بالطبع لاسرائيل ذلك الحق النظري الذي لا يكتمل الا بالفعل المادي .

قد يغضب بعض السادة من الزملاء على ساحة الحوار هنا ، و بعض الاخوة الفلسطينيين ، اذ أن لاعزائنا الفلسطينيين حساسية خاصة تجاه القيادات في اسرائيل ( وهم معذورون ) .


لكن لو نظرنا الى اسرائيل بمعزل عما يحدث الآن من لعبة عض الاصابع بين الليكود ومن خلفه حزب العمل الاسرائيلي من جهة و السيد عرفات ومن خلفه جماعات الانتحار الثوري من جهة اخرى ، فهناك شعب ( سمه اسرائيلي أو سمه يهودي او سمه عسكريتاري او سمه ما شئت ) وهذا الشعب هو مزيج من اناس تواجدوا على ارض اسمها فلسطين ، منذ آلاف السنين ، و أناس حضروا الى فلسطين و تواجدوا فيها منذ عشرات السنين ، و نشطوا سياسيا و اقتصاديا و عاشوا وتناسلوا فيها و اصبح لهم بصمات يستحيل محوها .


استطاع هذا الشعب ان يحقق رغبات مكبوتة لديه بالاستقلال و التحرر من هيمنة الاغلبية العربية عليه ، و التي استمرت لأكثر من 1400 سنة تقريبا. أغلبية عاملته بالاحتقار و الدونية طوال تلك المدة ، بغض النظر عما كان يصدر احيانا من قيادات عربيت تاريحية ، أو دينية بالتعامل مع ذلك الشعب بالحسنى. وبالطبع ما كان ذلك ليتحقق لولا لجوئه الى اساليب و خدع في الحرب و السياسة و الدعم الخارجي مارسها بتفوق منقطع النظير ، وكان ان دفع ثمن تلك الدبلوماسية الاسرائيلية ، الشعب العربي الفلسطيني عبر سنوات طوال ، ولا يزال .

ولقد حدثت حالاات من السجال السياسي و العنف المتبادل بين العرب ( وكان الفلسطينيون طليعة المناوئين ) من جهة ، و الاشعب الاسرائيلي من جهة ثانية ، و انتهت تلك الحالات الى الوضع الذي نشاهده اليوم .

ولو نظرنا الى هذا الصراع بين الطرفين من وجهة نظر حيادية ، لوجدنا بان العرب كغالبية شعبية ، لا زالت غير قادرة على تقبل فكرة الهزيمة الفكرية و السياسية ، التي منيت بها عالميا
وداخليا . عالميا : هناك قرار التقسيم الدولي الذي أمن لاسرائيل التغطية السياسية الكاملة و قدم لوجودها الدولي الشرعية الكاملة ، و داخليا ، هناك الانظمة السياسية العربية ، التي ادركت على مر السنين عبث الركون الى رغبات الشعوب الخيالية و النرجسية بالهيمنة الابدية لفئة الاغلبية على فئة الاقلية ، و التي ارغمتها الضغوط الدولية على تقبل فكرة حق الشعوب في تقرير مصيرها ( ولدى اسرائيل شعب لديه حق بالحياة و الحكم و التعبير عن نفسه داخل اسرائيل ) .


و لا زال العرب ، بما فيهم الفلسطينيون ، يحملون نحو الشعب الاسرائيلي نظرة احتقار و كراهية لا يفسرهما الا رواسب دينية غير عقلانية كانت ولا تزال من اهم المؤثرات الفكرية التي دفعت العرب الى الوراء ، وجعلتهم يتخلفون عن ركب الحضارة العالمية . وانطلاقا من تلك الرواسب الفكرية ، ومن رغبات معروفة لدى الشعوب المتخلفة كالرغبة بهيمنة الاغلبية على الاطثرية ، نجد بان غالبية العرب ترغب و تشجع على ازالة ذلك الشعب ( الذي لا يتورع الكثير ممن يعتبرون انفسهم مفكرين اسلاميين بوصمه بصفات اقل ما يقال عنها بانها ردود فعل نفسية على شعور بالدونية و تعلق بسحر كلمات بال عليها الدهر و خري و كلام لا علمي مثل : اليهود الانجاس ، احفاد القردة و الخنازير ، عبدة المال ، قتلة الانبياء ، ..... الى ما هنالك من ذلك العي الذي ما عــاد يسمن في الحرب و التحرير ، وما عاد يغني عن تمعن و تفكير .

طبعا عندما نقول العرب فاننا نتكلم عن الاغلبية منهم . لكن هناك فئات علمانية تجاوزت الفكر الديني و ترفعت عن التهجم على الشعب اليهودي ، والاساءة اليه من وجهة نظر دينية ، اذ اخذت تحارب شطوطه الفكري و العسكري مبتعدة عن استخدام الكلمات الدينية المبتذلة ، مستخدمة لغة سياسية اكثر علمية وواقعية ، فتصف كل عمل سيء يبدر عن قادته بالهمل العنصري او الصهيوني ، لوجود الصهيونية التي عملت و تعمل دوما في الحفاظ عليه و الدفاع عن رغباته في المحافل الدولية ،وتامين الدعم اللازم له في السلم و الحرب .

رربما يقول قائل : ولكن الا ترى تلك الاهداف الكبيرة التي ينادي بها اليهود مثل ، حدودك يا اسرائيل ، من الفرات الى النيل ، نقول نعم ، ان في كل دولة فئات مختلفة ترفع شعارات مختلفة ! أوليس لدينا نحن العرب من هم اكثر تطرفا و ليكودية من الليكود الاسرائيلي نفسه ؟

أخيرا ، على المرء الا يكون نرجسيا لدرجة نكران حق الشعوب في تقرير مصيرها و حق الشعوب بالحرية و العيش بكرامة على ارض عاشت بها لقرون ، و الشعب الاسرائلي هو ككل تلك الشعوب ، وله الحق بالوجود .