Uncle Tom Syndrome/ أعراض العم توم

أعرف انك اليوم لن ترضى بديلا عن كتاب التاريخ كي تروي فيه ملحمة و توقع بإسمك في الخاتمة ، كي يقرأها خصوم اليوم على اولادهم و هم ينشدون الصفح والغفران ....لست اكتب اليك اليوم كي أحثك على مواصلة قتال، فلست اشك في عنادك و صلابتك اللذان قد يكونا سببا خفيا لحزن يستحوذ علىَ و يستبد بي فأعلم ان مثلك لا ينعمون بالراحة و بصدورهم نفس يتردد. انما اكتب اليك لاحدثك عن تراث يثقل كواهل فريق من اترابك و بني جلدتك، انه تراث كتب لك الانعتاق منه و انت لم تزل صبيا أنه تراث يرزح تحته الاخرون من الميلاد و حتى الممات، انه تراث الاونكل " توم"0

لربما سمعت حكاية العم توم صغيرا كما سمعها الاخرون و لكنك تظن انها ليست الا حدوتة نحكيها لاطفالنا و نحن نضعهم في الفراش، فلتعلم يا مارتن ان الكثيرين يتشدقون باحتقار تراث العم توم و لكنه مع هذا يسكن في جنباتهم كفيروس كامن، ان اعراض المرض قد لا تظهر عليهم، و لكن المرض ذاته يستعير اجسادهم و يعشش في عقولهم و ارواحهم من حيث لا يشعرون

حاملو هذا المرض هم الاشد خطرا من عدوك الموضوعي، ان هذا لا يعني انهم أقوياء، بل العكس هو الصحيح تماما، ان الضعف حرفا من حروف اسمائهم الاولى، إن الهوان مرادف لاسم الجد و الشعور بالضعة و احتقار الذات هو الجين السائد من بين جيناتهم الوراثية التي ان تمثل انت بينها جينا متنحيا.....لعلك الان عاقد حاجبيك من الدهشة فكيف يمكن لفريق بهذا الضعف الطبيعي ان يشكل خطرا عليك؟ لعلك تدرك انك بحاجة اساسية الى جمهور تخاطبه، يستمع لك، يؤمن بك و يتحرك من ورائك، من دون هؤلاء لن يمكنك ان تحدث تغيرا ملموسا في واقع تنشد الى قلبه رأسا على عقب..... من هنا تأتي خطورة الحاملين لفيروس " توم" من بين شعبك، انهم مسخرون بشكل طبيعي لهدم ما تبنيه، انهم يتغذون على الخلايا الصحيحة و يتكاثرون بمعدلات أسية ...انهم ببساطة يعيدون انتاج خلايا مريضة تتغذى على خلاياك الصحيحة التي انفقت حياتك في بنائها


هل تعلم أن لـحاملي الفيروس المذكور" دوافع "موضوعية" ايضا؟ مفاجأة اخرى احدثك عنها اليوم، هل تعلم كيف يمكن لحقب متتالية من التذلل و الانحناء لـ "سيد" أن تفعل؟ إنها تؤول لشعور قهري بالضعة يلازمك حتى لو لقبك من حولك جميعا بالسيد، انها تهزمك، تتغذى على انسانيتك و شعورك بالكرامة و ما لم تكن نفسيا بالغ القوة ، فأنت مرشح حتما لاستضافة الفيروس في شرايينك ما حييت. عندها ستنحاز الى سيدك ان ضرب ظهرك، ستؤيد سيدتك لو وسمت عنق ابنك بالحديد الساخن، ستزايد في القسوة على بنيك و سيصبح شغلك الشاغل ايجاد المبررات لكل جريمة يرتكبها السيد ضدك و شعبك، بالرغم من ان سيدك نفسه قد لا يهمه تبرير جرمه.... ستصبح اهم " منظر" لواقع العبودية اللانساني و بأفضل من سادتك انفسهم.....هل تعلم ما الذي يمكن ان يفعله حامل الفيروس لو اعتقه سيده، سيخر صريعا الى الارض من هول المصيبة، سيرتمي بين قدميه يسأله الصفح ....سوف يعتذر عن صراخه من الالم و سيده يمارس هواية الجلد الصباحية، سوف يرثي ايام عبوديته كحبيب يرثي هجران حبيبته... كمهاجر تخنقه عبرته كلما تذكر ملاعب الصبا أو تراءت امامه أطياف أحبة الزمن الخالي

لعله ليس سرا ان عدوك الموضوعي ليس نبيلا و لكنه بالغ القوة، انه يفوقك قوة اضعافا مضاعفة و لهذا فيلزمك ان تتلقى مئة ضربة مؤلمة كي يشعر هو بوخز الالم مرة واحدة تجعله يراجع حساباته، ان استسلامك بعد الضربة التاسعة و التسعين يعني ضياع كل تضحياتك سدى، أن ضربة واحدة منك في تمام المئة تعني انك قادر على ايلامه... إن وخز الالم قد يقع من النفس موقع وخز الضمير حتى و ان مات الضمير، و ربما و لهذا السبب قد تستمع الى "السيد" احيانا يتحدث عن الضمير و الاخلاق، انه في الحقيقة يتحدث عن الامه السابقة، و ايا كان الامر فلا بأس ان تطري اخلاقه الرفيعة تلك بصرف النظر عن دوافعها و ان تساعده على التفاخربالمزيد من مكارم الاخلاق في المستقبل

بينك و بين خصمك الموضوعي و بين حاملو عدوى العم توم، يقف فريق رابع هو بدوره ركن من اركان محنتك الرباعية، اذ ينبغي ان تعي ان تطلعك الذاتي للحرية والكرامة الانسانية هو المكون الاول لمحنتك لولاه لرضيت بأي واقع كالملايين من المقهورين من امثالك. أن افضل تسمية لهذا الفريق الرابع هو فريق "الراقصون على السلم" انه نوع من البشر لا لون له و لا طعم و لا رائحة، انه يختلف عن الفرق الاخرى جوهريا في كونه لا يملك دوافع موضوعية، فهو يزعم الوقوف بجانب الحق و الخير و لكنه يعود من منتصف الطريق الى المعركة تاركك في موقف لا تحسد عليه، و لان سألته عن السبب فسيعلل موقفه ذاك انه رأى صورتك معلقة في مخفر للشرطة و مكتوب تحتها مطلوب للعدالة ......أو ان لائحة اتهامك جاء فيها انك خطر على الامن و السلام بين الشعوب ،او انك لم تحصل على اذن من السلطات القائمة- و التي هي الخصم الاساسي- قبل أن تخرج مطالبا بحقك و حق شعبك في الحياة.. سينتقدون شعرك الاشعث و وجهك المغبر و مخارج حروفك و افتقادك لاعتدال القوام و جمال الهندام... سينقلبون عليك و ينحازون الى اعدائك و جلاديك، سيزايدون في عدائك و سيكونون في مقدمة المطالبين برأسك، بل سيعترضون الطريق الى اي تسوية لا تنتهي بسفح دمائك و تقطيع اوصالك .

سيحاول الجميع استدراجك للتوبة و الندم قبل ان يجهزوا على رأسك، ذلك انك إن مت بلا توبة، تعود روحك الى جسدك مرة بعد مرة، وفي كل مرة عليهم جميعا ان يعيدوا لعب ادوارهم من البداية، على السيد ان يسدد لك الطعنات، مئة طعنة و طعنة قبل ان يثخنك بالجراح. حاملوا الفيروس سيصبح عليهم ان يقاتلوا في صف السيد بحماس بالغ من رعبا من فقدان حياة العبودية، سيتحتم على الراقصون على السلم ان ينحازوا الى صفك في البداية و هم يعلمون انهم سيلوذون بالفرار قبل اسدال الستار، ستخور قوى السيد من فرط ما أثخنك بالجراح، سيحترق العبيد من الرعب، و سيسقط السلم بالراقصين عليه الى هاوية النسيان قبل ان يسدل الستار عليك واقفا في صدر المشهد