عرضت قناة ال ARTE التلفيزيونية الفرنسية الفيلم الملحمي الفلسطيني باب الشمس للمخرج المصري المتميز يسري نصرالله عن رواية الصحفي و الكاتب اللبناني الياس خوري..
و يذكر ان هذا الفيلم الذي ساهمت في انتاجه هذه القناة الثقافية الفرنسية/الألمانية و قد عرض سابقا في دورة مهرجان كان السينمائي لعام 2004 و لقي وقتها ضجيجا و اعجابا و بالتالي رفضا و استهجانا اسرائلي كبير..

هذا الفيلم و بكل مقاييس السينما و الفن الدرامي و الانتاج الضخم يمثل قفزة نوعية كبيرة جدا في تاريخ السينما العربية كلها بدءا من جرأة الطرح و اعادة التأكيد على حقائق معتم عليها و مطمسة في الذاكرة الغربية و حتى العربية في أغلب ملاباساتها و هي تحديدا اللجوء الفلسطيني ابان حرب ال 1948 و ليس انتهاءا بالاداء العالي و الساحر لأغلب ممثلين الفيلم بعيدا عن المبالغات و الصراخ و العويل حيث ان هذه الشخصيات رسمت صورا انسانية حقيقية بكل ابعادها سلبا و ايجابا اضافة الى تنفيذ المشاهد الضخمة في النزوح الفلسطيني من الجليل باتجاه لبنان الذي كان دائما و حسب الرواية الاسرائلية اما خروجا طوعيا او بموجب أوامر الجيش العربي الذي ساهم فعلا في نكبة فلسطين الأولى ..
في هذه المشاهد نرى و للمرة الأولى على الشاشة الكبيرة و بالتالي على شاشة قنوات اوربية او غربية كيف ان الاسرائليين و بمساعد جيش الانتداب الانكليزي كانت تطلق الرصاص على جموع المهاجرين في كل مرة يلتفتون بها للعودة الى قراهم مما يكذب مقولة الانسحاب الطوعي و التنازل عن الاراضي بيعا للاسرائليين ورغبة اهل الجليل بالنزوح الى لبنان..

فيلم تميز بجماليات بصرية عالية و تحريك جميل و صادق للمجاميع الضخمة و ابراز هذا الانتاج الضخم بعيدا عن البطولات الفيلمية و التراكم الكمي لعناصر الانتاج دون هدف سوى اظهار تكاليف الانتناج... استطاع فيه المخرج ان يرسم و عبر فيلم طويل جدا* ملحمة بطولية انسانية رائعة عن فلسطين و عن التعلق بالارض مهما اشتدت معاناة الشعب فيها و مهما طفح الفقر فوق سطح الحياة انذاك مقارنات بالرفاهيات التي تعيشها الجماعات الاسرائلية في الكيبوتزات المغلقة المسيجة بالأسلاك الشائكة وكشافات الضوء و التي كان ابناء الوطن الاصليين يقفون ورائها مبهورين بهذه الحياة الجديدة التي تنمو ضمن معسكرات مغلقة مسيجة صورت بطريقة تحيلنا فورا الى معسكرات الاعتقال النازية مع الفرق ان البؤس يقع خارج هذه المعسكرات الهجينة على عالم و قرى الجليل التي غرست بينهم كخنجر في جسد ارض تنزف..

الحديث يطول عن هذا الفيلم و ارجو ان اعود هنا اكثر من مرة للحديث عن هذا الفيلم الذي عرض في نهاية الاسبوع الماضي على يوميين متتاليين في قناة الثقافة و الفكر الفرنسية و الذي أثار زوابعا لن تنتهي من قبل المنظمات الصهيونية و من قبل كل المفكرين و الفلاسفة المقربين من الحركة الصهيونية الى درجة رفع دعاوي ضد القناة نفسها و التي تتميز عادة بمحاباتها لليهود و للحركة الصهيونية كما في اغلب قطاعات الميديا و الاعلام و البروبغندا الغربيبة..
في مقابل الكثير من مقالات المديح والإعجاب في كبرى المجلات و الصحف الفرنسية، حيث عنونت مجلة تيليراما المميزة غلافها بعنوان: ذهب مع فلسطين.. تيمنا و تذكيرا بالفيلم العالمي : ذهب مع الريح.

الفيلم سيعرض ثانية وعلى قناة ال ARTE التي تبث فضائيا في منطقتنا و باللغة العربية هذه المرة ليلتي 14 و 15 اوكتوبر الجاري في الساعة الثانية عشر و 45 دقيقة ليلا بتوقيت فرنسا

فيلم يفضل مشاهدته في السينما وبالغة الأم:العربية.. بسبب جماليات التصوير و اللقطات العامة الجميلة** و لكن الى ان يصبح في متناول العين العربية و على شاشاتنا الكبيرة او الفضية*** لا يمنع ابدا من مشاهدة اولى على القناة الفضائية المذكورة...


:wr: لصانعي الفيلم









*مدته حوالي 4 ساعات و نصف تقريبا يندر جدا ان تشعر خلالها بالإطالة
**ستبدأ عروضه في الصالات الباريسية بداية الاسبوع القادم و بتوزيع كبير على عدد من الصالات ومنها لمدد طويلة
***اذا لم تقضم اطرافه انياب الرقابات الوطنية