ولكن ليست "عموميته" بل بضعة نقاط بعينها تتعبني، وأعلم بأن لي تحفظات كثيرة عليها.

هذه النقاط هي :
1) السوق الحر (المشكلة ليست في "المبدأ") ..

2) العولمة

3) التطبيع

السوق الحر لا يستطيع أن يكون "حراً" تماماً. فقيام السوق على "توازن العرض والطلب" فقط لا يوجد إلا في الكتب الاقتصادية لكبار المتفائلين في العصر الرومانسي.

ليس هناك سوقاً حراً تماماً إذاً، بل ان قيامه هو ضرب من المصائب المتلاحقة لميل "رأس المال" إلى التجمع. فالسوق الحر الكامل والمطلق هو مستودع لتآكل حقوق الطبقات الدنيا من المجتمع، وتكريس لسلطة حفنة من كبار الرأسماليين وقيام دولة استغلال على أكتاف وجلود أغلبية فقيرة (ولن ندخل في هذا الآن).

تحفظاتي على العولمة تأتي أيضاً في هذا المجال الاقتصادي بالذات. ففتح أبواب الدولة للشركات العالمية العملاقة دون تحفظات تذكر يستطيع أن يجر الى التهلكة قطاعات كبيرة من عمالنا وفلاحينا، ويدمّر يوماً بعد يوم صناعاتنا الوطنية والبنى التحتية لاقتصادنا.

بالنسبة للتطبيع، فموقفي يقول بأن تطبيع الدول العربية مع اسرائيل في غياب حل مناسب للقضية الفلسطينية، يقبل به أصحاب الحق المغتصَب هو "خيانة قومية" وطعنة نجلاء في ظهور الفلسطينيين.
الموقف العربي الرافض للتطبيع مهم جداً لعدم ضياع الحقوق الفلسطينية في ظل مجتمع دولي يعترف باسرائيل ويحميها، وسياسة أمريكية لم تعد تداري عورتها وهي تتصرف مع الفلسطيني كأنه "ابن الجارية".
أعتقد بأنه من "النذالة" بمكان أن يتخلى العربي اليوم عن أخيه الفلسطيني العربي ويروح كي يطبع مع الدولة العبرية، ويساعدها على افتراس ما تبقى من حقوق فلسطينية لم يتم التهامها بعد نتيجة لمقاومة اسرائيل ولموقف الشعوب العربية الرافضة للكيان الصهيوني.

هل أكتب من خلال "أعراض نخوة قومية مفاجئة"؟
لا، أبداً ... ولكني لا أعلم لماذا يكون التطبيع على جدول أعمال "الليبراليين" أصلاً. فالليبرالية لا تقتضي بالضرورة أن تناصر المعتدي على أخيك وتفرّط بحقوقه وتساعد الذئب على التهام "يوسف".

هنا، أنا لست ضد التطبيع بشكل مطلق، ولكن اسرائيل هي بحاجة للركض خلف التطبيع وليس العرب (فهي الكيان الغريب الهجين في المنطقة). والعرب يستطيعون انتظار التطبيع بعد أن تقوم دولة فلسطينية ذات سيادة يرضى بها أصحابها أولاً، وإلا فإن ما يقومون به هو معاونة "اليهودي والأمريكي" على "أخيهم"، وفي هذا "خسّة ما بعدها خسّة" و"نذالة ما بعدها نذالة".

أخيراً، على الهامش، أنا لست ليبرالياً ولا أريد أن أكون.

واسلموا لي
العلماني