحقيق على ان يتابع إطلاق التصريحات والتسريبات الإعلامية عبر زميله رجل المخابرات الألمانية " ليمان" الوثيق الصلة بالمنابر الإعلامية المخابراتية كصحيفة "شتيرن "

وهو أي ميليس يستعد حاليا لإصدار كتاب عن إنجازاته في لبنان والتي كاد من خلالها ان يصل إلى الحقيقة ويعتقل القتلة لولا إزاحته وتعيين براميرتس بديلا عنه كما يدعي واصفا براميرتس بالمضلل للتحقيق (...) وأنه حرفه عن مساره لمصلحة سياسية !

طبعا أمثال ميليس ممن قيل أنهم قضاة ليسوا إلا رجال مخابرات وفسادهم في لبنان ومن لبنان وصلت رائحته إلى وزير العدل الألماني فسارعت المخابرات الإلمانية لدفع رئيسه المباشر لتقديم وسام له على إنجازاته في لبنان (ربما الصديق واحد منها ) تعويما له لحاجتهم إليه في مواقع أخرى .

هذه المعطيات تشير إلى ان براميرتس إبتعد عن الهدف الذي كان يرسمه ميليس ويعمل عليه آلا وهو إتهام سوريا لا غير وهو الأمر الذي يثير ميليس لأسباب مالية تتعلق بعلاقته مع آل الحريري الذي قيل بشكل رسمي أنه ومساعده السابق يعملان مستشارين لها وهما زارا لبنان مؤخرا بهذه الصفة بشكل بعيد عن الإعلام .

ثالثا :

نقلت الصحف يوم امس الثاني والعشرين من شهر ديسمبر – ك1خبرا يفيد بأن القاضي براميرتس وفريق عمله قدما للقضاء اللبناني تقييما لمصداقية " الشاهد اللي ما شافش حاجة " زهير الصديق .

وعلم من مصادر قضائية لبنانية شاركت في إجتماع تقييمي لهذا التقرير عن الشاهد الملك أن براميرتز عدد نقطة نقطة روايات زهير الصديق " السوبرمانية " وفندها بالوقائع والدلالات ومنها بعض التسجيلات الهاتفية للصديق من مقره الباريسي مع بعض اقاربه في السعودية وفيها من الثرثرة الشيء الكثير، ليس أقلها بانه أعترف بأن كل ما قاله تم تلقينه إياه من مروان حمادة . وبناء عليه، فقد اسقط براميرتس عن الصديق صفة الشاهد ووضعه في خانة المتهم بتشتيت التحقيق والتضليل العمد للعدالة وهو وضع أمام القضاء اللبناني إحتمالا قويا لإستدعاء الوزير حمادة بصفته متهما ايضا ومعه بعض الأمنيين اللبنانيين الموالين للحريري الذين ساهموا في التضليل وهم الذين رفضوا بداية ان يسلموه مجموعة اصولية لها إرتباط عبر قائدها بالقاعدة وقد أعلن سابقا عبر وزير الداخلية الأسبق سليمان فرنجية ان المجموعة إعترفت بتنفيذ الإغتيال بداية ثم تراجعت تحت الضرب والتهديد والتعذيب وأنكرت قتل الحريري .

المصادر القضائية تقول بأن براميرتس رغم مظهره الهادئ إلا انه عنيد جدا وهو واجه ضغوطا هائلة مارسها عليه بولتون الذي توعده .

وعلى ما يبدو حتى الآن ليس لدى براميرتس متهمون بالإسم بل عدة جهات تتعاكس في إتجاهها التحقيقات وهي لم تصل إلى نتيجة حاسمة تتيح له القول هذا متهم وهذا بريء وبالتالي كان طلبه مهلة إضافية لإنجاز تحقيقه مرتبطا بهذه المعطيات .

أما فيما يتعلق بالمحكمة الدولية فأن الصراع حولها في لبنان لا علاقة له بمضمون تقرير براميرتس النهائي بمقدار علاقتها بإستخداماته من قبل رئيس المحكمة وقضاتها الذين قد يكونوا وقد لا يكونوا من نوعية الدجال ديتليف ميليس .

يبقى سؤالين فائقي الأهمية ، اولهما هل سيطلق القضاء اللبناني بعض من المعتقلين على ذمة التحقيق ام سينصاع لرغبات ومصالح سلطة آل الحريري الموالية لإسرائيل ؟

والتالي يتعلق ببراميرتس نفسه ، فهل ستقبل الولايات المتحدة ومعها حلفائها في تل ابيب بنتيجة لا يرغبون بسماعها لتحقيق عولوا عليه الكثير ؟!

لننتظر ونرى .