كذب الوزير
عسى أن لا يكون التدجيل هو البرنامج الوحيد للحركة التطويرية الإعلامية
لفت أحد الأصدقاء نظري إلى اتهامات وردت في نص مداخلة للدكتور

مهدي دخل الله وزير الإعلام في ندوة حول الحريات والمجتمع في فكر البعث يقول فيها بالحرف

" لكن حصلت في الفترة الأخيرة خطوات تؤكد حيوية هذا المجتمع عن طريق السماح بحرية التعبير.

اجتمعنا في البي بي سي وكان إلى جواري المعارض السوري الكبير ميشيل الذي يمثل الشعب السوري وطبعاً " كل يدعي وصلاً بليلى " والجانب الآخر الأستاذ حسين العودات وهناك مماحكة وادعاء على الأوضاع في سورية.

وهم ينتقدون أمام الأجانب وفي فندق الشام وبحضور معاون السيد وزير الإعلام . ولم يسأل أحد ، وأنا قلت هؤلاء يعارضون ولا أحد يسألهم أليس هذه حرية تعبير.

برهان غليون من فرنسا يتكلم وينتقد ، النغمة التي يحفظونها عن ظهر قلب ، فقلت شيئاً واحداً فقط برهان غليون أنت تقول أنك تأتي إلى سورية وتلقي محاضراتك وعلى حساب الدولة في المراكز الثقافية هل منعك أحد" .

ما كان بودي الرد على هذه التهم الموجهة لي، والتي لا يخفى على أحد عريها عن الصحة، خاصة وأنها صدرت عن السيد الوزير قبل تسلمه منصب الوزارة عندما كان مديرا لدار البعث. لكن بما أن النص ومداخلات الندوة لا يزالان على موقع: حزب البعث العربي الاشتراكي على الانترنيت حتى اليوم ومن الممكن للجميع قراءتهما لم يعد لدي مهرب من الرد عليها توخيا للحقيقة وتجنبا لسوء الفهم. فمن الواضح أن المقصود من هذه التسريبات غير البريئة هو التشكيك بصدقية المثقفين السوريين في سبيل عزلهم عن مجتمعهم وعن بعضهم البعض في إطار ما أصبح يشكل سياسة إعلامية تقليدية وثابتة عند حكوماتنا للتغطية على الغياب المؤلم لحرية التعبير وتضليل الرأي العام السوري والعربي معا وفي ما وراء ذلك تأجيل استحقاقات الإصلاح والتغيير المنشودين إلى أجل غير مسمى.

والحقيقة، كما يعرف جميع الأصدقاء وأعضاء الوسط الديمقراطي الذي أنتمي إليه، ليس لكلام الوزير أي علاقة بالواقع. فأولا لم يحصل أن توجه لي بمثل هذا الكلام في أي محفل وثانيا أنا لم أقل وليس لي مصلحة ولا يمكن لي أن أدعي كاذبا أنني أتيت أو آتي إلى سورية لألقي محاضرات على حساب الدولة، وثالثا ليس من الصحيح أنني لم أمنع كما منع غيري من العديد من الفرص للحديث في مجلس جماعي خاصة وأن الحكومة قررت، منذ ربيع دمشق في شهر سبتمبر 2001 إغلاق المنتديات (أي الصالونات الفكرية الخاصة) وسجنت الكثير من منشطيها ولا تزال تلاحق الكثير من الناشطين وتمنعهم من القيام بأي عمل يتضمن الممارسة الطبيعية والشرعية لحقهم في التعبير العلني عن آرائهم ومواقفهم في الجامعة والشارع والمراكز والمؤسسات العامة كافة.

أريد أن أؤكد لجميع أولئك الذين قرأوا أو يمكن أن يقرأوا مداخلة السيد الوزير أنني لم أدع أبدا لإلقاء أي محاضرة من قبل الحكومة السورية أو إحدى مؤسساتها القريبة أو البعيدة ولا على حسابها، ولم تفتح لي أي مراكز ثقافية كما لم تفتح لأحد غيري من المثقفين العاملين في الحقل الديمقراطي. إن ما يحصل، وحتى هذا أصبح نادرا بسبب الملاحقات المتكررة لجمهور الحاضرين وتدخل قوى الأمن السريع، أن بعض الأصدقاء أو الناشطين الديمقراطيين يستفيدون من زيارتي الشخصية لسورية، كما يفعلون مع الكثير من المثقفين الآخرين، لعقد لقاء ونقاش مغلق ويكاد يكون سريا في إحدى الدور العربية القديمة أو في أحد الصالونات وأحيانا في شقق ضيقة يختنق عشرون شخصا فيها. وقد اعتدت أن أبدأها - تخفيفا من مشاعر الأسى التي تحيط بمثل هذه اللقاءات في القاعات شبه السرية التي تذكر بما كان يقوم به مسيحيو الجيل الأول في الامبراطورية الرومانية - بالتمني أن يأتي يوم يصبح من الممكن للسوريين أن يعقدوا نقاشاتهم علنا في المراكز الثقافية التي يدفعون من عرقهم تكاليف إنشائها بينما يحتكر الحزب الحاكم وحده حق الحديث فيها.

ومع ذلك نحن نقول للدكتور الوزير الذي يريد أن يكون أو يصر على أن يكون إصلاحيا ونحن نهنئه على ذلك أننا لم نفقد الأمل في أن تتضمن مبادرات التحديث والتطوير في الميدان الإعلامي السوري شيئا آخر أكثر تماسكا وصدقية مما ذكره وأراد له أن يكون البرهان الساطع على سياسة الانفتاح الإعلامي العتيدة التي لم يكف عن الوعد بها قبل استلامه منصب الوزارة وبعده.

يمكن للقارىء أن يقرأ مداخلة الدكتور مهدي دخل الله على العنوان الاليكتروني