احب ان ارد على سؤال الزميل العزيز طنـطاوي


اولا مصر دخلت في حوزة الاسلام عام 640 ولم تخرج منه حتى الآن وبذلك حل ذلك الدين رويدا رويدا حتى ساد اغلب سكانها ولغته كذلك بدات تسود مصر حتى القرن التاسع عشر

لكن هل الاسلام والتحولات التي احدثها هو المسئول عن انفصال مصر عن قوميتها المصرية الفرعونية (؟) الإجابة بالتاكيد لا

لأنه في الواقع كانت مصر قد نبذت تاريخها الفرعوني المصري عندما تحولت من الأوزيرية إلى المسيحية ومن الخطأ ان نحمل العرب تبعة تخريب المعابد المصرية وقطع اللغة المصرية لأن المسئول الأول هم المسيحيين الاوائل حين اصدر الإمبراطور "تيودوسيوس" عام 395 ميلادية امره بايقاف العبادات غير المسيحية فراح مسيحي مصر في هدم المعابد وتخريبها وتحويلها الى كنائس وتضييع مفتاح الكتابة المصرية الهيروغليفية والديموطيقية لصالح اليونانية لغة الانجيل .

ومع ذلك تاثرت مصر المسيحية بالعالم المسيحي والحق يقال انها تاثرت قبل ذلك ولكن بتاثيرات خفيفة من الامبريالية المقدونية ( حتى ان الجلبية وهي الملبس الرسمي للمصريين ناتج عن التاثير الاغريقي) ومع فرض المسيحية حاول المصريين التملص من فرعونيتهم بشدة فذابوا في البحر الروماني بشدة ايضا

الباحثين في علم الاجناس يرون ان الجنس المصري لم يتاثر في غالبيته بالاختلاطات الكبيرة بالاجناس الاخرى من فرس ويونان ورومان وعرب وشركس وترك وقوقاز فعلى السبيل المثال المؤرخ الكبير "إرمان" يقول : أن هذا الشعب الذي سكن مصر القديمة يعيش حتى الآن في السكان الحاليين لهذه البلاد

صحيح ان المسلمين المصريين يعانون حالة فصام بين مصر الاسلامية وما سبقها فالمسلم ينظر الى الاسلام كهوية وحضارة له ، كذلك المسيحي ينظر ذات النظرة ويعتبر تاريخ بلاده يبدأ من كرازة مرقس (الرسول)

نهاية : نحن مصريون وننحدر من الشعب الذي عاش على ارضها عشرين الف سنة ، مرت علينا حضارات مختلفة يونان 300 سنة رومان 670 سنة عرب 228 سنة طولونيون (اتراك) 37 سنة إخشيديون (اتراك) 34 سنة أيوبيون (اكراد) 74 سنة مماليك (جنوب روسيا ووسط اسيا) 267 سنة اتراك (عثمانيون) حوالي 400 سنة وانجليز 72 سنة وفرنسيين 3 سنوات هذه التعددية الحضارية هي قوة في حد ذاتها .

لكن الهوية بالأرض واللغة ليس حكما على الهوية فامريكا اللاتينية كلها عدا البرازيل تتحدث الاسبانية والبرازيل تتحدث البرتغالية ولم يقولوا نحن اسبان او برتغاليين وخمس دول افريقية تتحدث الفرنسية ولم يقولوا نحن فرنجة والولايات المتحدة امريكية وليست انجليزية

الشعوب المتحضرة والمتقدمة تلتفت حول القومية ونهضة اوربا كانت باحياء القومية والثورة الصناعية والاصلاح الديني

وهذه النهضة حاولت مصر إحيائها في بداية القرن العشرين ولك ان تتخيل وتسأل نفسك هذا السؤال: لماذا لم تعرف مصر منذ وصول "مرقس" و "ابن العاص" شاعرا كشوقي وخطيبا كسعد ونحاتا كمحمود مختار وملحنا كسيد درويش وقانونيا كالسنهوري ومطربا كعبد الوهاب او ام كلثوم ومعلما كلطفي السيد ؟؟؟؟؟؟؟

الاجابة هي الكلمة السحرية التي اخرجت هذه الكنوز هي (القومية المصرية) حين انتمت مصر الى ابنائها فلاحين وشوام ويهودا ويونانيين وغربيين فانتمى اليها المصريون اخرجت كل ذلك !!

فالامبراطورية أي امبراطورية تنهار حين تقوم على الدين أو العرق اما القومية فهي البوتقة التي تضم الجميع بداخلها ، فالشعوب الناطقة بالعربية مختلفة وليست واحدة والحدود مقدسة وليست مصطنعة ، القومية المصرية هي الحل والعلاقة مع الجوار تبدا بالمصلحة المشركة للشعوب المتجاورة وبالتفاهم ، لكن علينا معرفة هامة ان بلدان الشام (وهي بلاد عربية رغم ان لها جذور سريانية ولكنها تنكرت من اصولها السريانية على مايبدو) هي امن مصر ومصر هي (أمن لتلك البلاد) منذ وضع " تحوت موسى الثالث" خط "حلب" كخط لأمن مصر الرسمي ...

تحياتي للجميع
:wr: