إذا تفكرنا في المسيح عليه السلام كآية للناس فإننا نستنتج أنه كان آية في كل مراحل حياته : من يوم مولده إلى يوم مماته، وأن الطريقة التي جاء بها إلى الدنيا ( يوم مولده) يجب أن تكون مماثلة للطريقة التي يغادر بها الدنيا (يوم موته).
ولادته (شبهة) للناس أزالها الله بتكليم الصبي في المهد ، ولأن اليهود قلوبهم قاسية لم يغير كلام المسيح في المهد من اتهامهم لمريم شيئا،
اليهود ماديون لا يصدقون إلا الأسباب ، وشبهتهم نحللها كما يلي :
- ادعوا أن عيسى جاء بأسباب بشرية وحيثية زعمهم مبنية على سبب واحد وهو أن المسيح خرج من بطن أمه مثل أي مخلوق ، وكل المخلوقات التي تولد لا بد لها من ذكر يلقح الأنثى .
مثلهم كمثل رجل أصاب رجلا آخر بجرح في كف يده أو في رجله (بواسطة شوكة أو مسمار) فمات الرجل بعد 5 دقائق ليس بسبب المسمار وإنما لأن الله أراحه بالموت .
الرجل الأول ظن أنه هوالسبب في القتل ، هي شبهة قتل ، فكما كانت
شبهة اليهود مبنية على سبب واحد وهو أن المسيح خرج من بطن أمه كما يخرج أي مخلوق له أبوان كذلك فإن الشبهة هنا هي المسمار .
كذلك تكون شبهة موت المسيح عليه السلام مماثلة لشبهة مولده.

إذن فالآية : وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ) لا تعني (الشبيه) وإنما (الشبهة) ، والفعل إذا لم يحقق الغرض المطلوب فكأنه لم يقع ، وإذا لم ينجز الفعل على أتم وجه فكأنه ماووقع ، وباعتراف النصارى فإن الصلب لم يتحقق كما ينبغي أن يكون إذ أن كل ما فعله اليهود والرومان هو تسميره ب 3 مسامير ، ولما أرادوا أن يتموا عملية الصلب كما ينبغي (بكسر الساق) وجدوه قد مات فلم يكسروا ساقه.
إذن فنفي القتل والصلب في الآية هو نفي تحقيق الغرض المترتب عن عدم تنفيذ الصلب كما ينبغي أن يكون . إذن فهو نفي شبيه بالنفي في هذه الآية : فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم ، كذلك اليهود لم يقتلوا المسيح ولم يصلبوه ولكن الله هو الذي توفاه.

لقد مكر اليهود بعيسى ومكر الله بهم وهو خير الماكرين.
فماذا كان مكرالله ؟
الجواب : إني متوفيك ورافعك إلي...
لم يكن المكر هو أن يلقي الله شبه عيسى على أحد ، فلو كان الشبيه هو الذي صلب لكان الله أولى بذكره فهو سبحانه الشهيد على الحادثة
وكفى بالله شهيدا . في شهادته الحق والكمال ، وما كان الله ليشهد في قضية شهادة ناقصة تحتاج لأقوال بشرية لتتم ما لم يكمله الله.