نرى التعصب الديني ضعفا في العقل ووضاعة في الأخلاق و بلادة في الإحساس
عبد المسيح .(f)
أشكر لك الوصلة .
يا سيد عبد المسيح .
أحب قبل أن أعلق على الشريط التأكيد أن العلمانيين المسلمين يرون أنفسهم طرفا أصيلا في مشكلة الأقباط في مصر ، فكل منهم يرى نفسه قبطيا طالما هناك تمييز ضد الأقباط ،هذا الموقف ليس منبعثا من الشهامة و الأريحية أو غيرها من المشاعر النبيلة رغم أنها موجودة بالقطع ، و لكن إدراكا للمصالح المشتركة لكل المصريين وتوقا لبناء مجتمع عصري على أسس صلبة من حقوق المواطنة ، إنهم لا يفكرون في الأقباط كمسلمين يتسامحون مع إخوان لهم في الوطن و يتفضلون عليهم بالمساواة الشكلية دون مضمونها ( لهم مالنا و عليهم ما علينا ) و لكن كمصريين يفكرون في مشاكل مصر وطنهم الحبيب ، إنهم يرون الطائفية و التعصب الديني ضعفا في العقل ووضاعة في الأخلاق و بلادة في الإحساس ، إنهم لا يفرقون في هذا بين مسلم و مسيحي و بين مصري و غيره من الشعوب ، هم ضد كل تعصب و ضد كل المتعصبين من كافة الأديان و الشعوب ،و بالأخص ضد الأصولية السنية و الشيعية و المسيحية لأنها الأخطر على مصر و شعوب المنطقة العربية .
رغم أني لا أقلل من مخاطر المشكلة القبطية و لكني لا أعتقد أنها أصيلة في المجتمع المصري أو عميقة الجذور بل هي عرض لمرض أعمق و أشمل وهو الأصولية الإسلامية السنية ، لقد أغتيل فرج فوده و طعن نجيب محفوظ ليس لكونهما أقباطا بل لكونهما مصريين ضد الطائفية و ضد التعصب ، رغم هذا أتفهم وجهة نظر بعض النشطاء الأقباط في أنه لا يجب ربط كل المشاكل في حزمة واحدة و لكن علينا حلها بالتوازي ،بل أرى أيضا أن أي اختراق تنويري و تحديثي في ساحة سيؤدي إلى اختراقات في ساحات أخرى ، و لكن علينا أن نكون حذرين فالأخطاء أيضا في ساحة ستؤثر سلبا على الساحات الأخرى .
في حواراتي مع أصدقاء من المثقفين الأقباط التي بدأت منذ حوالي 25 عام ولم تنتهي ، كنت دائما أدعوهم إلى التعبير بعقلانية و لكن بحسم ووضوح عن موقفهم من قضايا الوطن ، عن موقفهم من تطبيق الشريعة الإسلامية و نصوص الدستور و رفض مظاهر الدولة الدينية و التمييز الديني ، إن الصمت الخجول لن يقرأه أحدا أنه تعفف بل أنه موافقة ضمنية على التهميش وعلى أسلمة الوطن ، كثيرا ما أردد أيضا أن مشكلة الأقباط في مصر هي مشكلة تمييز طائفي و ليس اضطهاد طائفي سوى في حالات نادرة ، و بالتالي فالتقدير الخاطئ للمشكلة سيؤدي إلى معالجة خاطئة .
كما لا يمكن إطفاء النار بالنار فلا يمكن مواجهة الأصولية الإسلامية بأصولية قبطية مضادة بل بالليبرالية و العلمانية و الوحدة الوطنية الصلبة الحقيقية ، إن المكان الوحيد الذي يمكن أن نعالج فيه مشكلة الطائفية في مصر هي الساحات الليبرالية الحقيقية و ليس بالتقوقع في الساحات الطائفية و التي ستتحول للأصولية مهما حسنت النوايا ،و سنحصر أنفسنا في نوع من التراشق الطائفي بلا جدوى سوى مزيدا من تمزيق الوحدة الوطنية أغلى ما حققته مصر طوال تاريخها الحديث .
أثبتت تجربة العراق أن التدخل الخارجي يلهب المشاكل ولا يحلها يدمر الأوطان ولا يبنيها ، إن عقلاء الأقباط المصريين يرفضون تدويل مشكلة الأقباط قبل المسلمين ، إن محاولة حل مشاكل الأقباط خلال أمريكا و العمل مع اللوبي الصهيوني هو كارثة تامة ولا يخدم ذلك سوى الأصولية الإسلامية وسوى التعصب و الإرهاب ، أمريكا لا يهمها سوى مصالحها و مصالح إسرائيل فقط ،وهي في ذلك تستغل التمييز ضد أقباط مصر ضمن أجندة قاسية لا تحفل فيها بمصر ولا مسلميها ولا أقباطها .
في الخلاصة لا أريد أن نقلل من خطورة مشكلة الأقباط و لكني أريد أن نراها في حقيقتها مشكلة مصرية تهم كل المصريين .

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	الحضارة الغربية هي أعظم حضارة في تاريخ البشرية ...	العلماني	30	2,011	09-22-2014, 02:54 AM آخر رد: Dr.xXxXx
	تاريخ الخلافة السعيد	حائر حر	17	3,843	12-20-2011, 07:24 AM آخر رد: S E 7 E N
	حقد على الحجاب أم تاريخ منسي للمرأة الغربية؟	الحوت الأبيض	34	9,678	10-25-2011, 04:20 PM آخر رد: على نور الله
	لماذا يشتكي المسيحيون من الاضطهاد	minatosaaziz	3	1,441	07-06-2011, 11:37 PM آخر رد: طريف سردست
	أهمية طرح تاريخ الدولة الأسلامية الأن	الحكيم الرائى	28	6,652	06-03-2011, 05:01 AM آخر رد: عاشق الكلمه