{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
قنص
لمى غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 85
الانضمام: Nov 2004
مشاركة: #1
قنص
قنص

لم أفهم يوماً سر تعلقه الشديد بتلك الرياضة، ولست أدري إن كان يجوز تسميتها رياضة، رؤية الطيور تموت للمتعة! "أي متعة هذه؟" لطالما تساءلت.

قتَلها أمامي، كانت بيضاء شاحبة، يتخللها سمار خفيف عند أطرافها، وانحناءتها غاية في الرقة والجمال. كانت مستكينة بهدوء بين يدي، ولها عينان تبرقان حزناً، مررت أصابعي على رقبتها الناعمة ولم أكن ادري ما مصيرها الذي كان قد قرره لها مسبقاً.

أخرج السكين من جيب سترته الشتوية الزرقاء و... وأغمضت أنا عيني، عندما فتحتها لم أرى إلا بضع ريشات على الأرض، وريشة صغيرة حملها الهواء قرب نافذة السيارة يخالط بياضها حمرة قانية.

شعرت بالغثيان، وبعدها لم أتناول شيئاً من الطعام حتى اليوم التالي.

تذكرت تلك القصة التي كنت أسمعها مراراً عن نصائح الرجال للمقبلين على الزواج، بليِّ رقبة قطة مسكينة أمام العروس الجديدة لتخاف وتتعظ مستقبلاً، كنت أضحك كثيراً لتلك القصة، وكنت أضحك أكثر لتلك الكلمة التي يقولها والد العروس ليبدي موافقته عندما تُخطب "لو هِي ذبيحة ما عشتِك!" قطة وذبيحة كنت أفكر، وحمامة ربما، مفارقات مميتة!

[CENTER]***[/CENTER]

فتحت عيني صباحاً لأراك مستلق في الفراش إلى جواري، هذه المرة الأولى التي لم أشعر فيها بقدومك. كنت منهكة للغاية مع أختي وتحضيرات زفافها، كنت أريد لكل شيء أن يكون مثالياً فقط ودون أخطاء، أنا وأمي نحاول أن نتلافى الأخطاء التي كللت حفل زفافي بالفشل.

متعهد الطعام والفرقة الموسيقية، أردت أن أدير أسطوانات فيروز لكن الكل كان يضحك عليّ، "نريد أن نرقص، لا أن نبكي" قالت ابنة خالتي الصغيرة وهي تمتلئ بهجة وفرحاً. أبي وحده كان يؤيدني، أصررتم على تلك الفرقة وجاءت متأخرة، لكن ليتها لم تأتي! وأنا في حجرتي في الطابق العلوي، أنتظر أن أسمع دفوفهم التي تلتهب حرارة، لكني انتظرت طويلاً ولم أسمع أي شيء، وفيروز تنبعث دافئة عذبة "صباح ومسا، شي ما بينتسى، تركت الحب وأخذت الأسى..." كنت أبكي وإحداهن تصفف شعري بينما تصر الأخرى أن أتوقف عن البكاء لكي تصبغ وجهي بتلك المساحيق الكريهة، قلت لها أحب فيروز، قالت لي فيروز للحزن وحفل زفافك مناسبة للفرح! لكن من قال لها أنها مناسبة للفرح؟ لهم ربما، لكن ليس لي أنا على أية حال.

الأطفال في الحفل، أفسدوا كل شيء، نزعوا الزهور، بللوا المناديل، أزاحوا الكراسي ولولا ثقل الطاولات لأزاحوها من أماكنها أيضاً، عبثوا بالكعكة قبل أن يأتي هو لنقطعها سوية.

الجميع كان ينصحني، أمي حاولت مراراً، ولكني بكل سذاجة وغباء كنت أردد دائماً "لا يا أمي، الأطفال زينة أي حفل" ولم أكن أدري حينها أن الأطفال أحد الأسباب الرئيسة لفشل أي حفل زفاف.

وتلك الفتاة الصغيرة بثوبها الأبيض وإكليل الورد الذي يحيط برأسها، كانت تبدو كملاك، تنثر بتلات الزهور وهي تتقدمني على الممر الخشبي الصغير، وفجأة رأتَ صاحباتها على جانب الممر فانحرفت يميناً وتركتني في منتصف الطريق لم أكن أدري ما الذي يتوجب علي فعله حينها، هل أضحك أم آذن لدموعي الحبيسة بالنزول.

ابتسمت وأنا أتذكر كل هذا، شريط من الذكريات مر بخاطري، أشياء صغيرة، حذائي الأبيض الذي نسيت ارتدائه ولم أتذكره إلا قبل دخولي قاعة الحفل بلحظات، أقراط اللؤلؤ التي فقدتها فارتديت أقراط زوج خالي، يا الله.. كأن حفل زفافي لم يكن إلا البارحة.

[CENTER]***[/CENTER]بقيت في الفراش مسترخية، أغمضت عيني نصف إغماضة وأنا استمع إلى هديل الحمام يتردد صداه ويأتيني من نافذة الحمام وعبر حجرة الملابس المليئة بالخزانات الخشبية العالية وبقايا من جهاز عروس كانت أنا. تذكرت قصيدة كنا نحللها في دروس البلاغة: "رُبّ ورقاء هتوف في الضحى ... ذات شجو صدحت في فنن..." هديل الحمام الذي أصحو على صوته ظهيرة الإجازات، يذكرني أيضاً بحمام مدينة البندقية وأيام شهر العسل.

نذهب لليوم للغداء عند أمي، ستُحضر لك أكلاتك البحرية ولي طعامي النباتي. يمكنك طبعاً أن تنام بعد الغداء في حجرتي، سأخرج وأختي إلى السوق ثانية، وحتى ثلاثة أسابيع مقبلة سنخرج إلى الأسواق معاً.

أعلم أن لا موضوع للحديث بينك وبين أبي هو من عشاق البحر وأنت لا تهوى شيئاً مثل القنص، ولكن لا بأس حاول لأجلي. صيد في البر وصيد في البحر. أنا لا أفهم مهما حاولت إقناعي، في البحر يجتاحني الدوار وفي المرة الوحيدة التي أخذتني إلى قنصك ذاك أثرت غثياني لأيام.

[CENTER]***[/CENTER]
نهضت من الفراش متثاقلة، الساعة البيضاء الصغيرة على الطاولة الخشبية بجانب السرير قد جاوزت الحادية عشرة، بعد قليل يؤذن معلناً دخول ظهيرة يوم جديد مشمس كالعادة.

أخذتُ ثوبك الأبيض من على الأرض، تنشقت رائحته بقوة، أحب رائحة جسدك كثيراً، رائحة دخان وعطر خفيف وعرق. أحاول إيقاظك وبعد لأي تفتح عينيك وفمك معاً، تتثآب حتى لحظة دخولك الحمام، وأنا يئست من محاولاتي الكثيرة لتقلع عن هذه العادة فصارت تثير ضحكي أكثر من أي شيء آخر. اعتدت على هذا الآن كما اعتدت على غيره، وألفتك كما أنت. قررت أيضاً أن أكف عن محاولاتي الدائبة للتغيير، فلا مكان للتغيير في حياتنا.

لمى
01-17-2005, 01:33 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
قنص - بواسطة لمى - 01-17-2005, 01:33 PM
قنص - بواسطة لمى - 01-17-2005, 02:06 PM,
قنص - بواسطة Jupiter - 01-18-2005, 11:18 AM,
قنص - بواسطة لمى - 01-20-2005, 11:57 PM,
قنص - بواسطة Jupiter - 01-21-2005, 06:37 PM,
قنص - بواسطة jaffra76 - 01-23-2005, 07:44 PM,
قنص - بواسطة لمى - 01-28-2005, 01:19 PM,
قنص - بواسطة jaffra76 - 01-29-2005, 10:12 PM,
قنص - بواسطة لمى - 01-30-2005, 01:24 PM,
قنص - بواسطة Jupiter - 01-30-2005, 03:50 PM,
قنص - بواسطة لمى - 02-05-2005, 10:42 PM,
قنص - بواسطة لمى - 02-06-2005, 12:06 AM,
قنص - بواسطة لمى - 02-06-2005, 12:16 AM,
قنص - بواسطة الوسي - 02-09-2005, 11:01 PM,
قنص - بواسطة لمى - 02-11-2005, 03:54 PM,
قنص - بواسطة الوسي - 02-12-2005, 01:11 PM,
قنص - بواسطة اميريشو - 02-13-2005, 03:12 PM,
قنص - بواسطة اميريشو - 02-13-2005, 03:15 PM,
قنص - بواسطة لمى - 02-14-2005, 11:43 AM,
قنص - بواسطة الوسي - 02-15-2005, 01:32 PM,
قنص - بواسطة اميريشو - 02-17-2005, 11:00 AM,

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS