تجد أحد المحاورين -حوارا دينيا- شخص غضوب وحاد المزاج وطباعه لاتستقر على حال وحين يجيب عن الاسئلة تراه يشتط في ردوده ويقوم بحشد الأدلة ثم تراه يقوم بتوظيف النصوص الدينية في خدمة إنفعاله الساخط او الغاضب .. وتجد على الطرف الآخر من هو هادئ المزاج والطباع وذو طبيعة مترددة يقوم بين الحين والآخر بالبحث عن الرأي المنسجم مع طباعه فيظهر الدين -في حضرته- وكأنه دين هادئ وطيب ورفيع الاخلاق على العكس من الشخص الغضوب الذي يظهر الدين في حضرته ديناً عدوانياً مكابراً ومقاتلا منسجماً مع نفسه الغضبية .

وحين نراقب الأثنين نجد أن الدين ليس ديناً واحداً بل هو دين متوافق ودين آخر مقاتل وسوف نضرب مثالا على ذلك بدين الحروب الصليبية العدواني ودين المبشرين من المسيحيين الذين يستدرجون الفقراء الى ديانتهم بالرقة والعطف . وفي دين الاسلام نجد ذلك في دين يدعوا الى الحوار مع أهل الكتاب بالحسنى استنادا الى النصوص ودين آخر يدعوا الى تشريدهم ومقاتلتهم وهم صاغرين واستنادا الى النصوص أيضا !

ولا نستطيع ان نجادل في الدينين (العدواني وغير العدواني ) لأنهما يعكسان الحقائق الدينية ! ولا نستطيع ان نرجح كفة أحدهما على الآخر وآية ذلك وجود شخص متعنت في إظهار الدين تدعمه النصوص ووجود شخص آخر متسامح تدعمه النصوص وياللغرابة!

إذن . نحن في حضرة أنفس تتصارع في داخل الدين الواحد ناهيك عن الديانات الاخرى التي تتحاور وأياه !

وهذا يقودني الى حقيقة كنت قد توصلت اليها بمعونة العلوم الإنسانية التي تدرس الإنسان وهي كالتالي : النفس وطبيعتها هي التي تحدد طبيعة الدين وهذا دليل على أن الدين يأتي في المقام الثاني بعد طبيعة الإنسان وهو بذلك مجرد غلاف خارجي وسطحي لطبيعة النفس واستعداداتها .

بعبارة موجزة : هناك عوامل كثيرة تحكم ظهور الدين في وجوه متعددة . إذن , الدين غلاف خارجي سطحي لما عليه حقيقة الإنسان .