صار من البديهي القول أن لبعض الحكومات العربية ومن ورائها أمريكا الفضل الأكبر في إطلاق جذوة الجهاد العربي- الأفغاني طوال سنوات الغزو السوفييتي من خلال إرسال فلول المجاهدين العرب إلى أفغانستان والذي ينتمي معظمهم إلى أكثر الشرائح الإسلامية تطرفا مع حضور خجول لحركات معتدلة كالإخوان المسلمين أو التبليغ الذي ليس من فلسفته الجهاد أصلا .
لكن بعد إنقضاء سنوات " الجهاد " ، كان طريق العودة للعرب الأفغان مختلفا عن طريق الذهاب الذي كان مسرحيا مهرجانيا برعاية حكومية – أمريكية ، فقد وجد هؤلاء أنفسهم بلا أوطان ، أو أن أوطانهم إستقبلتهم بالقيود بدل أن تستقبلهم بالأحضان ، وصار هؤلاء يشكلون عبئا حقيقيا على حكومات بلدانهم التي جلست تتفرج عليهم يذبحون بدم بارد في معسكرات الإعتقال كقلعة جهانجي في أفغانستان على أن يعودوا من جديد إلى بلدانهم مع ما تحمل هذه العودة من أزمات .

ويبدو أن الحرب العراقية الحالية ستفرز نفس الأزمة من خلال الشبان العرب الذين يتقاطرون للدفاع عن العراق لكن مع تغيير مهم ، وهو أن الجهاد الأفغاني كانت تكلأه عين أمريكا ، والثاني تمقته ذات العين .
الأيام القليلة الماضية بدأت تشهد ظهور " العراقيون العرب " في ساحات المعارك ، وبدأت أمريكا تتحدث عن أسر عدد من هؤلاء وهو ما سيضع بلدانهم في موقف حرج مع أمريكا التي سوف لن تعاملهم كأسرى حرب بكل تأكيد ، بل سترسلهم إلى " جوانتانامو " جديدة ، وليست هنا المشكلة ، لكن المشكلة في كيفية تعامل بلدانهم معهم ، فهل ستجرؤ على الإعتراف بهم أم ستتركهم يواجهون المذبحة والإعتقال كما حصل للعرب الأفغان ؟ خاصة كون هؤلاء خرجوا عن طوع أمريكا جهرا وعلانية ؟!

هناك شائعات عن رائحة عفنة تفوح من السفارات السورية في بعض الدول العربية تتعلق بهذا الأمر ، وهي إن صحت ، فإن سوريا تلعب مع الشيطان بأقذر ما يمكن ، وسوف لن يكون الضحية إلا هؤلاء .

تحياتي