حيوية الإمام الحسين عليه السلام في هذه البيئة

لقد ذكر المؤرخون بأن الإمام الحسين عليه السلام كان يزداد صلابة كلما مرت عليه مصيبة ، وكلما مرت عليه محنة يشرق وجهه نوراً، وهذه هي صفات المؤمن "مثل المسمار كلما زاد عليه الطرق يتجذر أكثر في الأرض، كما يقول الإمام الصادق عليه السلام:
"[color=/blue]المؤمن أصلب من الجبل".

الإمام الحسين عليه السلام عاش في مجتمع مقهور ومستضعف ومسلوب الحقوق، لكنه لم يستسلم لذلك الواقع ، وبقي لوحده يحمل الحيوية والفاعلية، وكان مستهدفاً أكثر من بقية الناس من قبل النظام الأموي. ورغم ذلك كان ينتظر الفرصة المناسبة كي يوقظ الضمائر وينبه الناس من سباتهم العميق، وهذا سر من أسرار عظمة الحسين عليه السلام. .

لقد ثار في وجه الأمويين عندما رأى بأن الظرف قد حان لذلك، وتحدى كل شيء، حتى أن أقرب المقربين إليه جاءوا إليه كي يثنوه عن عزمه وعن قراره ، لكنه قابلهم بالرفض،
والغريب أن شخصية مثل ابن عابس يأتي ليثني الإمام عن الثورة قائلاً له: "أقعد في شعاب اليمن وجبالها، واترك الأمويين"، فهذا الموقف يحتاج إلى تأمل ، لأن ابن عباس لم يكن تلك الشخصية العادية في الإسلام (حبر هذه الأمة) ، والعالم موقفه خطير في الأمة لأنه بكلمة واحدة يمكن أن يرفع الأمة إلى السماء أو يهبط بها إلى الحضيض، ولهذا على العالم أن يكون موقفه منسجماً مع موقف الإسلام في كل ظرف وآن.

فلم يكن سوى الحسين عليه السلام في تلك الساحة ينبض بالحياة والمواقف الصلبة التي أعادت للإسلام حياته من جديد، وخلقت أسباب استمراريته إلى يوم الدين، ويمكننا أن نستقرئ ذلك من خلال مواقف الإمام الحسين عليه السلام من بدايات تحركاته إلى يوم استشهاده عليه السلام ، وأول موقف له كان في المدينة عندما استدعاه الوليد والي يزيد على المدينة وطلب منه البيعة ليزيد، فكان جواب الإمام عليه السلام:
"أيها الأمير، إنا أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، بنا فتح الله ، وبنا يختم، ويزيد رجل شارب للخمر ، وقاتل النفس المحترمة، معلن للفسق ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أينا أحق بالخلافة"

بهذا الموقف بدأ الإمام الحسين عليه السلام ثورته ، وبهذا الموقف أعاد الإمام عليه السلام للإسلام نبضه وحيوته ، وبهذا الموقف وما تلاه من مواقف تخلدت ثورة الحسين لتكون أنموذجاً أوحداً للثورات الفاعلة في تاريخ الإسلام ، بل وعند غير المسلمين كما هو المعهود عن غاندي قائد الثورة الهندية.
ربنا وفقنا للاستفادة من الحسين ومواقفه، وارزقنا شجاعة الحسين وقلبه النابض، وتوفنا ونحن مسلمون.

[/color]