عندما كنا شبابا في المدرسة، كان عندنا في المرحلة الثانوية مادة اسمها التربية الوطنية تحولت فيما بعد إلى التربية القومية ثم صارت التربية الاشتراكية وفي النهاية صارت قلة التربية، وكنا ندرس وقتها، وهو وقت الزخم العربي القومي، في هذه المادة مقومات الوحدة العربية التي كانت سبعة أذكر منها:

وحدة الدم

وحدة اللغة

وحدة المصير المشترك

وحدة الآمال والآلام

وحدة الأرض

واعذروني لأني نسيت المقومات الأخرى أنسانيها الزمن والبعد عن الوطن والممارسات القمعية الإنفصالية للأنظمة الوحدوية التي شعارها وحدة وحرية واشتراكية. هذه الوحدة كانت حلم كل عربي في ذلك الوقت، إلى أن دُمر هذا الأمل كما دُمرت كل الآمال الأخرى والأحلام التي كان المواطن العربي يحلم بها بعد عهد الإستعمار على أيدي الحكام الديكتاتوريين الذين رفعوا هذه الشعارات نفسها وفي نفس الوقت عملوا على إماتتها وتمييعها وإقناع المواطن باستحالة تحقيقها.

المتطلع إلى حال العالم العربي اليوم يلاحظ تلاشي حلم الوحدة العربية عمليا وتشكل وحدة عربية من نوع جديد، لها مقومات جديدة، وحدة موجودة فعلا رغم كل مظاهر التفرق والتشرذم التي تحيط بنا، ورغم كل الحدود والأسلاك الشائكة وحرس الحدود ونقاط التفتيش وموظفي الأمن في المطارات، هي وحدة لا تجمع الأفراد كما كنا نحلم ونتعلم بل هي وحدة تجمع الأنظمة يمكن أن نلخص مقوماتها أيضا في سبعة مقومات أو أكثر أو أقل هي:

وحدة السجون ووسائل التعذيب

وحدة القمع

وحدة وزراء الداخلية

وحدة الخضوع الأمريكي الإسرائيلي

وحدة الفساد والسرقة

وحدة الحاكم الأبدي وورثته

أترك للقارئ أن يضيف إلى هذه المقومات ما يشاء بحسب خبرته وثقافته وانتمائه الجغرافي، وأشكر الأنظمة العربية المحتلة التي أحيت في بلادنا هذه الوحدة العربية الجديدة وأماتت الوحدة العربية القديمة وأقنعتنا بعدم جدواها وعدم ملاءمتها للعصر الجديد والزمن الجديد زمن الخضوع والذل العربي.


أمير أوغلو