الحكومة العراقية يا رحمة والحكي للجميع ليست حكومة الشيعة، بل هي حكومة الحاكم بأمره جورج بوش و ملأه.

لكن هذه الحكومة تلحفت بثوب الشيعة وأتت بفريق من الشيعة أركبتهم على ظهور الناس وعلت في الأرض وجعلت أهل العراق شيعا تستضعف طائفة منهم تذبح أبناءهم وتستحيي نساءهم كدأب آل فرعون والذين طغوا من قبل.
ثم إن النظير للحكومة من شلل منحرفة غالية تستبيح دماء الآمنين دون ذنب اقترفوه لا يقدمون لها بديلا.

الشيعة مخطئون يا رحمة، مخطئون لأنهم لم يتبنوا موقفا شجاعا يسحب البساط من تحت أقدام الصورة الكرتونية المسماة الحكومة العراقية، ولم يبينوا أنها قرضاي العراق وأنها ليست ناطقة باسم المذهب ولا باسم الطائفة.
الحكومة لا تقدم نفسها كذك على العلن بالقول، إلا أن أفعالها لا تندرج إلا من خلال هذه الخانة من تفريق الناس شيعا وأحزابا.

أنت لبناني يا رحمة، وتعلم ما أدى به النظام الطائفي "الديمقراطي" التوافقي العالماني من مصائب في لبنان، وكيف أنه جعل السلم كورك على ضلع لا يكاد يستقيم، وهذا كله في بلد لا يتجاوز عدد سكانه حيا من بغداد. ولم يمر بأحداث تاريخية عظام، فما قولك ببلد ممصر عظيم ذو تاريخ مفصلي في كل الأحداث الهامة في الأمة، وشهد مقتل خير الناس وشرهم؟

خطأ الشيعة هو أنهم لم يبينوا الحكم الشرعي الواضح بالحكومة العراقية الحالية بشجاعة كما صنع المرحوم محمد باقر الصدر بحكومة صدام إبان قوتها وضعفه.

حين نقول الشيعة فنحن نعني تحديدا العلماء ممن يحملون لقب آية، من المجتهدين، المستأمنين على الأحكام.

لا يجوز للسيستاني وهو عالم ولا لغيره من علماء الشيعة أن يسكتوا دون بيان الحكم الشرعي، وهو خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد. وبصراحة بعد اطلاعي على التصريحات المنسوبة للسيستاني لم أجد فيها أي حكم شرعي، إن هي إلا بيانات سياسية غير مربوطة بأدلة. وهذا تضليل ما بعده تضليل.

أما عن صدام، فإن أردنا أن نحاكمه فعلا ونحاسبه ونعدمه، فعلينا أن نبدأ بذنوبه تجاه الأمة ذنبا ذنبا، وأول هذه الذنوب يشترك معه فيها كل الطاقم الذي قد حكم بعده، فكيف لعمري يحاكم مذنب مذنبا؟

صدام استحق القتل كما يزيد باغتصابه السلطة من الأمة وعدم الإتيان للحكم بطريقة شرعية، ولا أعني دستورية لأن الدستور يصيغه من هو في سدة القرار. طريقة شرعية أي عن طريق الأمة دون إكراه أو إلجاء أو مخادعة.
القوم الذين حكموا بعد صدام زادوا على إثم اغتصاب السلطة، والذي من الممكن التعايش معه حتى حين، زادوا عليه بإثم تمكين العدو من البلاد والعباد، وتفريق الناس شيعا وأحزابا متقاتلين متناحرين بما جعل العراق يسقط في هاوية لا قيامة منها إلا بتسليم أمره إلى دولة شقيقة غير طائفية، ترعى أمره حتى تنسى الناس القبليات الطائفية، كما صنعت سوريا بلبنان. إلا أن هذه الدولة قد عز وجودها إن لم يعدم بالكلية.
لا أنكر أن المجتمع في سوريا أو مصر أو الأردن كسائر المجتمعات المنحطة في "العالم الإسلامي"، بل لا يتصور وجود مجتمعات لا طائفية إبان الانحطاط، إلا أن الدول على هشاشتها وضعفها ليست طائفية، فلا يوجد في دستورها تقسيم للقوى بين القبائل، اللهم إلا نص لا يعمل به ولا مفهوم له حول دين رئيس الدولة!

صدام يستحق الإعدام على يد العراقيين وليس على يد الأمريكان ولا عملائهم، وحين يعدم صدام لا يليق أن يعدم لا هو ولا حتى يزيد في يوم عيد الله الأكبر، ولو كان من جرائمه إعدام الناس في هذا العيد.

لا يليق احتراما للذات قبل أن نحترم الرجل، لا يليق أن نسمي إعدامه إحقاق للعدالة لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وليس الجعفري ولا المالكي ولا الهاشمي ولا الطالباني بأهل عدالة ليحققوها، ولا حتى ذلك القاضي الذي سكت عن الحق دهرا طويلا ثم نطق فأتى بالفجور وعظائم الأمور.

قد تقول لي أن القاضي نطق بما هو واجب من إعدام للرجل، إلا أن القاضي نطق بسيف المحتل، فكان لسانا للعدو ولو قال صوابا فهو مخطئ.

ختاما، هل هناك مشروع سياسي واضح مقدم من قبل الشيعة في العراق لحكم العراق وفق طريقة معينة نستطيع أن ننظر إليها ونحاكمها بمعزل عن أصحابها؟
ماذا تريدون من العراق؟ وهل طلبكم هذا مبناه الشرع الإسلامي؟ أم مبناه العالمانية؟ أم مبناه شيئا غير ذلك؟