كانت هناك غازات وغبار تحول قلبها إلى نجم وأطرافها البعيدة إلى كواكب غازية وثلجية (المشتري زحل أورانوس نبتون بلوتو ومؤخرا سدنا sedna) وأخرى قريبة من ذات النجم ذات وجه صلب ربما أنها فقدت قوقعتها الغازية بسب قربها منه ( كعطارد الزهرة ، الأرض و المريخ) وتحول الثالث منها قربا لهذا النجم إلى كوكب تعيش فيه مملكتين من الكائنات نباتية وحيوانية ،هاتين المملكتين تفرعتا وتشعبتا وأوجدتا أنماطا مختلفة من الأشكال والألوان ونظما حيوية غاية في الدقة والتعقيد ووجد معها مخلوق متميز ومتفرد في الشكل الجسدي والجوهر العقلي وهو الإنسان ..

نعود إلى ما بدأناه عندما تحدثنا عن الغاز والغبار وهما عبارة عن جزيئات أو عناصر المادة التي تتكون من اتحاد مجموعة قوى : نووية قوية وضعيفة ، كهرومغناطيسية ، جاذبية ، وفراغ أيضا!!!
تلك الكهارب المكونة للذرة تحمل شحنات سالبة( الكترونات) تدور حول كهارب موجبة الشحنة في قلب النواة(بروتونات) مصحوبة بشحنات متعادلة الشحنة( النيترونات) .

ولو تعمقنا أكثر في قلب النواة لنفحص تلك البروتونات والنيترونات فسنراها تتكون من كوركزات ؛ كل بروتون وكل نيترون مكون من ثلاثة منها ، و تبعا لاختلافات تلك الكوركزات يتحدد كونه بروتونا أو نيترونا ، تلك الكوركزات غير موجودة في الطبيعة بشكل منفرد أو مطلق في شكل مادة ..

بقي لدينا الفراغ الذي تحدثنا عنه سابقا في الذرة حيث يمثل جزءا كبيرا منها مقارنة بالنواة حيث تسبح فيه الإلكترونات ، والمعنى أن أي مادة ( ذرة) تحتوي في داخلها فراغا! ولتقريب الصورة لو كبرت نواة الذرة إلى حجم كرة المضرب لتحولت الذرة إلى حجم مائة ملعب كرة قدم ، فهل لنا أن نتصور كيف يمكن أن يحدث ذلك؟! وأيضا كل ذرة فيها حركة للإلكترونات داخل هذا الفراغ فعندما يتحرك الإلكترون حول النواة فانه أيضا يتحرك حول نفسه حركة مغزلية ، بمعنى هناك اهتزازات في غاية الدقة والصغر مع هذا الفراغ في هذه المادة!!!
تصوروا ! لا شك أنه عالم غير عالمنا!!!

حسنا اعتقد لدينا أرضية لننطلق للغز الأكبر في طبيعة المادة والفراغ عندما ننظر إلى السماء من فوقنا ونبصر ملايين المجرات تحتوي ملايين النجوم!!

تصوروا ملايين المجرات تحتوي ملايين النجوم فيما يقارب كل نجم حجم نجمنا الشمس تقريبا
فكروا الآن بمقدار الفراغ الذي يحتوي ملايين المجرات التي تحتوي ملايين النجوم
ولنأخذ مجرتنا التي تحتوي ما يقارب مائة مليون نجم ويبلغ اتساعها مائة ألف سنة ضوئية!!

هل تخيلت الآن مقدار الفراغ الهائل الذي يلف تلك المجرات بحيث تظهر فيه تلك المجرات كنبضات كهربائية في غرفة مظلمة..

فإذا ما أضفنا ذلك الفراغ الداخل في تركيب المادة فستكون المادة في الجوهر أقل في تكوين محتوى الكون.


سؤلنا التالي: كيف نشأ الفراغ؟

يبدو من خلال نظرية الـ big bang أن الفراغ نشأ مع المادة وقت الانفجار الكبير وأخذ يتمدد
وهذا يوحي بأن الفراغ نشأ من المادة أو على الأقل مصاحبا لها ، لكن الأمر في هذه الفرضية يختلف تماما..

نعود إلى موضوع الكوركزات حيث تقول هذه الفرضية أننا لو استطعنا تفكيك البروتون والنيترون إلى مكوناتها الأساسية من الكوركزات فإننا سنحصل على ما لم يخطر ببالنا!!
سنحصل على هذا الفراغ!!!
ونظريا في هذه الفرضية يمكن أن تتحول المادة إلى فراغ ، والفراغ إلى مادة ؛ فيتحول الفراغ إلى مادة وهو ما يحصل في أنحاء هذا الكون حيث المادة تنشأ من الفراغ ، الذي يتكون من الكوركزات المطلقة ، وتتحول المادة إلى فراغ حيث الثقوب السوداء ، وإذا علمنا مسبقا أن المادة تحتوي الفراغ أصلا ، فليس الأمر خياليا محضا! أليس كذلك؟

وبهذا فإن الكون ينشا المادة من الفراغ فيتكون الغاز والغبار فيشكل لنا نجوما وكواكب ومجرات ، وفي جانب آخر حيث الثقوب السوداء فإن المادة تتحول إلى فراغ مرة أخرى وينساب في الكون!!

نرى الماء عندما يسخن يتحول إلى بخار يرتفع فيتكثف ويصبح ماء من جديد ، ونعلم على سبيل المثال أن غازين هما:الأوكسجين والهيدروجين مختلفين تماما إذا كانا غير متحدين ، وعندما يتحدان يكونان جزيئا مختلفا كليا يسمى الماء ، ،وهكذا بقية العناصر في الجدول الدوري مجموعة من الخلطات تكون عناصر وجزيئات المادة المختلفة ، ونعلم أن زيادة أو نقص الوزن الذري في الذرة يوجد عنصرا آخر، من هنا فقضية تحول المادة إلى فراغ ، والفراغ إلى مادة ليس بعيد منطقيا خاصة أنهما موجودين وليسا عدما..

والحجم الهائل للفراغ هو الذي يؤدي إلى أن يتحول جزء منه إلي مادة ، ولو سرحنا قليلا لنتخيل كم من الفراغ اللازم لتكوين غرام واحد من المادة فسنحتاج إلى ما يقرب من 66 كيلو متر مكعب من الفراغ!! وحتى تحصل على ما يوازي وزن جسدك البالغ 60 كيلوجرام تحتاج إلى أربعة مليون ونصف كيلو متر مكعب فراغ تقريبا!!!
ماذا يجري!؟
معادلة الفذ اينشتاين في النسبية توضح العلاقة بين المادة والطاقة في الكون الحقيقي النمطي ، ونظرية الكم توضح عالم الذرة متناهي الصغر في كون لا نمطي ، أما هذه الفرضية فتبني علاقة بين المادة والفراغ ، ومن هنا يظهر أن المادة تختزن كمية كبيرا جدا من الفراغ لو قدر لها الانطلاق!

ما هو السر الذي يجعل الفراغ ينضغط بها الحجم الكبير إلى مادة صغيرة جدا ؟
نجد هنا أن الجاذبية هي المسؤولة عن تلك العملية الرهيبة بتحويل الفراغ إلى مادة ، وسرعة الجاذبية هذه تتجاوز سرعة الضوء أضعافا مضاعفة وبهذا نعرف كيف بقي بلوتو على مسافته البعيدة من الشمس( ما يعادل 60 وحدة مسافة من الأرض للشمس) ظل مرتبطا بها بسب حقل الجاذبية للشمس ، ففي حين أن نور الشمس يحتاج خمس ساعات ونصف تقريبا حتى يصل إليه فان الجاذبية تصل إليه في نحو 0.017 سبعة أعشار من الثانية ، وفي حين أن اقرب نجم للشمس يبعد ثلاث سنوات ضوئية تقريبا فان سرعة الجاذبية لو قدر لها إن تسير مثل الضوء لوصلت إلى أقرب نجم في ثلاثين ثانية فقط!!!

ماذا يحدث عندما تتحرر الجاذبة من المادة؟

ما سيحدث و ببساطة جدا هو أن تتحول المادة إلى فراغ !

كيف تنشأ المادة من الفراغ ؟!
معلوم أن الجاذبية لا كتلة لها وكذلك الفراغ لا كتلة له ، لكن عندما يكون الفراغ هائلا فسيتحول من اللاكتلة إلى الكتلة تحت ضغط الجاذبية فتتكون لدينا المادة ( الذرة) المكونة من كتلة سالبة وموجبة وكتلة متعادلة الشحنة وفراغ محبوس في داخلها..

إن الموجات الكهرومغناطسيسة ( بما فيها الضوء) تظهر شكلا اكثر تطورا للفراغ حيث أنها ظهرت من المادة منعدمة كتلتها وشحنتها وهي المرآة الحقيقية الدالة على الفراغ والجاذبية المكونان للمادة اللذان لم نستطع بعد قياسهما كونهما داخل المادة فاصبحا خارج القياس ، من جانب آخر فأن دور الجاذبية والفراغ في المادة جوهري وهي نتاج لهما و مرتبطان أو ممتزجان داخلها وقد حان الوقت لكشف قناعهما الآسر الخلاب!
.
كيف نشأ الفراغ؟!

اعتقد أن الجواب أضحي الآن أقل تعقيدا ، فهل يمكن أن يكون العدم مكونا من مكونات الفراغ ؟ أو أن هناك وسيط آخر بينه وبين الفراغ؟
يبدو أننا بدئنا نقترب من العدم الذي يبدو أن الجاذبية والفراغ انفرجا منه وكونا المادة التي تحويهما جميعا! لكن أخشى عندما نكشف هذا القناع فلن نجد غير (العدم) وهذا ما سيدفعنا إلى التحول نحو المادة لنقبل جبينها.:kiss2:.

وأخيرا أرى أن سر الوجود يكمن في هذا الفراغ ونحن بحاجة إلى علم يعنى به!

تحياتي..

فما تعليقاتكم الكريمة،،
:wr: