(1)
-قبل ان نخوض في غمار هذا الموضوع،علينا ان نتفق على النقاط التالية:
1- ان نقف خارج هذا الكوكب ونراقب حركة الانسانية منذ الازل حتى هذا اليوم،فنجد ان امريكا هي حالة صحية في تاريخ الانسانية،فهي متابعة لخطوات الحضارات التي سبقتها.
2-يجب ان نرى حقيقة ماثلة،ألا وهي ان امريكا تمثل اخر خطوة خطتها البشرية في اتجاه الكمال حتى اليوم (تمثل نتاج الحضارات).وانطلاقا من هاتين الحقيقتين، لا يوجد عيب في اتباعنا لامريكا علميا وحضاريا وسياسيا،فذلك من ألف باء علم الاجتماع،فهذا ما تنبأ به ابن خلدون في مقدمته قبل مئات السنين حول تقليد المغلوب للغالب.
3-يجب ان نعترف أيضا ان امريكا هي دولة غير أخلاقية،ولكن هذا شيء لا يحسب عليها كما يفعل العرب "الاخلاقيين" جدا،بل يحسب لها،اذا كانت تتصرف في اطار مصالحها،فالمهم كيف يتصرف "الاخلاقيين" العرب تجاه انفسهم.
(2)
-لكن فيما يبدو ان العرب ليسوا قادرين على استيعاب الحقائق الانفة،فأمريكا تمثل اليوم ذروة ما وصلت اليه البشرية من علم ورقي وحضارة في جميع مجالات الحياة،فأمريكا هي السيدة سياسيا،اذ يعتبر النظام السياسي فيها نظاما حداثيا جدا،لم يسبقها اليه احد متمثل بالنظام الرئاسي الامركي،وامركا هي المتطورة اقتصاديا،اذ تعتبر عصب الاقتصاد العالمي،وامركا تعتبر الاكثر تطورا وتقدما في الميدان العسكري،ونقنتصر على هذه الجوانب الثلاث التي قامت عليها الحضارت الانسانية منذ الازل (النظام والفكر السياسي،والنظام الاقتصادي،والقوة العسكرية).
-ويبدو ان العرب فعلا لا زالوا يعيشون في القرون الغابرة،ومبدأ "لنا الصدر دون العالمين"،او بعبارة اخرى "لنا الصدر أو القبر".

-فبنظرة سريعة الى الحال الذي وصل اليه العرب،نجد الاستبداد والنهب والجواري والهوان، اذ يوجد هناك انظمة عربية تمثل ذروة التخلف المتمثل بالاستبداد السياسي والنهب الاقتصادي وغياب الحكم الحداثي،وغياب مفهوم الدولة الحديثة ،اذ يسود في هذه الدول مفهوم للدولة ينتمي الى العصور الغابرة من الزمان.
(3)
- يخرج علينا "المنظرين"العرب الفطاحل ،وبالمناسبة أغلبهم من ازلام السلطة ليقول:
(نرفض الاصلاح والتحديث حينما يأتي من الخارج-ويقصد امريكا-)،فكم ان هذه الدعوة مضحكة ومقرفة وهي نموذج حي على حالة الانعزال الحضاري والانساني التي يعاني منها العرب،بحيث أصبحوا عبء حقيقي على البشرية –مثل قبائل افريقيا،بل أكثر من افريقيا،اذ أصبحوا أمة توزع الارهاب-،فهذا الرجل كمن يقول:
(سوف أنجس نفسي نكاية بالطهارة....!!!!!)،والمفارقة ان هذا الرجل نفسه يملك موقعا على الأنترنت ويروج لأفكاره الظلامية الحمقاءعليها،هذه "الانترنت" التي يتمرغل في نعمها صاحبنا هذا هي منتج امريكي 100%،فهو يشبه الى حد كبير شخصا يجلس في الماكدونالدز يتناول وجبة من "البج ماك"متلذذا بمذاق الخردل،ويسب منتجات الحضارة الامريكية.
-هذا الرجل نفسه ينسى او يتناسى ان الأقمار الصناعية التي تبث عليها صورته الى أرجاء العالم هي أيضا منتج امريكي،وينسى هذا الرجل ان السيارة التي يتفاخر بها أمام اقرانه في الصالونات السياسية والفكرية هي من نوع فورد او كاديلاك او شفرليه وهي أيضا صناعة امريكية.
-فمن يفسر لنا هذا التناقض المقزز والمقيت في هذه الشخصية العربية النموذجية..؟؟
(4)
-امريكا قتلت...؟؟ نعم قتلت.
-امريكا نهبت..؟نعم امريكا نهبت.
-لكن لا نريد ان ننسى ماذا فعل بنا ذوي قربتنا وابناء جلدتنا (وظلم ذوي القربى)،فصدام حسين الذي كان مدعوما امركيا،أسقطته امريكا ولكن بعد 12 عاما من سحب غطائها عنه ،و بعدما يأست من شعبه على مر 12 عاما.
-حافظ الاسد الذي يقدر عدد ضحاياه بمئات الالوف لم يهتز عرشه من مقتهلهم (وهم ابناء شعبه)،ولم يهز عرشه ايضا صرخات اللبنانيين المطالبين باحترام كرامتهم،انما يهز عرشه الان امريكا.
-فرعون مصر لم يكن ليتخلى عن كرسيه الا بعدما راى "ان العصا لمن عصا"...وانه سوف يأتي يوم ويكون الدور عليه مهما قدم من تنازلات للخارج في مقابل شعبه.
-وما جرى من انتخابات في السعودية–رغم هزالتها- الا انها تعتبر عنوانا اخر من عناوين ماساتنا مع الطغاة.
(5)
-لقد تبين من خلال الاحداث الاخيرة الرهيبة التي مرت علينا ان تلك الطغم الظالمة لا تفهم الا لغة الحديد،فلا يفل الحديد الا الحديد،ولن يزيحها او يزحزحها اعتصام او تظاهرة أو عصيان اوما يحزنون،انما لا تتحرك الا اذا خافت،كما تفعل الضفادع.
-وفي الحقيقة ما دفعني الى كتابة هذا المقال ثلاثة أمور:
1-ان الطغم السياسية واذنابها تتهم بالعمالة كل من نظر الى أمركا، وهنا المفارقة،وهي ان رؤوس هذه الطغم تصطف على باب البيت الأبيض تنتظر مقابلة مع الرئيس بوش،أو تختلق مؤتمرا للقاء رايس في عشاء "بعيد عن عيون الصحافة"،او تنتهز لقاء صحفي مع مجلة امريكية لتقدم علنا وبكل وقاحة فروض الخشوع والطاعة لليانكي.
2- اثبتت الأحداث ان هذه الطغم لا تسمع او تفهم الا لغة القوة وهدير الطائرات النفاثة،وصفير التوما هوك،لتختبيء في جحور مثل الفئران كما صدام،أو تهرب كما الفئران في اراضي تحاول سرقتها من اصحابها وتذلهم كما في لبنان .فمالذي منع صدام حسين من أن يصنع عراقا ديمقراطيا تحترم فيه حقوق الناس على مر 30 عاما،ومالذي منع عائلة الأسود من الانسحاب من لبنان على مر أعوام طويلة أو مصالحة الشعب السوري المثلوم..؟؟ومالذي منع مبارك من اجراء هذا التعديل في العام 86 مثلا،وهو الحاكم بأمر الله منذ بداية الثمانينات...؟؟؟
3-الشيء الاخير..لماذا يتهمنا أذناب السلطة النجسين ومنظريهم "بالعمالة " للأمبرالية،وينسون ان اسيادهم هم أول العملاء لأمريكا،وهو أمر ليس بسر على أحد،وأسيادهم هؤلاء مستعدين لتقديمنا بل وتقديم شعوبهم كاملة كقرابين لفارس البيت الأبيض، بعد ان يتم فبركة ملف "ارهابي" وتسليمه لامريكا،كدلائل على "علاقات التعاون بين البلدين"(!!!!!) ..؟؟
-علينا قبل ان نسب امريكا "بلد الحضارة والعلم وحقوق الانسان" والتي ينام الشبان العرب امام سفارتها أملا في الوصول لها،أو بيع مؤخراتهم (ولا أبالغ)،مدعين انهم "لوطيين"وذلك بغية الحصول على الجرين كارد،علينا ان نسب انفسنا أولا وأن نخجل من أنفسنا.
-فالمواطن السوري الذي يخرج يدبك ويرقص في الشارع ويقول "بالروح بالدم نفديك يا بشار" ،ليست امريكا التي أخرجته ليصبح اضحوكة العالم،والمواطن الذي في ليبيا يستمع ويصفق لخطب القذافي الخضراء الحمقاء،ليست امريكا التي أجبرته على ذلك،وهذا الكلب أو ذاك حينما يأتي للدفاع عن أسياده نفاقا او تزلفا،أو يكتب التقارير بأبناء شعبه،ليست أمريكا التي ربته وعلمته ان الوطن قيمة رخيصة امام رضا أسياده عنه،بل أمه الساقطة،التي علمته وقالت له: "حط راسك بين هالروس وقول يا قطاع الروس" وقالت له "قولة جبان ولا قولة الله يرحمه" وقالت له "امشي الحيط الحيط وقل يا رب الستر"..أو أبوه العاهر الذي علمه كيف يرشي الموظفين وكيف يكذب وكيف يخاف من شرطي المرور...فهل أمريكا التي قالت لهذا الشعب " حط راسك بين هالروس.."؟؟(!!!)..
(6)
اذا كانت مطالبتي بحقوق شعبي الانسانية تجعل مني عميلا امريكا..فأنا اذن كذلك.
اذا كانت مطالبتي بالديمقراطية والشفافية واحترام الشعوب تجعل مني عميلا امريكيا...فأنا أعلن انني كذلك.
اذا كانت مطالبتي بأن يصبح الانسان حرا...تجعل مني بنظر ازلام السلطة امريكيا..فأنا كذلك.

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	عندما نقرأ هكذا مقال فأنا لا استطيع أنام الليل...لعنة الله عليك يا مأمون الكلب	بسام الخوري	29	7,064	10-10-2010, 01:01 AM آخر رد: بسام الخوري
	صدام كان عميل للاميركان	journalist	5	1,353	10-19-2007, 11:08 PM آخر رد: بنى آدم
	طالبان تستعمل طفلا لقطع عنق "عميل" ...	lilly	4	1,310	05-02-2007, 12:43 PM آخر رد: Awarfie
	هنيئا لك .... فأنا أغبطك ..... كثيرا ...	نسمه عطرة	13	2,300	01-14-2007, 07:34 PM آخر رد: نسمه عطرة
	هل سيكون وصول 21 الف جندي امريكي بداية لحرب امريكيةايرانية في العراق ؟	طيف	14	2,835	01-13-2007, 03:08 AM آخر رد: طيف