{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
"الحياة "يكتب فيها خمس كتاب عرب عملاء للصهاينة
اخناتون غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 123
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #9
"الحياة "يكتب فيها خمس كتاب عرب عملاء للصهاينة
أول حاجة هي (خمسة)...وليس (خمس) يا أبا صالح.



وثاني حاجة، تمتعوا بقراءة هذا:


[CENTER]رسالة الى صديق سابق ... لا ينزل عن منصة الشرطي


حازم صاغيّة


الحياة 2004/12/10

عزيزي بلال الحسن,

اهنئك, اولاً, على كتابك الجديد الصادر عن "دار رياض الريّس للنشر", والحامل عنوان "ثقافة الاستسلام: قراءة نقدية في كتابات كنعان مكيّة, حازم صاغية, صالح بشير, العفيف الأخضر, امين المهدي". وأشكرك, ثانياً, على وصفك لي بأنني "شخص متميز وصوت متميز (...) نظيف وصادق وذكي وودود وقلق".


اما وقد أفردت لي 93 صفحة من كتابك من اصل 276 صفحة, شاركني في 17 صفحة منها الزميل صالح بشير, فقد لفت نظري انك لا تعرفني جيداً على رغم صداقة امتدت ثماني سنوات في بيروت, ثم تواصلت بتقطّع وتفاوت في عواصم اخرى. وإبان تلك السنوات جمعتنا شؤون وشجون كان في عدادها نزهة لا تُنسى في سيارتك. يومها, وبينما كنا ننجو من قيادتك المتوتّرة, تعرضنا لإطلاق نار من رشاش كان يحمله جندي في الردع العربي السوري, اصابت رصاصة منه زوجتك الصديقة هانية ولامست رصاصة اخرى وجهي.

لذا لا بد من تذكيرك بأمور لا تهم احداً, وما كنت لأذكرها لولا إتيانك عليها بقصد تلوين الكتابة والإيحاء باطّلاع الكاتب. فأنا, يا بلال, جيء بي من افريقيا وعمري ستة اشهر. وعليه لا يصح قولك عني: "على رغم هجرته, فإنه تمكّن من اللغة العربية تمكّناً ملحوظاً". والحال انني, لسوء الحظ, لم أزر من افريقيا بعد ذاك إلا البلدان العربية في شمالها. وأنا لست من البترون, كما يوحي هامشك في الصفحة 67, لأنني من عكار, ويفصل بين القضاءين قضاءا الضنية وطرابلس وبعض ساحل الكورة وزغرتا. كذلك لم أكتب دراستي "الحاقدة" عن ام كلثوم بعدما كتبت "وداع العروبة", بل قبل ذاك بعقد من الزمن. اما لماذا هي "حاقدة" وتكشف عن "حالتي" ورغبتي في "التدمير", فموضوع اؤجّله قليلاً.

مع هذا فأنت "تتذكّر" جيداً احداثاً أسبق من هذه, فتقول انك كلّفتني بدراسة عن ايران اواخر السبعينات, اعطيتَني شهراً لإنجازها فأنجزتُِها في اسبوعين! و"تتذكر", فوق ذلك, ما لم يحدث بتاتاً من انني اتيتك في 1984 بدراسة عن الهند وأندونيسيا "مكتملة فنياً" لكنك رفضت نشرها في "اليوم السابع", لأنني أطبّق فيها الطريقة اللبنانية في النظر الى الطوائف. وأقول ان هذا لم يحدث لأنني لم أكتب مرة في حياتي دراسة, لا مكتملة فنياً ولا ناقصة, عن الهند وأندونيسيا. وأصارحك القول ان ما أعرفه عن الهند واندونيسيا لا يزيد إلا قليلاً عما تعرفه عن "ثقافة الاستسلام".

بيد ان اختلاط الوقائع والأخيلة يبلغ ذروته حين تقرر التالي: "بعد دخول كنعان مكيّة الى خشبة المسرح ]اي "ثقافة الاستسلام"[, ولجه كاتبان جديدان هما حازم صاغية (اللبناني) ]هذه ضبطت معك[ وصالح بشير (التونسي), اللذان توليا كتابة مقالات مشتركة تنطلق من افكار كنعان مكيّة وتسعى ان تصل بها الى نهايتها, فتضيف بعض المستلزمات الفكرية الجديدة...".

يكبر قلقي عليك يا بلال. فلعلك نسيتَ كيف اننا بمشقّة قصوى نجحنا في الحفاظ على صداقة كان يهددها يومياً سلوكك كرقيب صارم في جريدة "السفير", بين 1980 و1982, وسلوكي كـ"مستسلم", وهذا قبل ان تسمع وأسمع ويسمع صالح بشير بكنعان مكيّة!

إذاً, دعني أذكّرك ببعض ما ينبغي التذكير به. عهد ذاك كنتُ واحداً ممن يدافعون في "السفير" وأرشيفها شاهدنا, عن "الاستسلام". فما تسميه انت كذلك كنت أراه وقفاً لاستباحة متمادية يمارسها صديقك أبو الهول وتابعوه في الميليشيات اللبنانية وحلفاؤه من الجنود السوريين الذين أطلق احدهم النار علينا في ســيارتك.

هؤلاء كانوا يمثّلون "الصمود" و"التصدي" ممن كنتَ انتَ شديد الحرص على سمعتهم, وهي مهمة صعبة لا تُحسد عليها. ولأن هؤلاء كثيرون ومتشعّبون, انظمةً ومنظماتٍ وأجهزةً ودولاً, كان على واحدنا حين يكتب ان ينقّل اقدامه بحذر شديد كي لا تقع على رأس من هذه الرؤوس. وكنتَ أنتَ شخصياً حارس الرؤوس التي في سويّة الأرض, تلتقطها وترفعها الى الأعلى ما وسعك الإعلاء. فرحنا ننتظر, والحال هذه, يوم اجازتك علّنا نصيب عصفورين, فنمرّر بعض "الاستسلام" الذي كان يتحمّله زملاء لا تعوزهم الرحابة, كالأستاذ محمد مشموشي ويُتاح, في الوقت عينه, لأبي فراس ان يُمتّع بالشباب.

وإن شئتَ, يا بلال, ان تتسلّى, ارجع الى اعداد "السفير" عهد ذاك, فإذا فعلتَ وجدتَ ان اكثرها كآبة وضيقاً بالخلاف هي التي اشرفتَ عليها بشخصك الكريم, فجاءت ممهورة بتعليق او افتتاحية يؤكدان ان بلالاً مرّ من هنا, بالمعنى الذي كانت "تمرّ" فيه الميليشيات.

بالتأكيد تبدو ذاكرتك قوية في أمور أخرى أهم, كالتواريخ والمجازر والنكبات التي تحذّر من نسيانها. وهذا, يا بلال, كان ليهون لو كانت القضايا تثمر على يديك وتزهر. اما ان تقتصر على تعداد خطابي للأسماء والمناسبات فيما نُضطر لدى البحث عن المعرفة الفعلية الى مراجعة تواريخ الأعداء وأرشيفاتهم, فهذا ما يجعل الأعداء حَفَظة الذاكرة, ويجعلك زجّالها.

ودعنا هنا نقلّب الأمور على وجه او وجهين. فإذا كان في وسع خمسة اشخاص تدمير التاريخ والذاكرة والثقافة والصمود والقضية, غدونا امام احتمالين لا ثالث لهما: إما ان هذه العناوين الضخمة مدمّرة اصلاً, او ان هؤلاء الخمسة ذوو طاقة خرافية تضخّها تلك المؤامرة اليهودية العالمية الشهيرة أو ما يشبهها.

وهذه الذهنية التي تجمع التآمري الى القمعي جزء منك متأصّل لم تنجح سنوات مديدة قضيتَها في باريس في تذليله, كما لم تقو على تغييره تحولات لا تقل جسامة عن سقوط المعسكر الاشتراكي و11 ايلول (سبتمبر) وانهيار طالبان وصدّام وحرب العراق وحروب فلسطين ونهوض العولمة. وبالمناسبة, اعجبني نقدك لي بأنني أطبّق الطريقة المتبعة في تحليل الطوائف اللبنانية على غير لبنان. لقد اصبتني بمقتل عراقي ومقتل سوداني, وبما لا يُحصى من مقاتل تربط الصومال بيوغوسلافيا. فهل صدف ان مرّت امام عينيك, تلك الفكرة التي ابتُذلت لشدة تردادها عن يقظة الهويات والعصبيات في السنوات الأخيرة؟

واسمح لي ان اقول انك لا تحسّ بالزمن ولا يقول لك التاريخ شيئاً. فأنت لا تزال تظن ان "حركة التحرر الوطني" تستجمع قواها لإحداث واحد من اثنين: إما تحرير فلسطين طريقاً الى الوحدة العربية, وإلا, وهنا حدود الاجتهاد, فتوحيد العرب طريقاً الى فلسطين.

انتبه يا بلال, هذا التفكير لا يوفر لك اية مناعة حيال المآسي, ويُستحسن ان تضع في اعتبارك ان الإقامة في باريس نفسها, حيث يوالي ساركوزي صعوده, قد لا تعود, لسؤ الحظ, مريحة وآمنة. لهذا كان على من يحبّك ان يطالبك بالإسراع في الوصول الى العام 2004, وهذا لأجل منفعتك الشخصية, ولو على حساب قناعاتك الظافرية.

وأودّ ان أذكّرك بأنني قلت لك مرة مازحاً, وكنتُ جاداً, انني "منذ رأيتك في 1974 بدوتَ لي تعيش في 1957, تسكنك الحماسة لإقامة الوحدة بين مصر وسورية. ومذّاك وأنت ترجع عامين الى الوراء كلما تقدم بنا الزمن عاماً الى أمام". وهذا ما يفسّر انك اليوم تحط في اواخر القرن التاسع عشر, حيث ترفرف اعلام الأمم المنصورة بعد حروب قومية ظافرة.

ودعني اصارحك بأن انفصالاً كهذا عن الزمن يتبدى في كل سطر من سِفرك الجليل, لا يخفف منه اطلاقاً ان تضع بالإنكليزية اسم American Enterprise Institue بعد "معهد اميركان انتربرايز".

يصحّ هذا في الأسلوب والمنهج, حيث تلصق "صيحتي استنكار" بالفصل الثالث, و"صوت مفاجئ" بالفصل الخامس, وتعوّل على "قالوا... ويقولون...", خصوصاً في الصفحة 235 فصاعداً. لكنه يصحّ في المضمون, على ما يتجلى في وجوه عدة. فأنت تعجز في "تفنيدك" لـ"ثقافة الاستسلام" عن الإتيان بفكرة واحدة جديدة. وهذا ليس مرده, بالطبع, الى سبب بيولوجي إذ يصدر, والحال هذه, عن مدى اطمئنانك الى ما قاله الأسلاف الصالحون ممن أعفوك من عناء المهمة.

وجلّ ما قاله هؤلاء كلام بسيط زاده بساطةً تأويلك لهم. فهم قالوا اشياء بالغة الصحة إلا ان صحتها تجعلها خاطئة. وهذه عبارة صعبة اسمح لي ان اشرحها لك قليلاً, خصوصاً انك تذكر الصعوبة والتعقيد بامتعاض عدداً من المرات في كتابك, وأتخيّلك حيالهما تعاني فرط الإجهاد وتتصبب عرقاً.

لنأخذ, مثلاً, عبارة من نوع "هل ننسى تضحيات الشهداء؟" او من نوع "ينبغي ان يُستعاد الحق الى اصحابه". هل يرقى الشك الى صحة هذه العبارات؟ بالطبع لا. لكن عمومية هذا الكلام تجعله مثل الشعارات, بل تخرجه عن كل سياق محدد كما تطرحه على قارعة الاستخدام لأغراض لا حصر لها, بعضها حسن النيّات وبعضها سيئها.

لا بل حين تبلغ صحة العبارة درجة تستحيل معها البرهنة على خطئها, تكون العبارة هذه خارج مجرى الحياة نفسه وخارج تحولاتها. لهذا ربما كان اتهامك لي بـ"السرعة" في بلورة الأفكار صائباً, لكنني لا أخفيك ان بطئك, وبطء من يشابهونك في الأفكار, سبب من اسباب سرعتي وسرعة من يشابهني. فهل يعقل, يا بلال, ان يكتب المرء, منذ مقالته الأولى حتى مقالته الأخيرة, نصاً واحداً مفاده الدفاع عن "القضية" التي هي "حق" في مواجهة "العدو" الذي هو "خطأ"؟ وهل يعقل ان يكون ما تفعله هو نفسه ما سبق ان فعله الأسلاف الصالحون منذ احتكاكهم الأول بالاستعمار الغربي؟

أولا يصيبك الضجر؟ ان الضجر وحده يكفي لكي يظهر "استسلاميون" عرب يستعجلون اللحاق بعد هذا البطء كله. فأنت لفرط تعودك على لغة الأسلاف الصالحين, ولكثرة انشدادك الى عمومياتهم التي تطفح صواباً بليداً, ما عدتَ تستطيع فهم النصوص الخارجة عن هذا النسق الحاكم. وسأعطيك هنا مثلين اظنهما واضحين:

لقد كتبنا, صالح بشير وأنا, مساجلين ضد نظرية الأمن الإسرائيلي المطلق, فقلنا ما معناه ان الهاجس الأمني يلازم كل واحدة من الدول, وأن الهاجس اياه يتخذ في اسرائيل تحديداً حجماً مضــخماً بسـبب المحرقة وتاريخها وقيام الدولة العبرية في محيط تعاديه ويعاديها. إلا ان الهاجس المذكور كفيل, ما لم يلجمه دخول مغامرة السلام, بتخريب كل سلام وكل سياسة.

وهذا المعنى هو ما صنّفه سِفرك الجليل خدمة لمصالح اسرائيل لمجرد اعترافنا بحقائق يعرفها تلامذة تكميليون. فهل تظن, يا بلال, ان لا خصوصية لذاكرة المحرقة ولا لموقع اسرائيل حيال جيرانها وموقع جيرانها حيالها؟ وهل تعتقد ان هذه الهواجس كلها ما هي غير مؤامرة صهيونية استمالتنا إليها, نحن العاملين "بوعي من اجل هدم عوامل الصمود الذاتي"؟

كذلك كتبنا ما معناه ان التطبيع الثقافي اداة للتأثير في الإسرائيليين اكثر من الجيوش المنهارة والاقتصادات المختلة. وهذا ما يُفترض ان يُفهم تثميناً للدور الذي يمكن للثقافة العربية, قياساً بالأدوات الأخرى, ان تلعبه. غير ان نباهتك غير المسبوقة قادتك الى تفسير هذا الكلام ضلوعاً في مؤامرة لخدمة اسرائيل وتهديم الثقافة العربية. فهل تظن اننا لا نزال قادرين بالجيوش والأدوات الأخرى على التأثير (حرب تشرين, لمعاوماتك, لم تكن نصراً...) ام انك لا تريد التأثير اصلاً في الإسرائيليين (وهو ما تنفيه في مكان آخر من كتابك؟).

ووفاؤك للأسلاف الصالحين هو ما يقودك طائعاً الى التخوين... بعد كل ما حصل! فـ"أدوارنا", كما تقول, "موزّعة" و"موكلة", وخدمة اسرائيل هي هدفنا... الى ما هنالك من ترّهات. فانزل قليلاً عن منصة الشرطي الذي يحدد ذات اليمين وذات اليسار, وكيف يكون السير على صراط مستقيم.

فأنت, يا بلال, لأنك أسير التعميم الموروث, عاجز عن التقاط الفوارق والتفاصيل, وإلا لما أدرجتَ الخمسة الذين ادرجتَهم في خانة واحدة وأضفتَ إليهم اسمين آخرين (خالد الحروب وسمير اليوسف) حاولتَ, من منصتك تلك, التقليل من اهميتهما والاستخفاف بهما. ولو بذلتَ بعض الجهد لمعاندة القالب الذي يُثقل عليك لأدركت ان بين الخمسة اولئك عدداً من الفوارق كبيراً, مع انهم كلهم يقولون كلاماً يبدو لك غريباً عجيباً. ولأنه هكذا, يكون التنميط والتأحيد العلاج الوحيد لـ"فهمه" وتوهّم السيطرة عليه. فهؤلاء اتخذوا مواقف مختلفة من حرب العراق وانتخابات اميركا ومفهوم الليبرالية "الخطيرة" ووظيفتها, بحيث لا يجوز ردهم الى "المحافظين الجدد" وشارون ونتانياهو. عيب يا بلال! وعلى ذكر الأخير, هل تعرف انني نشرت في "الحياة" احد اطول النصوص التي كُتبت بالعربية عن نتانياهو, وهو ما فعلتُه مع انتخاب جورج دبليو (الذي يشاركك حب النشيد الوطني)؟ وكي لا تتهمني بالترويج لنتانياهو وجورج دبليو, وكل التوقعات تغدو ممكنة حين تمدّ يدك إليها, راجع النصّين هذين حيث النقدية ابعد من مجرد الدفاع السقيم عن "شرف الأمة وتاريخها وتراثها وثقافتها وصمودها".

ولا أقول هذا طمعاً في براءة ذمة منك, معاذ اللــه. بل اقوله كي أُظهر حـجم الفوارق التي تسهو عنها حين تقرأ تبعاً لوعي مُبلّط ثم تهرع الى إصدار الفتاوى. فالفارق بينك وبين اصحـاب الفـتاوى الحكّام انهم يحكمون وأنت لا تحكم. وهذا ما يجعل رغبتهم في القتل قابلة للتنفيذ ورغبتك قابلة لإطلاق القــهقهات. وانت, فوق هذا, تستمد سلطتك في إصدار الفتاوى من هزائم لا تُحصى يُفترض بعدها تقديم الاعتذار عنها بدل المضي في التخوين. والحق ان المبرر الأول لـ"الاستسلام" هو قطع الطريق بأسرع ما يمكن على انتهاكات تلك "الثقافة" التي تمثّل, والتي بات ينبغي التدخل لردعها عن التــسبب بمزيد من الهزائم والتردي الذهني.

وإذ يجـافيك التذاكي تكرر, للمرة المليون, تلك الحجة التوتاليتارية البائسة في اتهام الآخرين بنوازع التدمير وامتلاك النفوس الحاقدة والمريضة, مما كانت عقوبته مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية التي "تعيد التأهيل", او الاستئصال او, كحالة قصوى في العقاب, الحرق في افران غاز. وفي حماســتك للتطهير الثقافي يخونك الانتباه الى ان كتاباً يحمل عنوان "ثقافة الاستسلام" لم يعد يملك شيئاً من الفاعلية التي كانت له في العقود الخوالي. فها هي بلدان وقطاعات عربية متعاظمة تنضمّ تباعاً الى ما تسميه "الاستـسلام". مع هذا فإنك لا تتجرأ على سياسي واحد "استســلامي", او على رجل اعمــال, او زعيم عشيرة, "استسلامي", بل تستعرض شجاعتك ضدّ كتّاب زملاء. ويفوتك وأنت تفعل هذا ان تنتبه الى المسخرة التي ينطوي عليها عنوان نقيض يتناولك ويتناول اصحابك, مثل "ثقافة الصمود"!

وأنا لا تخامرني ذرة شك في نزاهتك الشخصية. لكن هذا لا يمنعني من القول انك "موضوعياً" موظف في آلة دعوية تدافع عن الوضع القائم لأن اصحابها مستفيدون منه. وما اقصده بالوضع القائم تلك المنظومة الفقيرة عن النضال والتحرير التي انجبت "كتّاباً ومفكرين ومبدعين" لم يفعلوا غير تقريب الموت من غيرهم وتحبيب غيرهم بالموت.

وقد كان لاندفاعتك في خدمة المنظومة البائسة تلك ان حرمتك الذوق الذي تتصف به عادة. فأنت تطالب مصرياً وعراقياً وتونسيين ولبنانياً بأن ينخرطوا في ما انت منخرط فيه بالصورة التي تحددها انت لهم, من دون اي اكتراث بأوضاع بلدانهم وظروفهم وخصوصياتهم. فإذا ما فعلوا العكس وخالفوك أُدرجوا في باب... "الاستسلام". وهو, فوق هذا, كلام قد يؤذي في بعض البلدان التي تفكر حكوماتها على طريقتك, وقد يتسبب بتشويه وأذى معنويين.

هذا كله مؤسف ومؤلم, بل مخيف: مخيف لأنه يقدّم مرآة اخرى عن حالنا الثقافية والسياسية التي تحتفل بصدور كتابك. فكأنما الحضارة التي يرى البعض انها ابتدأت مع صوت بلال الحبشي, تعلن انتكاسها المريع مع صوت بلال الحسن ومن شاركه العقل والقول.

01-18-2005, 06:26 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
"الحياة "يكتب فيها خمس كتاب عرب عملاء للصهاينة - بواسطة اخناتون - 01-18-2005, 06:26 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  فهمي هويدي يكتب: مغامرة حكومة الإخوان فارس اللواء 0 820 02-21-2012, 05:32 PM
آخر رد: فارس اللواء
  نظرية ولاية الفقيه، ورأي علماء مدرسة أهل البيت فيها: السيد مهدي الحسيني 15 4,523 01-11-2012, 06:58 PM
آخر رد: السلام الروحي
Lightbulb هل الحياة جديرة بالاحترام ؟ نيو فريند 12 3,951 11-09-2011, 03:43 AM
آخر رد: السيد مهدي الحسيني
  جمال الحياة في توازنها الموسيقي داعية السلام مع الله 5 1,762 11-01-2011, 07:39 PM
آخر رد: داعية السلام مع الله
Thumbs Down الحياة الزفت .... للمرأة هاله 10 3,614 10-29-2011, 02:39 AM
آخر رد: yasser_x

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS