كامل
صدام لم يقتصر في ظلمه على الشيعة فقط، بل شمل كل شعبه بهذا الظلم، ربما كان الشيعة أبرز معارضيه، بحكم وجود دولة قوية تتبنى الأديولوجية الشيعية بالجوار، ولكن لا يمكن القول أنه عدو للشيعة فقط، فلم يكن أحد يكرهه أكثر من الكويتيين بعد غزوه للكويت مثلا.. والرجل لم يقدم نفسه أبدا فيما أعلم على أساس طائفي، عرفناه اشتراكيا أو قوميا أو اسلاميا ولكن ليس سنيا ويبدو أن ثقافته الدينية لم تصل لحسن الحظ أن يعرف أن المسلمين ينقسمون الى مذاهب .. سمعته يتهم محكمته بالتبعية لأمريكا لكني لم اسمعه يتكلم عن تبعيتها لطهران، على كل انا لم اكن أتابع المحاكمة بعناية ولم أشاهدها كلها..
ربما كرهه الشيعة أكثر من غيرهم لأنهم خلال حربه الطويلة على ايران كانوا يذكرون بعضهم ويتندرون على ما يفعله بمعارضيه.. بينما اعتمدت سياسة المجتمع السني على التجهيل فيما يتعلق بظلمه وسوء معاملته لشعبه في ظل تأييدهم السياسي له ضد ايران، أتذكر حين كنت طفلة كنت أربط بين اسم صدام واسم علام الشرير في كارتون عدنان ولينا لأن اسميهما على نفس الوزن، ليس لي سوى أن أهز كتفي وأعتبر أن ما حدث له أمر طبيعي فماذا تتوقع ممن عانوا من ظلمه وطغيانه لسنوات طوال عجاف سوى أن يحتفلوا بضع لحظات قصيرة ويسخروا منه ويشمتوا فيه؟ أنا لا أشك أن اعداء الرجل كثيرين وإذا سقط الجمل كثرت السكاكين .
حتى وان أدت اعتبارات أخرى لجماعات أخرى الى خوفهم أن يفعلوا به المثل ولكن بالتأكيد أنهم تمنوا ان يفعلوا به ما نفترض ان جماعة مقتدى هذا قد فعلته فالرجل لم يفعل شيئا في حياته سوى صنع العداوات لنفسه... يداك أوكتا فوك نفخ.
معتزل..
"أنا أتذكر أن الآية "فاقطعوا أيديهم وأرجلهم من خلاف" لا مبالاتي العامة بالبعد الديني تجعل اهتمامي قليلا بأن أتقصى التفاصيل ولكن الفكرة هي أنني عموما لست ضد عقوبة الإعدام، وقد تشاجرت طويلا في المنتديات قبل اعدام صدام بسنوات مع معارضي عقوبة الإعدام والذين يصرون أن المجرم مريض نفسي يجب علاجه وليس الإنتقام منه، وهذا الإعدام لشخص مثل صدام هو مثال نموذجي يدعم وجهة نظري أن الدفاع عن المحكومين بالاعدام لأسباب عادلة هو ضد الإنسانية لأن في الاقتصاص منهم اعادة اعتبار لضحاياهم، فمجرمي الحروب يفعلون ما يفعلون بكامل قواهم العقلية وهم مسؤولون عن أفعالهم، وهناك عقوبات جزائية تخرب بيت المرء وتجرده من كل ما يملك وتجعله مديونا وقد يدفعه ذلك للإنتحار لجرائم أقل من جرائم مجرمي الحروب المحكومين بالإعدام، كنت أفكر مرة في ذلك السياسي البريطاني الشاذ الذي هرب من زوجته الأرستقراطية بعد عشرين سنة زواج وثلاثة أطفال مع رجل، لو أنها حاكمته على الضرر وللنفقة وخلافه وخربت بيته وجعلته يبيع هدومه لكان تمنى لو أنه حكم بالإعدام بدلا من ذلك.. فنحن حين نتكلم عن حكم الإعدام لمجرم ضد الإنسانية مثل صدام ابن حسين هذا لا نتكلم عن مجرد رجل رأى رجلا أخر مع زوجته وقتله، أو صعيدي يقتل انتقاما من أجل الثأر أو أسباب أخرى يمكن تحليلها نفسيا، نحن نتكلم عن رجل احترف القتل والوحشية وأصبحت حياة الإنسان عنده لا تساوي حياة قملة، ويجب أن يشعر الساكوباثيون الذين مثله حين يرونه يقتل أن الحق ليس ضعيفا والباطل ليس قويا.. أولئك الذين يمجدون القوة باعتبارها قيمة بحد ذاتها لأن القوة التي تسخر من أجل الحق ليست كالقوة التي تأتي من الباطل والمال الذي يأتي حلالا ليس كالذي يأتي من مصدر حرام، وأن الصدق والحب والأخلاق لا تعني الضعف والفقر والمسكنة والقوة ليست قصرا على السيئين.
أنا أعتقد أن قضايا الأنفال وحلبجة والكويت وكل شيء كان يجب أن يذكر في المحاكمة، شخصيا لم أسمع من قبل بقضية الدجيل هذه إلا وقت محاكمة صدام، وليس مثل حلبجة وغزو الكويت كلنا نعرفها، ولكن المحاكمة كانت محاكمة على كل حال ولم تكن مجرد اجراء شكلي، وكما قال أحد الزملاء أن التسريع بالحكم جاء حقنا للدماء وكي تتوقف محاولات الإفراج عنه التي قد تؤدي الى قتل مزيد من الأبرياء للضغط من أجل إطلاق سراح الطاغية الفاجر وكي ينتهي الأمر ويصبح حقيقة واقعة وكما قال علي نور الله أن المحاكمة تكون لمن يحتمل فيهم البراءة أما هذا فجرائمه ثابته عليه.
لابد أن الشماته فيه كانت من قبل الناس الذين شمتوا فيه وهم عراقيون.. أما الأمريكان فلا تعنيهم الشماته فيه فهو لم يكن عدوهم حقيقة ولكنه كان مجرد حصان طروادة يحتجون به لغزو العراق، أعداء الرجل كثيرين ولا يعني أن يكرهه العراقيون أنهم يحبون ملالي إيران، أنا لا أحب هتلر ولكنني لا أطيق اليهود أيضا. لابد أن رأسه العجوز كان مطلوبا من أكثر من جهة، لربما كان هذا يجعله يشعر بالفخر أنه استطاع أن يحتفظ بهذا الرأس كل هذه المدة.



:P