أظنّ أنّ الجميع قد سمع بالسيّدة "أمينة ودود" والتي كانت أوّل سيّدة في التاريخ الإسلامي تؤم الرجال والنساء ..
هذه الصلاة أقيمت في الولايات المتّحدة بتاريخ 18-3-2005 بمناسبة "يوم المسلم" ..
ومن الطرائف .. أنّها أقيمت باستضافة "كنيسة" مسيحيّة .. بشكل سرّي .. لسببين ..
أوّلهما .. التهديدات الإرهابيّة التي أطلقها معارضو الفكرة ..
وثانيهما .. رفض ثلاث جوامع إسلاميّة استضافة هذه الصلاة ..

طبعاً .. هذه الصلاة لن تكون بمثابة قفزة في مجال حرّيّة المرأة في المجتمع الإسلامي لأنّها بالأصل ليست قفزة باتّجاه الحريّة بقدر ما هي "وخذة" تذكّر بوجود ما يُسمّى "إمرأة" .. كما أنّ الفتاوى التي تلت هذه الصلاة لن تكون قفزة في مجال "الانحطاط" الفكري الإسلامي .. لأنّه "أي الانحطاط" لم يعد يملكّ حيّزاً أكبر "للقفز" ..

أوّل ما تخيّله صديق لي "لا تعرفونه" عندما سمع بالخبر .. هو "قفا" هذه المرأة وهي تركع وتسجد أمام الرجال ..
فاستغفر الرجل ربّه ثم قال بنوعٍ من التعقّل : لقد خلق الله جسم المرأة على نحو يخالف جسم الرجل .. وجعل فيه من خصائص ما يثير الرجل ويحرّك غريزته .. لذا كان حرامٌ عليها إمامة الرجال ..!!
وهنا تساءلت أنا إلى متى سنبقى نعامل المرأة على أنّها "قفا" .. !!؟؟
فلا يصحّ لها الخروج من المنزل إلا ومعها "محرم" يحمي "قفاها" (هذه فتوى حقيقيّة) .. ولا يجوز لها قيادة السيّارة لأنّ المخترعات الحديثة تناسب عقول الرجال ولا تناسب "أقفية" النساء .. (فتوى أخرى مطبّقة في السعوديّة) ..
ثم أنّ الرجل الذي يبحث عن الإثارة .. لن يتسلل للمسجد كي يفرّغ شهوته بامرأة تركع وتسجد وهي تستر كامل جسدها بجلبابٍ أسود .. فملاهي الدعارة تملأ الدنيا .. كما أنّ أفلام الـsex مكدّسة على "البسطات" ..
وإذا كان صديقي يخشى على المصلّين أن يتشتتوا في صلاتهم وهم يرون امرأة لا يظهر منها شيء من أنوثتها وهي تركع بين يدي الله .. فأريد أن أهنّئ صديقي على هذا المجتمع الذي ينشر فيه فتاويه .. أن أهنّئه على مدى ثبات أفراد هذا المجتمع ومدى خشوعهم في صلاواتهم .. وأهنّئه على مدى سعة أفق تفكيرهم الذي لا يحدّه "قفا" ..
يا سيّدي المحترم .. نحن هنا نتحدّث عن امرأة أمّت الرجال والنساء في الركوع والسجود .. بل والخشوع بين يديّ الله .. ومناقشة هذه القضيّة يختلف كثيراً عن الحديث عن امرأة "ماطلت" أمام معشرٍ من الرجال ..

أكمل صديقي فتاويه باتّزانٍ أكبر فقال :إن الإسلام لا يسمح للنساء بأن يعظن الرجال
وهنا تساءلت ثانيةً : وهل الموعظة تعتمد على الجنس أم على سعة العقل والمعرفة .. !!؟؟
ثمّ ومن فصّل الإسلام على مقاس الرجال سوى الرجال .. !!؟؟
أنت هنا يا سيّدي .. لم تقل جديداً يختلف عمّا أسلفت .. فمازلت تعامل المرأة على أنّها "قفا" .. لا تفقه شيئاً سوى تهيئة فراش النوم .. والتزيّن والتبرّج لك كي تمتع رجولتك ..
ثمّ لماذا لا يصحّ لها أن تعظك .. !!؟؟ .. وهل المواعظ والحكم تنشأ من "كبر" العقول .. أم من كبر "الأعضاء التناسليّة" .. !!؟؟
شكراً يا سيّدي .. شكراً على فتاويك التي تركت ذئاب العالم .. ولحقت ما هو أرقّ وأجمل ما في العالم ..

يختم صديقنا قوله بالعبارة التالية : لقد رأينا الاديان الاخري تخص الرجال في شأن الدين بأمور كثيرة، ولم تثر النساء عندهم اعتراضهن علي ذلك، فما بال نسائنا يغربن ويسرفن في مطالبهن ويثرن ما يشق الصفوف بين المسلمين؟ في وقت هم احوج ما يكون الي لم الشمل، وجمع الصف، لمواجهة الفتن والازمات والمكايد الكبري التي لا تريد ان تبقي لهم من باقية؟!
أرجو منك يا صديقي ألا تستخدم كلمة "يشق" في المرّات القادمة .. لأنّ هذه الكلمة تُشعرني بالألم أكثر وأكثر .. وكم أتمنّى لو أنّك تتكلّم بعيداً عن اسم "الإسلام" .. لأنّ حديثك باسمه "يشقّني" أكثر فأكثر ..

خوليو