منذ إستخدام الحاكم الاموي لرجال الدين في تشريع سلطته السياسية لاخضاع القطيع، تزايد صعود نفوذهم السياسي ودورهم في تثبيت قواعد الدولة وتسهيل إدارتها من قبل الحاكم المطلق، ليصل الى قمته في الدولة العباسية.

مع تزايد اهميتهم في إدارة الدولة إزدادت المنح والمكافآت والعطايا والنفوذ والهيبة الى درجة كبيرة، جعلت الارتزاق من خلال الدين اكثر ربحاً واستقراراً من العمل الجسدي المضني الذي كان يميز الاوائل.

وفي سبيل تجذير هيبتهم واهمية كلمتهم من اجل ضمان إنصياع العامة لهم، وبالتالي رفع " ثمنهم" عند السلطان، اصدروا الفتاوي التي "تسمم" جسمهم لرفعهم عن العامة وإضفاء هيبة مقدسة عليهم. ملالي الشيعة اتبعوا طريقا اخر، لقد نسبوا القدسية لنفسهم من خلال الانتماء الى " بيت الرسول"، وبالتالي آمنوا مصدرا للرزق لاينضب.

في صراع المؤسسة الدينية لابقاء سلطتها على عقول الناس لم تختلف في ممارساتها عن المؤسسة الدينية الغربية: الكنيسة. لقد وقفت المؤسسة الدينية الاسلامية ضد العقل وضد العلم، فحرمت تعليم النساء، وحرمت الكيمياء والفلسفة والعلوم الطبيعية بعد ان وصلت الحضارة الاسلامية الى مستويات متقدمة.

ولم تكتفي المؤسسة الدينية بذلك بل استخدمت التكفير والتكلم بالنيابة عن الله والوصاية على الدين سلاحا للتخويف والابعاد عن العلم، ليصبح العلم الوحيد المقبول هو العلم الشرعي، تماما كما فعلت الكنيسة.

وكما فعلت الكنيسة بالوقوف ضد القول بدوران الارض، وقفت المؤسسة الدينية ايضا نفس الموقف تماما، فرفضت القول بدوران الارض ورفضت القول بأن الشمس هي المركز وليس الارض.

وبالرغم من ان المؤسسة الدينية المسيحية قد تخلت عن موافقها هذه منذ القرن الخامس والسادس عشر، استمرت المؤسسة الاسلامية بالتمسك بخزعبلاتها حتى القرن العشرين، وبعض الافراد منهم لم يتغير حتى اليوم.


وتحت ضغط التتطور العلمي العاصف، وبسبب ان المؤسسة الدينية الاسلامية لازالت تملك نفوذا عميقا في ضمير الانسان المسلم المعاصر، تحاول المؤسسة الدينية الاسلامية ليس فقط تحاشي التذكير بتاريخها المعادي للعلم وانما تحاول ايضا ركوب موجة العلم من خلال احتوائه ضمن مايسمى " الاعجاز العلمي" متخلية عن تراثها القائم على التمسك بتفسير السلف.

ومهما كانت التكتيكات التي تستخدمها للاستمرار بالوصاية والارتزاق، لازالت تشكل مصدر إعاقة الحركة العلمية في الوطن العربي بخزعبلاتها التي تزرعها عن السحر والعين والايمان بالقدر والابتعاد عن التفكير العلمي القائم على الشك ورفض الاقوال الجاهزة وبنشرها للطائفية والتمييز الجنسي والديني ورفضها لمشروع المواطنة.




هل لدينا امل باللحق بركب العلم، إذا لم نتمكن من كشف المعوقات ورفضها؟
_