نعم آمن بأي شيء، اعتنق كل ما تريده من أفكار،إحلم كما تشاء بالعالم الذي تشتهيه نفسك، قاتل من أجل قضيتك ، أو بالأصح ما قررت أن تجعله قضيتك..، صلّ إن شئت ، أرسل كل طاقاتك الحميدة لتحرك القوى الكونية للعمل لصالحك ولصالح أحلامك ، اقذف بكل طاقاتك السيئة وسهام كراهيتك نحو لأعدائك.اكتب.حاور.جادل.ادع بالتي هي أحسن.وبالتي هي أسوأ.استعمل الجزرة والعصا.الجبن والمصيدة.القلم والسيف.الحب والكراهية.الشعر والعلم.الروح والجسد.اعمل كل ما تستطيع عمله ، وتجنب كل ما تستطيع تجنبه من أجل تحقيق ما تؤمن به فيمن حولك.وفي الحصول على العالم الذي تشتهي..ولكن يا صديقي..يا صديقتي..أعدكما أن أحلامكما لن تتحقق. أبدا

1- آمن بالإسلام: ..اقرأ القرآن وصل وصم وادع الله أن يبارك إخوانك ويسحق أعداءك ، وتبرع بأموالك لهذا الهدف ، وحارب الفرق الضالة والأديان الزائفة والزنادقة ، وإن سنحت لك الفرصة وكنت جادا ومتحمسا. فجيّش الجيوش لتغزو بها أعداء الله والدين، وإن لم تكن الظروف مواتية كما في سابق العهد، فالتحق سرا بالجيش الذي تحب - وما أكثرها في أيامنا - واعمل في صمت حتى تحين لحظة الصفر ، لحظة الانفجار والتفجير ، لحظة الحور العين والمسك ، ولحظة الدم الذي يلتحق بمكانه في بحر الدماء التي سالت عبر تاريخ الشهداء والاستشهاد.
وإن كنت تخشى وتخاف وتركن إلى بيتك ومتاعه ولا تقدر على مقاومة البيتزا والكولا واختلاس النظر إلى صدر هيفاء وأرداف روبي ، أو لا تتصور حياة ولا في الجنة بلا أشرطة لعمرو خالد أو قبلة ممن تحب أو أي سبب آخر، فكنت من أولئك الذين يسفهون من يستشهدون كل يوم لتغطي بالتبرير إحساسك بالنقص وعجزك ، أو من أولئك الذين يدعمونهم بالقلب فقط وربما اللسان وإذا زاد عن ذلك فبالمال والقلم ..وترى أن الله اصطفاهم لتتمزق أجسادهم دفاعا عنك ، واصطفاك لترتل للناس مآثرهم بربابة الرثاء تارة وبدفّ الفخر تارة أخرى ..، وتؤرخ لأعمالهم الخالدة ، أو فقط لتصلي من أجلهم . ولله في اصطفاءاته حكمة. فمن يجرؤ على الاعتراض على مكانك أو التشكيك في تقواك..اللهم إلا نفسك ( بين حين وآخر ) ..وإن جرؤ أحدهم فليكن ردك : فلماذا لا زلت أنت حيا أيها المتشدق المدعي ؟. وهو رد لعمري يضمن سكوت الخصم أكثر من ضمان توشيبا لمنتجاتها..
واقنع بالعيش منتظرا خروج المهدي ، أو عودة الإمام الغائب ، أو الموت ، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو خروج من هي أجمل من هيفاء وهي لعمري معجزة الألفية الجديدة ، ولكن لن يعجز الله عن خلق من هو أجمل من تلك الحورية ، ولا شك أنه قد خلق أكثر جمالا بالفعل ..غير أن ربة الجمال الخفية لا زالت في خدرها تنتظر من يكتشفها..ويكشفها لك..
ولكنك تعلم في قرارة نفسك أن النهاية في غير صالح إيمانك..على الأقل في الدنيا..فلا فائدة من الدعاء ولا من الدعوة ولا من جهاد
المجاهدين .فالإسلام سيزحف كما الحية ويحتقن في المدينة ومكة.وسيعم الشر والكفر والجنس، وستعدو أشباحه خلف المسلمين حتى تهدم الكعبة فلا يبقى منها حجر على حجر، ولا قطعة نيزك على قطعة نيزك ، وختامها رفع القرآن من المصاحف، وقبض العلماء..ثم النهاية السوداء كأسود ما يكون..وبعد كل ذلك قد يأخذك الملائكة هيلا بيلا ويلقونك في الجحيم حيث تقدم فيه تطهيرا لملايين السنين عن كل زجاجات الكولا وقطع البيتزا ومنتجات أعداء الله التي كدست بها لحمك وأنجبت بسبب دسمها أطفالك.

2- آمن بالمسيحية : صل بلا ملل، كل حين ، بلا انقطاع، رتّل. دون أسماء من تريد لهم الخلاص واطلب من يسوع أن يلمسهم ويحررهم، وإن بدا يسوع بعيدا فاستقرب أحدا من القديسين واجعل منه حمامة زاجلة بينك وبين الملك الحاضر الغائب، ولا تنس أن تعقد إكليلا من الورود على مسبحتك كل يوم لتتوج به أمه حتى تعمل بشكل أكثر نشاطا وفاعلية لسلام العالم وانتهاء الحروب ، وإن كنت لا تؤمن بالقديسين وتعثر بالوساطات ، فكن عنيدا مع لا مبالاة يسوع وثابر بشكل يجعل من حوله يرجونه أن يصرفك حتى يخمد صراخك. عندها قد ينعتك بالكلب ، فلا بأس ، لا بأس أبدا لأنه لا محدود المحبة ، وسوف يتحنن في النهاية ، اشتر تلك الكتب التي تعدّك لتكون مرسل صلاة وصيام لأجل دول العالم ، تضرع لكي يدمر الله القرآن والإسلام وخداعهما الذي يعمي عقول الناس، أأمر إبليس أن يرحل من عقول البوذيين ويزيح قيوده عن الهندوس ، وإن سنحت لك الفرصة أن تخدم على الشاشات الصغيرة التبشيرية فأخرج الشياطين من قلوب الملحدين والإباحيين على شاشات الساتالايت حتى وإن بدا أسلوبك مبتذلا مسرحيا، أليس لأن يسوع كان مهزأة في العالم فكيف بأولاده ؟..
تجاهل كل الأبحاث الطاعنة في صحة كتب العهد القديم والجديد وكتّابها ، وفي حقائقها التاريخية والجغرافية ، وكل المشكلات التي تلغي بشريتك وتجعل منك إنسانا غير إنسان ، وإن أثارت تلك الهرطقات والتجاديف غضبك أو شكوكك ، فلم لا تنخرط في سلك المدافعين عن الإيمان وترد؟..فالردود لا تنتهي ، ولكن اجعل معركتك مع غير المخلّصين أولا ، وتجنب الذين ضلوا من الكنائس الأخرى..أولئك المساكين المخدوعين من خدامهم أو كهنتهم ، ولكن إن جاء أحدهم يتبجح عن المعمودية أو شروط الخلاص أو القديسين أو الحكم الألفي أو صحة هذا المجمع أو ذاك أو الأسفار القانونية الثانية أو حقوق المثليين جنسيا أو حقوق المرأة أو غير ذلك ، فلا بد حينها من قطع لسانه بسيف ذي حدين ، وتذكر من الجهة الأخرى أنه يدعي امتلاكه لذات السيف.فلا تجعل معركتك مع هؤلاء أمام غير المخلّصين تحوطا من إعثارهم..لأنهم صغار مساكين..بل اجعلها في وقت تكون فيه معهم وحدكم..كي تتعاركوا ضد بعضكم بدون أعداء شاهدين على عراككم.فأنتم بعد كل شيء إخوة وجسد واحد لا يضيره المغص ولا حتى السرطان..سيموت وتقطع أعضاؤه بعضها بعضا..لكنه سيبقى جسدا واحدا.
وإن كنت ترى في نفسك قوة فلا تتزوج ، سوف تهيم نفسك كلما وقعت عيناك على حذاء أنثوي تغطي أربطته قدما عارية تنبض بالجمال الذي صنعه المسيح بيديه ، أو مع كل خصلة شعر جدلها المسيح بنفسه على جيد إحدى ربات الجمال الملعونات اللواتي ينشرن العثرات في كل مكان (وأول تلك الأماكن جسدك)..أو مع كل رمش ثائر على سكونك ليحطمه خالقا زلزالا في قلبك بدلا منه...ولكنها سهام الشيطان ، فلا تأبه ، مارس العادة السرية ثم اعترف وتب ، قد تزني بدون إرادة مع إحداهن إن تطور الأمر إلى حالة من الجوع مفقدة للوعي لكن اعترف وتب ، قد تسرق بعد تبرعك بكل ما تملك لتغطي خبزك وكفاف يومك وتشعر بحسرة وألم مبرح في أحشائك بعد أن خنت المسيح ، لكن اعترف وتب ، قد تصبر مع كل ذلك لكن يتبادر سؤال مشكك في ذهنك لا تعود معه تقوى على الاحتمال فتصرخ : لماذا يا رب؟ ، لكن لا بأس أيضا ، فالمسيح محبة لا متناهية ، فاعترف وتب ، قد تتغلب على كل شهواتك ولكن ينهكك التعب والإعياء فتنطرح نائما كجثة دون أن تصلي ثم تستيقظ مغتما كئيبا لتقصيرك فاعترف حينها وتب، قد تصلي مع ذلك لكن التعب والشكوك والشهوات والحرب مع الآخرين يجعلك تهرف بما لا تعرف فتتقطع أحشاؤك لخطية تكرار الكلام باطلا فاعترف وتب ، قد تصلي وتصلي وتصلي حتى تمل ثم تدرك مللك فاعترف به وتب ، قد لا تمل رغم أن ما تصلي به لا يحدث والحروب تستمر والسلام لا يحل وغير المخلّصين يزدادون كل يوم فتتذمر فاعترف وتب.
وأدرك مع كل ذلك أن النهاية سوداء..فلا السلام سيحل، ولا الأرض ستؤمن ، ولا الكنيسة ستتوحد ، بل مزيد من الخراب والفساد حتى يخرج ضد المسيح فيسود عيشة من تبقى على الأرض، ثم يأتي الإله ذو المحبة اللامتناهية ليكمل بغضبه دمار ما نسي ضده أن يكمله..

3- آمن بحقوق المرأة : تلك التي ظلمت وشردت واضطهدت منذ قديم العصور ، قد تكون أمك أو حبيبتك أو أختك أو ابنتك ، وقد تكونين أنت نفسك ، احضر المؤتمرات، واقرأ المقالات والأبحاث ، وقاوم الأديان الغاشمة والأيديولوجيات العقيمة مباشرة أو بشكل غير مباشر على حسب مقتضيات الظروف والشجاعة والإمكانيات ، قاتل على كل الجبهات واستعمل القلم والمال والجدل البين ، حتى يعم السلام وتحصل المرأة على حريتها ، وتمشي وراسها مرفوع إن لم يكن مثل رأس الرجل فأعلى منه.
لكن تذكر دائما كلما رأيت لحية تزين صدر ثوب أبيض قصير يمر من أمامك ، أو صدر ثوب أسود يتوسطه صليب ضخم ، أو كلما رأيت نقابا يلهث وراء رجل ، تجرجر صاحبته أطفالا، أو عينا فتاة متورمة من الضرب..أن حلمك لن يتحقق أبدا.

4- آمن بحقوق الإنسان : حرية التعبير والديمقراطية وحرية الإنسان الشخصية والحق في التعليم وحرية الحياة الشخصية والميول الجنسية ومساواة الأعراق والسلالات وحق الحياة الكريمة..هذه هي آيات العصر وإعجازه في قرآن وإنجيل الحداثة ، رتلها في كل مكان واسمعها على شاشات التلفاز ترتل في كل نشرات الأخبار وفي كل المحطات ، وكل الألسنة والأقلام تلهج بها إلا ما ندر.
لكن انظر إلى قطرات الدماء البشرية التي تنحدر على تلك الألسنة فاضحة أصحابها وستعرف أن حاميها إن هو إلا حراميها ، وأن الحمل ليس سوى ذئب خفي ، وأن القلة الصادقة رزحت تحت عباءات مصاصي الدماء ، وكلما رأيت لحية أو سمعت صوت انفجار أو شاهدت دبابة أو رأيت أحدا من الزعماء العرب أو سمعت عن فضيحة فساد لسياسي غربي أو شرقي أو أتاك نبأ مقبرة جماعية فتأكد أن الإنسان لن يشبع من شرب دم الإنسان لأنه أحلى من العسل..وأطيب من الشهد، وأن حلمك لن يتحقق.
وإذا رأيت المجرمين يساقون إلى المحكمة فلا تنخدع. لكن انظر إلى ابتسامة السخرية على أطراق شفاههم ، لأنها موجهة لسذاجتك ، لأن الواحد الذي ساقوه للمحاكمة خلف وراءه مئات مثله، نصفهم من اعوانه ، والنصف الآخر من ضحاياه ..وتذكر أن عضة المذؤوب لا شفاء منها..وانها إن لم تقتل..خلقت مذؤوبا آخر..

5- آمن بالمال : اهرع خلفه ، فالفقر عدو البشر ، والمال يشتري أي شيء ، وقد يكون المال ليس هو الله ، ولكنه بأي حال ليس أقل منه أبدا.
اعقد الصفقات.واستعمل كل الوسائل المشروعة واللامشروعة لتحصل عل المزيد منه، بع جسدك إن استطعت، وبع كل من حولك، فلا حبيب سواه.
ولكن تذكر أنه لا يقدر أن يشتري صحتك ، وأنك حتما ستمرض بعد كل جرعات الكراهية التي سيرسلها لك الناس وبعد كل المؤامرات والدسائس التي ستواجهها وتسقط فيها وتتخطى بعضها الآخر، واعلم أن مرضك سيكون خطيرا ، وأنك ستبقى بقية عمرك تعاني منه، واعلم أنك مهدد بالقتل كل لحظة ولا تجد الأمان ، وأن كل من يقولون لك "أحبك" هم أول أعدائك ومن يتمنون زوالك، ومن يقولون لك "أكرهك" هم أكثر إخلاصا لك منهم، وأن بيل جيتس سيبقى دائما أغنى منك، وإن كنت أنت بيل جيتس أو نجحت في التغلب عليه في قائمة أغنى أغنياء العالم فتذكر أن هناك دائما من سيسبقك يوما ما، وأنك سوف تضطر إلى حفظ كل ثروتك للزمن الصعب الذي لن يأتي أبدا لأنك ستموت مخلفا إياها لمن لا يستحق منها قرشا.

6- آمن بالشيطان : فإذا فشلت الأديان سحقا لها، وإن كان الخير عاجزا إلى هذا الحد فالمجد إذن للشر ، ولو كان النهار قصيرا فالليل أطول والظلمة أحلى لونا وأكثر هدوءا.صل لسيدك ليدمر الحمقى من المؤمنين، واشرب كأس الدم كل يوم قبل النوم، وتفقه بالسحر إن شئت واستعمل كل القوى الشيطانية مع رغباتك واسحق بها أعداءك ومقاوميك، واسخر من الوداعة والودعين ، واقض حاجتك على أنقاض الأخلاق والنصوص المقدسة.
ولكن تذكر أن الشمس ستظل تشرق كل يوم..وأن حلمك بليل لا ينقطع لن يتحقق أبدا كأحلامهم بنهار دائم!

7- آمن بالاعتدال : فلماذا التطرف في كل ما سبق؟ ، فخذ من كل شيء ما تحقق به رغبة فيك. خذ من الله ما تريد ، ومن قيصر ما تريد ، ومن الشيطان ما تريد ، ومن الناس ما تريد ، ومن المرأة ما تريد.

لكت تذكر أنك كلما ذهبت إلى الله فسوف يبصق في وجهك لأنك تتعامل مع الشيطان.

وكلما ذهبت إلى الشيطان فسوف يبصق في وجهك لأنك تتعامل مع الله.

وكلما ذهبت إلى الناس فسوف يبصقون في وجهك لأنك تتعامل مع القيصر.

وكلما ذهبت إلى القيصر فسوف يبصق في وجهك لأنك تتعامل مع الناس.

وكلما ذهبت إلى المرأة فسوف تبصق في وجهك لأنك تتعامل مع كل هؤلاء ثم تعود إليها كل مرة خالي اليدين!!

Albert Camus