{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
أمل دنقل ولعبة النهاية
coco غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,795
الانضمام: Oct 2004
مشاركة: #1
أمل دنقل ولعبة النهاية

لعبة النهاية

في الميادين يجلس
يطلق – كالطفل – نبلته بالحصي
فيصيب بها من يصيب من السابلة
يتوجه للبحر في ساعة المد
يطرح في الماء سنارة الصيد
ثم يعود
ليكتب أسماء من علقوا
في أحابيله القاتلة
لا يحب البساتين
لكنه يتسلل من سورها المتآكل
يصنع تاجا
جواهره الثمر المتعفن أكليله الورق المتغضن
يلبسه فوق طوق الزهور
الخريفية
الذابلة
يتحول : أفعي ونايا
فيري في المرايا
جسدين وقلبين متحدين
( تغيم الزوايا
وتحكي العيون حكايا )
فينسل بينهما
مثل خيط من العرق المتفصد
يلعق دفء مسامهما
يغرس الناب في موضع القلب
تسقط رأس الفتي في الغطاء
وتبقي الفتاة
محدقة
ذاهلة
أمس : فاجأته واقفا بجوار سريري
ممسكا - بيد – كوب ماء
ويد – بحبوب الدواء
فتناولتها
كان مبتسما
وأنا كنت مستسلما
لمصيري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قصيدة لعبة النهاية من أواخر ما كتب الشاعر الراحل أمل دنقل والتي نشرت في ديوان أوراق الغرفة 8
كان المرض الرهيب الذي تمكن من جسد الشاعر وظل يصارعه أربع سنوات من أوائل سبتمبر 1979
إلي أواخر مايو 1983
وعنوان الديوان لم يكتبه أمل بل كتبه الناشر وربما زوجته عبلة الرويني
والغرفة 8 هي الغرفة الأخيرة التي عاش فيها أمل دنقل في الدور السابع من المعهد القومي للأورام
وربما لم يمتلك أمل دنقل طوال حياته بيتا حقيقيا يحس معه بالألفة والحميمية التي نحس بها جميعا
تجاه بيوتنا
قصائد هذا الديوان هي القصائد الأخيرة التي كتبها الشاعر ويمكن أن نري فيها تجربته القاسية
مع الموت فهذا الديوان يحتوي علي قصائد تتعامل مع الموت وتتعاطاه بشكل مباشر مثل ضد من
وزهور ولعبة النهاية والسرير و ديسمبر والجنوبي وهي آخر ما كتبه أمل
قصيدة لعبة النهاية أعتبرها من أجمل قصائد أمل دنقل التي تبرز فيها قدرته الفنية علي استبطان
التجربة و معالجتها وصياغتها
في القصيدة يبدأ الشاعر



في الميادين يجلس
يطلق كالطفل نبلته بالحصي
فيصيب بها من يصيب من السابلة


في هذا المقطع يرصد أول ما يري من فعل الموت.. فالموت هنا كأنه الطفل الذي يلهو ويلعب
بنبلته التي يرمي بها الحصي فلا يملك من الوعي ما يجعله يميز بين من يقصده بالرمي ومن
لا يقصده فهو يرمي كيفما أتفق .. فيصيب بها من يصيب من المارة
المارة الذين يجعلهم حظهم العاثر من المارة في هذه الميادين الوسيعة والشرط الوحيد لموتهم هو مجرد
مرورهم في هذا المكان الذي يتصادف أن يوجد فيه هذا اللاهي بالمصائر غير المكترث لها


يتوجه للبحر
في ساعة المد
يطرح في الماء سنارة الصيد
ثم يعود
ليكتب أسماء من علقوا
في أحابيله القاتلة


في هذا المقطع نجد الموت يعلي من قصديته واختياره إذ أنه باختياره للفعل ( يتوجه ) يعطي للموت
قصدية واختيارا للمكان ( البحر ) والزمان ( في ساعة المد ) الذي سوف يمارس فيه عمله ولكن ذلك
الفعل مازال متسما بالعشوائية التي رأيناها في المقطع السابق إذ أنه ( يطرح في الماء سنارة الصيد )
دون تحديد لمن سوف يعلق بتلك السنارة من الصيد فمن يعلق يعلق ومن يهرب يهرب
( ثم يعود ليكتب أسماءهم ) وهذه قصدية في العشوائية فرغم أنهم علقوا دون قصد منه لهم إلا أنه يكتب
أسماءهم


لا يحب البساتين
ولكنه يتسلل من سورها المتآكل
يصنع تاجا
جواهره الثمر المتعفن
إكليله الورق المتغضن
يلبسه فوق طوق الزهور
الخريفية
الذابلة


صورة جميلة للموت مرسومة بريشة فنان يعرف كيف يرسم صوره ولكنه لا يكتفي برسم
تلك الصورة ليرينا حرفيته العالية بل يدخلها في نسيج تجربته الأساسية إذ أنه بهذا المقطع
يمهد للمقطع التالي فيرينا كيف يتهيأ الموت لممارسة فعله - لقد كتب الأسماء في المقطع
السابق - والآن جاء دور الفعل .. ما الذي يرتديه .. ومن أين يأتي به إنه( لا يحب البساتين )
إلا بقدر ما تعطيه من أزاهير ذابلة وورق يابس يصنع منها تيجانه وأكاليله .. وهو إذ يدخلها
لا يدخلها إلا من سورها المتآكل وكأنه لا يتزيا بما يتزيا به إلا من بالتسلل والخديعة هو ما سنراه
في المقطع التالي مباشرة





يتحول أفعي ونايا
فيري في المرايا
جسدين وقلبين متحدين
( تغيم الزوايا
وتحكي العيون حكايا )
فينسل بينهما
مثل خيط من العرق المتفصد
يلعق دفء مسامهما
يغرس الناب في موضع القلب
تسقط رأس الفتي في الغطاء
وتبقي الفتاة
محدقة
ذاهلة



في هذا المقطع يعلي أكثر من قصدية الموت واختياره فينسب له فعل التحول فينقسم
إلي قسمين ( أفعي ونايا ) الأفعي هي رمز الغواية الجسدي وفي نفس الوقت ممارسة
الخديعة والناي هو الطرب الإنساني المصاحب لفعل الجنس
يبدأ هذا الماكر في ممارسة مهمته في أجل لحظة إنسانية وهي لحظة تخصيب الرجل للمرأة
لحظة خلق الحياة من الحياة
فيدخل بين الجسدين والقلبين المتحدين في تلك اللحظة الرائعة لكي ( يلعق دفء مسامهما )
وكأنه وهو الذي لا يملك الحياة يتوق لأن يتجرع منها ولو قطرة وهو يدخل خفبة ( ينسل بينهما )
ثم وكأنه من شدة كرهه للحظة أيداع الحياة في رحم المرأة ( يغرس الناب في موضع القلب )
فيسقط رأس الفتي
أما المرأة فإنها لا تستطيع أن تجد تفسيرا ( وتبقي الفتاة .. محدقة .. ذاهلة )
كيف أنه في لحظة خلق الحياة تستلب الحياة
كان أمل دنقل في تلك الفترة في أشد حالات توهجه ولمعانه الشعري فهل كان هذا سؤالا منه كيف تمضي
حياته في اللحظة التي هي أجمل ما تكون الحياة بالنسبة لشاعر




أمس .. فاجأته واقفا بجوار سريري
ممسكا – بيد – كوب ماء
ويد بحبوب الدواء
فتناولتها
كان مبتسما
وأنا كنت مستسلما
لمصيري



في هذا المقطع وقد أدرك الشاعر ختل الموت وغروره وخداعه لا يري في الممرضة
التي تساعده علي الشفاء إلا الموت متنكرا في زيها
صحيح أنه لا يصرح أنها الممرضة ولكن من سيعطيه حبوب الدواء وكوب الماء إلا إياها
لقد اختلط الأمر علي الشاعر نتيجة رؤيته للموت علي الصور السابقة فلا يستطيع أن يثق
بما يعتقد أنه حقيقيا .. كل شئ صار متنكرا مخادعا وهو لا يستطيع بقواه الإنسانية المحدودة
مواجهة هذا الموت ( القوة المربكة العاتية )
فماذا يفعل غير الاستسلام لمصيره
أي مصير
هل هو الموت
أم عدم الفهم للزيف والخديعة التي يمارسها الموت


أرجو أن تستمتعوا بتذوق القصيدة


و لكم تحيات

كوكو












03-31-2005, 12:43 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
أمل دنقل ولعبة النهاية - بواسطة coco - 03-31-2005, 12:43 AM
أمل دنقل ولعبة النهاية - بواسطة coco - 04-02-2005, 09:37 PM,
أمل دنقل ولعبة النهاية - بواسطة coco - 04-09-2005, 02:37 PM,
أمل دنقل ولعبة النهاية - بواسطة darwishy - 04-09-2005, 08:59 PM,
أمل دنقل ولعبة النهاية - بواسطة coco - 04-09-2005, 10:05 PM,
أمل دنقل ولعبة النهاية - بواسطة coco - 04-09-2005, 10:11 PM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  قصيدة الخيول - أمل دنقل coco 14 6,903 01-09-2012, 04:08 AM
آخر رد: minatosaaziz
  أمل دنقل - سفر الخروج (أغنية الكعكة الحجرية). مهداة لثوار مصر الحوت الأبيض 0 1,742 02-05-2011, 01:55 PM
آخر رد: الحوت الأبيض
  البداية أم النهاية ؟! أبو إبراهيم 3 794 02-14-2006, 05:55 PM
آخر رد: أبو إبراهيم
  في ذكراك أمل دنقل... بسمة 19 3,798 09-30-2005, 10:54 PM
آخر رد: darwishy

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS