عزيزي جود فازر .
تحياتي .(f)
أفرق دائما بين التفاصيل وجوهر القضية ، هناك بالقطع أخطاء للفلسطينيين كغيرهم ،و لكن تلك الأخطاء لا تمنعنا من رؤية حقوقهم الواضحة ، سأخبرك عن قصة قصيرة حدثت لي ، هناك صديق مسيحي ( مصري – لبناني ) كان دائما متشككا في الخطاب الرسمي الذي يدين إسرائيل و يراه كاذبا كغيره من الإعلام العربي ، و قد افترقنا لسنوات طويلة حتى قابلته منذ سنوات قليلة لأجده معاديا لإسرائيل بشدة حتى أنه و رغم كونه علماني ولاديني كان مناصرا لحسن نصرالله و بحماس كبير ، كل ذلك دفعني للتساؤل عن السبب ،و كم كانت مفاجأة أن الذي غيره 180 درجة هو متابعة البي بي سي في ذكرى إنشاء إسرائيل الذهبي عام 1998 ، هذه المتابعة لمصدر محايد بل منحاز نسبيا لإسرائيل جعلته يدرك الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل من أجل إنشاء دولة دخيلة هي في النهاية نبؤة توراتية عنصرية و مجرد مشروع استعماري .
يا عزيزي أؤكد لك أن موقفي من إسرائيل ليس عنصريا و لو كنت يهوديا ما ترددت في إدانة جرائم اليهود في فلسطين ولو ارتكبت مصر نفس الجرائم لأدنتها بلا تردد . إنني ضد الأصولية الإسلامية و أيضا ضد الأصولية اليهودية التي أفرزت إسرائيل ، إسرائيل ليست الدولة الديمقراطية الرائعة التي تحاول ان تبدوا بها ،و لكنها مجتمع أصولي يقوم على التمييز العنصري ، نعم ربما كان الشعب الإسرائيلي مثل الشعب الفلسطيني يريد السلام ،و لكن حكامه يبحثون عن أمجاد وهمية و لا يريدون السلام بل يريدون فرض نوعا من الإستسلام على الفلسطينيين بل و المنطقة كلها ، وهذا لن ينجح بل سيقود المنطقة و في القلب منها اليهود إلى حمامات الدم التي لا تتوقف ، إنني لا أردد محفوظات القوميين العرب و لكني أقرر ما يقرره الآن كثير من الإسرائليين المنصفين أمثال المرحوم إسرائيل شاحاك ( اليهود و اليهودية .. ثلاثة آلاف عام من الخطايا ) و ( الأصولية اليهودية في إسرائيل ) و دومنيك فيدال و جوزيف الغازي ( خطيئة إسرائيل ) و غيرهم كثير ، هناك بالطبع روجيه جارودي الفيلسوف الفرنسي في كتابه الشهير ( الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية ) ، وعن الأكاذيب التاريخية هناك كتاب كيث وايتلام الهام (اختلاق إسرائيل القديمة) .
إنني مثلك أيضا واقعي وضد أدلجة الصراعات السياسية و أرى ضرورة إيجاد حلا سياسيا للمشكلة الفلسطينية ،وهذا لن يتحقق إلا إذا توقفنا جميعا عن إشراك الفلسطينيين في الصراعات العربية و دعمنا قضيتهم بكل طاقتنا ، ليس فقط لصالح الفلسطينيين بل لصالح المنطقة كلها .