{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
في الحرب والدولة الكولونيالية
ابن سوريا غير متصل
يا حيف .. أخ ويا حيف
*****

المشاركات: 8,151
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #1
في الحرب والدولة الكولونيالية
عن اللوموند ديبلوماتيك الفرنسية الشهرية لعدد يناير/كانون الثاني 2005.

[CENTER]في الحرب والدولة الكولونيالية

*اوليفيه لوكور غرانميزون
Olivier Le Cour GRANDMAISON

مقتطفات من كتاب:
Coloniser. Exterminer. Sur la guerre et l’Etat colonial, Fayard, 2005, 400 pages, 24 euros

على خلاف المتوحش، فان البربري المتجسد في "العربي" ليس غير متحضّر او خارج عن الحضارة بل هو منذ قرون "سيء" التحضّر. واذا نظرنا الى النتائج العملية لهذا الموقف فان الامر أكثر صعوبة لان حضارته "السيئة" والمرتبطة ارتباطا وثيقا بديانته هي السبب في استحالة تدجينه. والدليل على ذلك اطباعه وتقاليده التي لم تتغير منذ البدايات. فهي ليست سوى نتيجة لـ"نفحة الاسلام العقيم" الذي له "تأثير" أكيد "على السياسة والاخلاق والسعادة والتعاسة عند شعوب الشرق". لذا فلا يمكننا عدم تحميل هذا الاسلام "عظمة (هذه الشعوب) وانحطاطها" [1].
ان الفرنسيين المقتنعين بان العامل الديني جوهري في سبيل فهم حاضر الجزائر وماضيها البعيد يولون هذا العامل اهمية قصوى اذ يتيح لهم ادراكا أفضل للمصاعب التي يواجهونها في فرض الامن على المنطقة. اضافة الى ذلك يمثل هذا العامل عنصر تمييز رئيسيا بين المتوحشين والبرابرة، والمعروف عن معتقدات المتوحشين انها بسيطة وبدائية فيما يؤمن البرابرة بدين حقيقي قائم على كتاب منزل. هذا ما لاحظه احد الجغرافيين المعروفين لمناسبة الذكرى المئوية لسقوط مدينة الجزائر موضحا اسباب الوضع المعقد الذي واجهه المستعمرون عام 1830 وبالتالي عظمة مهمتهم: "كانت تلك الصدمة الأولى. اسلام غير مضطرب ولا مفكك او متردد بل اسلام واثق من نفسه ومشبع بكبرياء اصلية. الامر يختلف عن الهنود الحمر في اميركا والمالينازيين في اوستراليا وحتى البوشيمان والهوتنتو والسود في افريقيا. اذا سعينا الى الاحاطة بما حدث فلا يمكننا اهمال العلاقة بين التحولات المنجزة وقوة العائق الذي كان يعترض هذه التحولات" . [2]
من الافكار الشائعة في القرن التاسع عشر ان الدين الاسلامي يرتكز على تمجيد "الحرب" وعلى "تعاليم" تدعو الى "القضاء على كل من هم خارج الاسلام". فلا عجب اذن ان يرتمي "العربي" المحشور في "رؤيته للحق والعدالة" وسط "انحرافات مؤسفة وبالتالي اضطرابات لا تهدئ" تتعارض مع "منطقنا وقناعاتنا المسيحية" [3] كما يكتب الكابتن ريشار. كثيرون من معاصريه ما انفكوا يقارنون الاسلام بالمسيحية باعتبارها المرجع الصالح الوحيد.
هكذا انبنت مجموعة من التعارضات تنتظم بموجبها مختلف التحليلات والكتابات من هنا وهناك والمؤلفة لمشهد متناقض تقسمه حدود العبادة والثقافة. عالمان قائمان على مبادئ متضادة، عالم المسيح مسالم عادل ومؤات لتطور البشر ومجتمعاتهم، وعالم محمد المحارب الجائر الرجعي لان المؤمنين باقواله سجناء الظلامية التي تتعارض "بفعل طابعها المحافظ ومراوحتها" مع التقدم "الحضاري" والتأثيرات الايجابية لـ"التربية والعلم الغربيين" [4]. فالمسيحية المعروفة بأنها دين محبة تلطّف من نزعات العنف ومن السلوك الفردي والجماعي للمؤمنين كما تشجع التقدم الاخلاقي والعقلي لدى الامم المنتشر فيها. وكان لكتابة التاريخ في تلك الحقبة ان تقدم البراهين الدامغة على ذلك. اما الاسلام فـ"تعصب متوحش" بدل ان يكبح الغرائز السيئة او ان يمثل "تعليما" قادرا على "تنقية" النفس فانه يفاقم من جموح الاولى وانحطاط الثانية. لذا فان هذا التعصب يعتبر احد اسباب الانحطاط الرئيسية ومن بعده للمراوحة العربية اذ يجعل اتباعه ممانعين في تقبل اي تأثير اجنبي ايجابي.
هكذا يمكن تفسير كيف ان "السكان الاصليين" "يرفضون أي تقدم أو دروس من الرومي". وهم يكرهون الرومي وخصوصا ان دينهم يجعل من هذه الكراهية فرضا ايمانيا قد يؤدي الى القتل اذ ان مكافأتها دخول الجنة. من هنا ينبع هذا العداء السافر والثابت الظاهر في السلوك الاجرامي للافراد والمقاومة المستمرة للقبائل التي تواجه الفرنسيين المحتقرين بصفتهم محتلين وكفرة. الاعتدال/العنف، السمو/التقهقر، النور/الظلامية، النبيل/الحقير، التقدم/المراوحة، تلك هي الثنائيات والمتناقضات التي تنظم صراحة او بصورة ضمنية التخيلات واحكام القيمة المتعلقة بالديانة المسيحية والاسلام وما ينتج منها من مقارنة بين الغرب والشرق.
ان من شأن هذه الاعتبارات المساعدة في فهم أفضل للتاريخ السياسي والعسكري في الازمنة الراهنة حيث تسيطر، وبالرغم من التغيرات العميقة التي لا يمكن انكارها، رؤية للعالم تقوم على تعارضات موروثة ولو جزئيا من تلك الحقبة، واعاد اليها الاعتبار اليوم دعاة صدام الحضارات. ويعتقد هؤلاء أنهم يتقدمون بأطروحات جديدة وجريئة لكنهم يكررون في الواقع لازمة قديمة.
في زمنه اعتبر مونتسكيو ان "الديانة المحمدية" لا تنطق الا "بالسيف" ولها على البشر "تأثير هدام". ويصل الى خلاصة منطقية يؤكدها في نظره التاريخ السياسي المقارن للاسلام والمسيحية، وهي ان الدين الاسلامي يشجع الاستبداد. ويعتبر من جهة اخرى ان المسيحية السمحاء "حملت الى قلب افريقيا تقاليد اوروبا وقوانينها"، في "امارة" الحبشة مثلا، فجعلت "الامراء أقل خجلا وبالتالي أقل وحشية". في مكان قريب تقوم "المحمدية" الدموية "بسجن الاطفال" من ورثة السلطان لتذبحهم عند موته لمصلحة خليفته المختار.
هذان المثلان المحصوران في المكان والزمان أي انهما لا يطاولان سوى نظامين سياسيين غير مؤكدين في افريقيا الشرقية، لا يمنعان من يوصف أنه أحد مؤسسي علم الاجتماع باستخلاص نتائج عامة تتخذ شكل الثوابت ترضي اصحاب النزعة العلمية: "كيف ان الحكم المعتدل يناسب الدين المسيحي والاستبدادي الدين الاسلامي". هذا ما ادعى مونتسكيو اكتشافه من قانون يضعه في تصرف الاجيال اللاحقة ويدرجه كعنوان لواحد من فصول مؤلفاته.
مهما يكن فان الجنرال لاكروتيل يؤكد انه "من السهل" اذا ما عدنا في الزمن أن نكتشف كيف ان "ما انجزته فرنسا ليس سوى تتمة لمشروع ضخم: دفع الاسلام الى الخلف على يد المسيحية التي كانت مهددة في السابق وانتصرت اليوم". هكذا يدرج احتلال الجزائر واستعمارها في سياق تاريخ طويل وعجيب شهد مواجهة عنيفة بين الديانتين مما يجعل النزاعات الراهنةاستمرار باشكال جديدة للمعارك التي خاضها الشجعان "رولان" و"مارتل" لانقاذ "الغرب"
(...)
المتوحش أقرب الى الحيوان كما قلنا بينما البربري أقرب الى البهيمة (...) فاذا تمرد الأسود تحول الى وحش كاسر يجب مطاردته وقتله عند الضرورة. فهو يتغير تبعا لسلوكه كأسود جيد او سيء مما يستوجب معاملته وفق سلوكه (...). اما الجزائري "الاصلي" فهو مضر على الدوام ولذا فهو يصوّر على صورة البهيمة. ولم يكن واردا ان يستخدم اي معاصر لتلك الحقبة كتابةً او شفاهةً صفة "الطيب" في الكلام عن البربري لان التخيلات الشائعة بين العموم وحتى في الدوائر المثقفة لم تكن تسمح بهذا الاحتمال الا على سبيل الافتراض وهذا ما هو عليه الحال اليوم. فالبربري هو تحديدا عدو الحضارة وتلتصق به اشكال سلوك خاصة تهدف الى القضاء عليه في شكل من الاشكال.
فـ"العربي" الذي يقارن دائما بالحيوان المتوحش، الماكر والخطير، يخضع للمطاردة الى التخوم تأكيدا لانتصار الفرنسيين.
(...)
كذلك النقيب لافيزون من الفرقة الاجنبية الفرنسية يعتبر عبد القادر الجزائري "وحشا" و"مرابطا دمويا" تجب مطاردته للثأر لارواح "اخوتنا الذين قتلوا" لان "الدم بالدم". اما مع لانافير فاننا نتجاوز البهيمية الى الصاق صفة مقلقة اذ يؤكد "ان العرب قادرون على الرؤية في الليل (كالخفافيش) فيزحفون على معسكراتنا كالافاعي ويأخذون من جوار جنودنا الراقدين من تعبهم الاسلحة والثياب وخصوصا الاحصنة" [5]. تعتبر ميزة الرؤية الليلية شذوذا في بنية الانسان بما ان الغالبية محرومة منها وتضيف صفات الشيطان الى صفات البهيمة لتجعل من "السكان الاصليين" ضربا من المسوخ تكمن غرابتهم في انهم يستعيرون قدراتهم من الانسان ومن الحيوان فيتمكنون من مقاومة المستعمر بصورة أكثر فعالية.
مهما تكن توجهات اصحاب المواقف الآنفة الذكر والوسائل التي يدعون الى استخدامها، فان الصاق صفة البهيمية بالعربي يتمفصل دائما مع توصيات وممارسات متاحة ومشرعنة. فلم يعد مطروحا التدجين بل المطلوب الحرب والمطاردة والاغارة بدون رحمة. وليس هذا من باب الاستعارة البحتة او الاطناب الهجائي المستخدم لاغراض فنية انشائية من دون ترجمة عملية بل انه موقف سياسي يمكن وصفه بالطبيعي. فهو في نظر دعاته نتيجة ضرورية لصراع الاعراق المعتبرة حربا حتى الموت مع كواسر لا يمكن ترويضها.
(...)
في مواجهة البرابرة الذين يشكلون خطرا مميتا على الحضارة، كل شيء مسموح اذ انهم لا يتركون خيارا سوى ان يدمروك او تدمّرهم.






--------------------------------------------------------------------------------

[1] Alexis de Tocqueville, “ Rapports sur l’Algérie ” (1847), in Œuvres, “ La Pléiade ”, Gallimard, Paris, 1991, p.813

[2] Emile-Félix Gautier, Un siècle de colonisation. Etudes au microscope, Paris, Alcan, 1930, p.47.

[3] Charles Richard, Etude sur l’insurrection du Dahra, Alger, 1848, p.36.

[4] Sir Alfred Lyall, “ Les problèmes indigènes et le droit musulman en Algérie ”, in Histoire et historiens de l’Algérie, Paris, Alcan, 1932, p.308.

[5] N. de La Vaisonne, De la souveraineté de la France en Afrique par l’occupation restreinte et le système des razzias, Avignon, 1841, p. 9. J. Lasnaveres, De l’impossibilité de fonder des colonies européennes en Algérie, op.cit., p. 65.


المصدر الإلكتروني:
http://mondiploar.com/article.php3?id_article=57
01-12-2005, 03:32 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
في الحرب والدولة الكولونيالية - بواسطة ابن سوريا - 01-12-2005, 03:32 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  الحرب السورية التركية ..الدفرسوار في الشمال... بقلم نارام سرجون‏ فارس اللواء 2 1,112 11-02-2012, 02:17 PM
آخر رد: فارس اللواء
  من يسخن الحرب الباردة بين السعودية وايران؟ فارس اللواء 0 591 11-24-2011, 08:31 PM
آخر رد: فارس اللواء
  نصر الله: الحرب على ايران وسورية ستتدحرج في المنطقة fahmy_nagib 0 933 11-12-2011, 06:09 PM
آخر رد: fahmy_nagib
  تلجراف: إسرائيل تدق طبول الحرب على إيران fahmy_nagib 3 1,663 11-09-2011, 12:34 AM
آخر رد: fahmy_nagib
  أبو شادى: الخلافة الإسلامية قادمة.. وأمام النصارى الجزية أو الإسلام أو الحرب الحكيم الرائى 6 2,466 09-02-2011, 10:55 PM
آخر رد: مسلم

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 3 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS