الديمقراطية و العدالة و الحرية ليست نصوصا ولا ممارسات إنتقائية و لكنها روح ،و دولة إسرائيل كالآلهة العبرية القديمة تدعي الفضيلة و لكنها بلا روح ، فقط ذيولها تملأ المكان .
عزيزي جود فازر .(f)
تحياتي .
أريد أن اخاطبك خارج شعارات القوميين و هلوسات الإسلاميين و حتى النقد العقلاني ، أريد فقط أن أشاطرك بعض الأفكار التي ربما كنت أنا مصيبا فيها أو مخطئا ،و أريد أن أسمع رأيك فيها .
لا أرى أنه من الصحيح أن نتخذ مواقفنا السياسية خلال حوارات ( مهاترات ) الشبكة ، هذا كان موقفي دائما وهذا أيضا كان ردي على مداخلة لصديقي العزيز الحكيم الرائي عند تحدث عن مشاركين شيعة يتباهون بقتل سنة العراق ، هذا هو موقفي أيضا من القضية الفلسطينية ، فكثير من الأخوة الفلسطينيين يكونون عصبيين جدا في حواراتهم وخاصة فيما يتعلق بنظام صدام حسين و شخصه ، و قد نلت شخصيا الكثير من شظايا تلك المعارك ، بل ربما يتمادى البعض فيجعل مخالفيه مجرد خونة لا أقل ، و أتذكر أني أخبرت بعضهم أن أفضل ما يخدمون بهم القضية هو التوقف عن الحوار !، هذا كله شيء و الموقف السياسي من القضية الفلسطينية شيء آخر تماما ، فموقفنا من القضية الفلسطينية مستمد من عدالتها و ليس من القدرات الحوارية للأخوة الفلسطينيين أو حتى من علاقاتنا بهم ، القضية الفلسطينية هي قضية عادلة وفقا لأرقى المعايير الإنسانية .. عادلة في عين المصري و الفرنسي و الصيني و حتى الأمريكي المنصف على السواء ، و ليس من المصادفة أنه حتى كارتر و بريجنسكي يؤكدان خلال شهر واحد تقريبا خطأ الموقف الأمريكي المنحاز بصلف و غباء لإسرائيل ، إن جوهر القضية الفلسطينية يكمن في الموقف التوراتي الأصولي لقادة إسرائيل منذ عهد بن جوريون حتى الان ، إن الديمقراطية و العدالة و الحرية ليست نصوصا ولا ممارسات إنتقائية و لكنها روح ،و دولة إسرائيل كالآلهة العبرية القديمة تدعي الفضيلة و لكنها بلا روح ، فقط ذيولها تملأ المكان .
إن الحقوق الفلسطينية مرتبطة عضويا و بلا أي مبالغة بأفضل القيم البشرية و أدعاها للإحترام بل و للقداسة ، ربما كان يهود إسرائيل أعلى تعليما و أكثر تأثيرا و أكثر تأنقا و لكن الحقوق لا علاقة لها بالتعليم و الأناقة بل بالقيم الإنسانية السامية .
هناك أيضا نقطة أخرى أذكرها إنصافا للحقيقة ، هناك الكثير الذي قيل عن تدخل عربي ضد الشيعة في العراق و دور الفلسطينيين فيه ،وربما تباهى بعض المحاورين الفلسطينيين بهذا كله ،و لكن الحقائق الرقمية تقول شيئا مختلفا .. إن من بين أكثر من 30000 مقاتل سني في العراق هناك حوالي 2000 فقط من خارج العراق ،وربما أصبح عددهم الآن دون 1000 و معظمهم من السعوديين ولا يمثل الفلسطينيين منهم نسبة تذكر ربما عشرات قليلة !، فلماذا لا نواجه الحقائق الصلبة .. المشكلة في جوهرها مشكلة عراقية ،و الحديث عن شعب متجانس يعاني من التدخلات الخارجية هو مجرد وهم ، إن الشعب الفلسطيني هو شعب صغير يعاني مظالما لا تطاق و تحميله مشاكل العرب خطأ بين حتى لو ادعى بعض الفلسطينيين أنهم يحملونها بالفعل !.