لا يعترض المرء العاقل في هذا العصر على البابا الفلاني او العلنتاني فحسب، و انما يشعر بالقرف و الاشمئزاز من حقيقة ان رجلا واحدا قد نصب نفسه دكتاتورا يدير حياة و اخلاقيات و معتقدات اكثر من بليون شخص على الارض و كأنهم غنم، و قد تم انتخابه ليس من قِبلهم، بل من مجموعة من الكرادلة المختارين من البابا الذي سبقه!

و مع تكاثر المتغنين بمآثر هذا البابا، ينسى البعض افعاله التي لا تدفع الى الفخر، خصوصا في بلدان العالم الثالث و القارة اللاتينية. هناك، و بسبب مواقف البابا المهترئة من مسائل تنظيم الاسرة، النمو الهائل في عدد السكان ادى الى نقص كبير في الماء و الغذاء و مستوى المعيشة و التعليم، و الفقر المدقع الذي تعاني منه الاسر و قد تكاثر الابناء و البنات في المنزل و قلّ مدخولهم. و تخوض الكنيسة في هذا المجال حملة من الدعاية و الاكاذيب، محرّمة على الناس استعمال امور بسيطة كالعازل او الحبوب لمنع الحمل، لكي تكتفي العائلة بطفل او اثنين يعيشان حياة كريمة، مجبرة الناس المساكين على الحياة الصعبة بينما يعيش البابا و رجاله في قصورهم معتمرين ملابسهم الملونة، متمتعين بالاموال الطائلة التي تردهم من تبرعات هؤلاء الافراد. و من المفارقات ان هذه الكنيسة المريضة التي تحرّم على الازواج استخدام الكوندوم اثناء ممارسة الجنس، لم يرمش لها عين ازاء اغتصاب الكهنة للاطفال.

و باتت النكتة الجارية في اميركا حول مايكل جاكسون، المتهم بقضية ممارسة الجنس مع اطفال، حيث تقول النكتة ان مايكل جاكسون قدم طلبا ليصبح كاهنا، فقُبل الطلب اذ وجدوه مؤهلا للقيام بـ"الواجبات الكهنوتية"!

و قد أدار البابا وجهه بعيدا، لكي يتجاهل الطبقة الكاثوليكية الحاكمة في اميركا اللاتينية و فسادهم و اطماعهم و استغلالهم للشعوب، و لم يعترض.

و أصدر البابا ما يشابه الفتاوى الاسلامية التي تحض على الكراهية و العداء ضد مثيلي الجنس، اليساريين، الملحدين و اللادينيين.

و تجاهل البابا مشكلة اغتصاب الاطفال جنسيا في الكنيسة الكاثوليكية تجاهلا تاما، حتى وقعت الفأس بالرأس، و باتت الفضائح جزءا لا يتجزأ من الاخبار اليومية، و بات كبار الكهنة الكاثوليك و من تواطأ معهم من اساقفة، باتوا في اقفاص الاتهام جنبا الى جنب مع اعضاء العصابات و المجرمين، بعد أن دمروا حياة عشرات الالاف من الاطفال بسبب تفريغهم لملذاتهم المريضة التي عاشوها في اروقة الاديرة المعزولة. ماذا فعل البابا؟ قام بنقل الكهنة الى كنائس مختلفة لكي يتجنبوا المحاكمات، و وصل الحد به الى احضار كاردينال بوسطن الى الفاتيكان ليلجأ اليها من الملاحقات القضائية. هذا الكاردينال المدعو "برنارد لو"، قام بالتستر على عشرات الكهنة الساديين و المغتصِبين، و نقلهم الى اديرة اخرى لكي لا يتعرف عليهم الاطفال بعد ان اعتصبوهم جنسيا في اروقة الاديرة و غرف الراهبات. و بعد أن اصدرت محكمة امريكية قرارا يستوجب حضوره، فرّ من البلاد و لجأ الى الفاتيكان، فقام البابا شخصيا بحمايته، و هو حتى اليوم يعيش في الفاتيكان و يمارس عمله (بما فيه اختيار البابا الجديد) كالمعتاد. و في اميركا، تبخرت المشكلة الدبلوماسية سريعا بصورة غريبة. و في اميركا وحدها، اضطرت الكنيسة الكاثوليكية الى بيع عشرات الاديرة و العريقة و المدارس الكاثوليكية لتسديد نفقات التعويض للاطفال المتضررين.

هذا البابا تجاهل كل المشاكل المحيطة بجماعة الـ "أوبوس داي"، المافيا السرية، ذات العمليات المشبوهة، و التي يسيطر افرادها على مناصب ادارية في الفاتيكان، و قام باعلان الكاهن الذي اوجد الجماعة - الرجل الذي عمل مستشارا لفرانكو، الزعيم الفاشي - اعلنه قديسا من قديسي الكنيسة يتعبد له المسيحيون حول العالم و يصلون له، و قد تمت مراسم التقديس هذه بسرعة و باختصار! و اعضاء هذه الجماعة لا يخضعون لسلطة اساقفتهم المحليين، بل يتعاملون مع الفاتيكان رأسا.

هذه عينة بسيطة جدا من اعمال البابا الاجرامية. و ما خفي اعظم، و التاريخ كفيل.