حين الحديث عن الحكم الإسلامي ينبغي أن نتوقف عند النقاط التالية :

*إن تاريخ آخر دولة حكمت بالإسلام يعود إلى العام 1924 حينما أنهيت دولة الخلافة الإسلامية ودخل الاستعمار الأوروبي إلى أقطار العالم العربيّ والإسلامي.
* امتدت دولة الإسلام في الحكم منذ تأسيسها في المدينة المنورة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العام 1924 لفترة تربو على الأربعة عشر قرنا من الزمان ومرت بفترات تتراوح بين الذهبيّة وما دون ذلك .
* لم يعرف المسلمون طوال تلك الفترة من الزمن أحكاما غير أحكام الإسلام الحنيف.
* حصلت في بعض فترات الحكم الإسلامي بعض الإساءات في التطبيق ناجمة عن فهم مختلف للنصوص الشرعيّة وذلك لأن الحكّام ذوو طبيعة بشريّة محضة وليست لهم صفة قداسة أو عصمة.
*مع انهيار آخر دولة خلافة إسلامية وقبيل انهيارها ظهرت بعض النزعات والأفكار الليبرالية والعلمانيّة في أوروبا التي عانت الأمرين من سطوة الأكليروس والكهنوت الذين وقفوا سدا منيعا في وجه التقدم العلمي والتقدم مما دفع الفلاسفة والمنظرين لان يضيقوا بهم وبالدين درعا فبرز تياران : تيار الحادي دعا إلى نبذ فكرة الدين من الوجود وتيار دعا إلى تحييد الدين من الحكم نظرا لممارسات الكنيسة في أوروبا في تلك الحقبة من الزمن.
* مع انتشار الاستشراف والاستغراب والبعثات العلميّة تنقل كثير من الشخصيّات العربيّة إلى أوروبا وتشربوا تلك الأفكار ورجعوا دعاة لها بين أبناء أمتهم فظهرت الأحزاب القوميّة والشوفينيّة واليسارية والليبرالية ممن حاولوا قياس الحالة الأوروبية وإسقاطها على الحالة العربيّة .
* في تلك الفترة أيضا ظهرت بعض الحركات الإسلامية التي أخذت على عاتقها العمل لاستئناف الحياة الإسلامية إلى الوجود مرة أخرى فظهرت حركة الإخوان المسلمون في مصر في العشرينات وحزب التحرير في فلسطين في أوائل الخمسينات وبعض الحركات الإصلاحية الأخرى.
* وصلت بعض الأحزاب العقائديّة إلى الحكم كحزب البعث في سوريا والعراق وخاضت مصر تجربة تكاد تكون أشبه بالاشتراكيّة أيام عبد الناصر وخاضت بعض الدول التجربة العلمانيّة كتونس مثلا وتركيا (والتي هي من منظومة الدول الإسلامية) .
* نجحت بعض التنظيمات الإسلامية في الانتخابات نجاحا كاسحا (وهذا دليل رغبة حقيقيّة لدى الأمة بحكم الإسلام) كما حدث مع جبهة الإنقاذ في الجزائر والتي وئدت تجربتها في مهدها وتم إلغاء الانتخابات مما حول بعض من أفرادها إلى العمل الماديّ المسلح لشعورهم بالغبن والظلم وأن الديمقراطيّة لم تكن لتشملهم ونفس الشيء ينسحب على الحركة الإسلامية في تركيا بقيادة نجم الدين اربكان والتي عانت كثيرا من ويلات العسكر واضطرت إلى تغيير اسمها مرات ومرات ومن ثم تغيير جلدها إلى حركة علمانية بحتة مسايرة للعسكر .
* تم قمع الحركات التي تدعو إلى الإسلام السياسيّ في معظم الدول وملاحقة أفرادها وسجنهم ومنعهم من السفر ومحاربتهم في أرزاقهم بل وقتلهم واستئصالهم بالكامل في كثير من الدول مما حدا ببعضها حمل السلاح واستخدام العنف واللجوء السياسيّ إلى خارج الوطن .
* كل أعضاء نادي الفكر العربيّ بمن فيهم صاحب الموضوع ولدوا في ظل غياب دولة تحكم بالإسلام نظاما وشريعة ومنهاجا إذا ما استثنينا بعض الدول التي طبقت بعض القوانين الجزئية من الإسلام كالأحوال الشخصيّة مثلا أو الحدود والتي طالما ارتبطت بذهن الأغلبية على إنها هي الإسلام علما بان آيات الحدود في القرآن الكريم لم تتجاوز بضع آيات (أظنها ست آيات) وبالتالي لايوجد عندنا نموذج حكم إسلامي معاصر حتى نحاججه أو ننتقده أو نعرف مزاياه من مثالبه ،وفي حالة حماس فهي جزء غير مؤثر في إقليم لايتمتع بالسيادة أو السلطة ورئيس سلطتها نفسه بحاجة إلى أذن من جلاديه ليسافر أو يفعل أي أمر وهذا ليس انتقاصا مني لشخصه بل تقرير أمر واقع كونه وبلده يرزح تحت نير احتلال غاشم ،وقد قرانا في السياسة أن العناصر الواجب توافرها في الدولة هي ثلاث : الأرض والسيادة والشعب فحماس بشعب فقط ولا تملك السيادة فلذا كان انتحارا سياسيا قبولها بالدخول في المعترك السياسيّ لأنها ستفشل أو سيتم إفشالها .
وعند الحديث عن حركة طالبان فيجب علينا ألا نغفل العنصر الزماني والمكاني : فطالبان كحركة لم تدم سوى بضع سنوات في وسط من الحروب والفتن وفقر الإقليم وقلة الموارد وتآمر الجيران عليها والتربص الأمريكي فلا يمكننا اختزال الإسلام كله في حركة طالبان .
* الإسلام هو عقيدة وشريعة : يحتوي على نظام اقتصادي ونظام سياسيّ واجتماعي متكامل احترم العقل ودعا إلى الاجتهاد والإبداع واستنباط الإحكام التي تتناسب مع الزمان والمكان بما لا يخرج عن الخطوط العامة لعقيدة المسلم ولعل الحديث الشريف واضح في هذا المجال في حادثة تأبير النخل عندما قال صلى الله عليه وسلم :( أنتم اعلم بشؤؤن دنياكم) وقد رأينا إبداعات المسلمين في مختلف العصور في شتى المجالات والعلوم ولم تنكب الأمة إلا حينما نكبت بدينها نظرا لجهل الأبناء من جهة وتخاذلهم من جهة أخرى وتقاعسهم عن التدبر والتفكير والبحث وإعمال العقل الذي ورد ذكره ومشتقاته في القرآن الكريم أكثر من ثلاثمائة مرة.

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	كيف ينظر الإسلاميون إلى المرأة ؟؟	Logical Man	5	1,487	06-18-2008, 09:31 AM آخر رد: yamama
	الإسلاميون ومأزق الحضارة	Awarfie	1	603	07-20-2007, 05:30 PM آخر رد: Awarfie
	اذا أردت أن تعرف ماذا سيجري في سوريا.عليك أن تعرف ماذا يجري في الاكوادور..??!!!	بسام الخوري	4	1,588	08-20-2005, 11:20 PM آخر رد: هملكار
	الإسلاميون ومبدأ الشرعية المتساوية...	not we	4	863	08-16-2005, 02:14 PM آخر رد: إسماعيل أحمد