{myadvertisements[zone_1]}
مار جرجس ( الخضر ) بين التاريخ والميتولوجيا
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #1
مار جرجس ( الخضر ) بين التاريخ والميتولوجيا
مار جرجس الخضر بين التاريخ والميتولوجيا


شكّل القديس جرجس ظاهرة فريدة في الكنيسة التي رفعته الى مقام العظماء بين الشهداء، وشملت شهرته ديناً آخر هو الاسلام الذي يجلّه ولياً يحمل اسم الخضر، وتغمره الميتولوجيا بواحدة من أروع حكاياتها المتمثلة بصراعه مع التنين الذي كان يهدد بيروت، وهي حكاية خلّدتها الايقونوغرافيا العالمية في لوحات هي من الأبهى والأكثر ثراء.

القديس اللابس الظَفَر

القديس جرجس من أكثر القديسين شهرة، وأعظمهم شعبية بين المسيحيين في مختلف أنحاء العالم، طبقت شهرته الآفاق شرقاً وغرباً، كما تدل الكاتدرائيات والكنائس والأديرة والمؤسسات التي بنيت على اسمه، أو الاشخاص الذين يحملون اسم جورج، جرجي، جرجس، جريس، جورجيت، جورجينا، جرجور، جرجورة أو خضر...

تستند المعطيات التاريخية لسيرة مار جرجس، عموماً، الى "مؤسسات" لاكتانيوس (325)، و"تاريخ" أوسابيوس القيصري (329)، وكلاهما من معاصري الامبراطور ديوقلسيانوس، مثير ذلك الاضطهاد الرهيب الذي كان القديس جرجس من أبرز ضحاياه، وهي سيرة أيدها الآباء اليسوعيون البولنديون في دراساتهم النقدية لسير القديسين، مؤكدين حقيقة استشهاد هذا الضابط في الجيش الروماني الذي عصى أوامر الامبراطور القاضية بالسجود للأصنام، ورفض مختلف العذابات والاغراءات، ولم يتنكر لمسيحيته، فأمر الامبراطور بقطع رأسه في 23 نيسان من سنة 303، وهي حقيقة نشرها عدد من المؤرخين الغربيين، ومنهم جاك دو فوراجين، ادوارد جيبون، صامويل باتلر، أومير انغلبرت...

ذاع صيت القديس جرجس، فور استشهاده، وانتشر تكريمه، فاتخذه الامبراطور قسطنطين الكبير (306 337) شفيعاً لجيشه وخصّه بتماثيل تكريمية رمزية عدة تمثله راكباً على ظهر جواده، يطعن التنين برمحه، والى جانبه فتاة ترمز الى المدينة التي خلصها، او الى الكنيسة التي استشهد في سبيلها. ثم شيدت معظم الدول المسيحية كنائس على اسمه، من أبرزها فرنسا، ايطاليا، المانيا، انكلترا، بولونيا، روسيا، كاتالونيا، البرتغال، ليتوانيا... الى سوريا، فلسطين، العراق، لبنان... حيث تحمل أشهر الكاتدرائيات اسم القديس جرجس او جاورجيوس.

من جهة أخرى، اتخذته فرق كثيرة من الخيالة شفيعا لها. وفي الحركات الكشفية، يُعدّ مار جرجس الشفيع الأول.

انه من القديسين القلائل الذين تعلق بهم المسيحيون، في مختلف الكنائس، قديساً بطلاً مقاتلاً يمتطي الحصان، ويحمل الرمح، ويخرج من المعركة ظافراً. وقد خصصت له الليتورجيا المسيحية صلوات عدة من أبرزها صلاة خاصة في الكنيسة الارثوذكسية تتلى في عيده وهي: "بما انك للمأسورين محرر ومعتق، وللفقراء والمساكين عاضد وناصر، وللمرضى طبيب وشاف، وعن الملوك مكافح ومحارب، أيها العظيم في الشهداء جاورجيوس اللابس الظَفَر، تشفّع الى المسيح الإله في خلاص نفوسنا".

الخضر

يساوي الاسلام في معظم بلدان الشرق الأدنى مار جرجس مع الخضر، وتضفي التقاليد الشعبية الاسلامية مزايا قتالية عدة عليه علماً بأن الاسلام يحترم الرسوم والصور. لكن التراث الاسلامي يتضمن قصصاً كثيرة عن قوة هذا الولي وشجاعته، وقد اشار اليها عدد من المؤرخين المسلمين، من بينهم ابن الاثير، والثعلبي في "قصص الانبياء"، والطبري في "كتاب الرسل والملوك"... ويعده الاسلام نبياً حياً في كل زمان ومكان، محجوباً عن الابصار الى يوم القيامة، يجلس على طنفسة خضراء على وجه الماء متشحاً بثوب اخضر، ينبت العشب الاخضر تحت قدميه اينما حل.

ميتولوجيا التنين

لا تتضمن الكتب المسيحية والاسلامية اي ذكر للتنين الهائل، ولا للملك وابنته، وهي ميتولوجيا ملازمة للقديس جرجس تروي ان الضابط صرع التنين الذي كان يعيش في بحر بيروت مهدداً سكانها، قبل ان يتمكن من افتراس ابنة ملك المدينة، وهي ميتولوجيا انتشرت في اقطار العالم كافة مشكلة مادة ثرية لعدد واسع من الفنانين العالميين.

شفيع بيروت

اتخذت بيروت القديس جرجس شفيعاً لها، اثر انتشار ميتولوجيا قتل التنين، فبنى له الموارنة كنيسة في جوار نهر بيروت، قرب المكان حيث جرت الحادثة، واتفق البيروتيون من مختلف الطوائف على الاحتفال بعيده في الثالث والعشرين من نيسان من كل سنة.

في العام 1570، اتفق الوجهاء البيروتيون، من موارنة وارثوذكس، على تحويل هذا المكان الى كنيسة مشتركة يستخدمها الطرفان بالتناوب.

في العام 1661، حوّل علي باشا والي صيدا هذه الكنيسة الى مسجد عُرف باسم جامع المخضر لا يزال قائماً الى اليوم. وفي هذا الخصوص، نشر داوود كنعان في مجلة "الجنان" (المجلّد 11، صفحة 375) مقالاً بعنوان "جواهر الياقوت في تاريخ بيروت" ورد فيه "ان هذا المسجد كان في الاصل مزاراً او كنيسة للموارنة باسم القديس جرجس، وان علي باشا دفتر دار بيروت، انتزعها من اصحابها سنة 1661، لعجزهم عن دفع الضرائب المفروضة عليهم، وضبط ارزاقها وحوّلها الى جامع".

مار جرجس والدروز

يتهيّب الموحدون (الدروز) القديس جرجس ويرفعون صوره في منازلهم. وحول هذا الموضوع، نذكر انه حين قرر المسيحيون في بلدة رأس المتن بناء كنيسة على بقعة ارض مطلة يملكها احد مشايخ الدروز، تحمس عدد من شبان القرية، وفاتح الشيخ الدرزي بالامر، ولما قالوا له ان "الكنيسة ستحمل اسم القديس انطونيوس، رفض الشيخ رفضاً قاطعاً وعاد الشبان خائبين. لكن احد المسيحيين، وهو متقدم في العمر، عاد الى زيارة الشيخ الدرزي مصححاً له بأن الكنيسة ستحمل اسم مار جرجس، فوافق الشيخ على الفور وتبرّع بقطعة الارض.

رمز التضحية

يرمز القديس جرجس الى انتصار الخير على الشر، والقيامة على الموت، والله على الشيطان. يقدم هذا القديس العظيم امثولة رائعة في الجرأة والبطولة والبذل والمحبة، وتشكل حياته شهادة تاريخية دينية انسانية تؤكد ان الله هو الاله الواحد الاحد، خالق السماوات والارض، وان الديانات كلها تكمل النظام الكوني الشامل الذي يخضع لقدرة واحدة الهية سامية، وان الانسان، الى اي دين انتمى، يسير وفق المخطط العام الذي رسمه له الله.

باحث في الميتولوجيا والاديان.


جان م. صدقه
04-24-2005, 08:50 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
مار جرجس ( الخضر ) بين التاريخ والميتولوجيا - بواسطة بسام الخوري - 04-24-2005, 08:50 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  هل يرفض الإسلام كتب التاريخ ؟ رضا البطاوى 7 700 05-16-2014, 02:20 PM
آخر رد: observer
  كتابة التاريخ رضا البطاوى 0 380 05-08-2014, 07:49 PM
آخر رد: رضا البطاوى
  سنة خفاء جزء من التاريخ رضا البطاوى 0 373 04-30-2014, 09:35 PM
آخر رد: رضا البطاوى
  ابن تيمية أكثر شيوخ المسلمين كذباً في التاريخ فارس اللواء 0 431 03-10-2014, 10:20 PM
آخر رد: فارس اللواء
  تلاعب بعض المسلمين بكتب التاريخ واخفاء الحقائق عن الناس الفكر الحر 5 2,374 04-13-2012, 01:45 AM
آخر رد: الفكر الحر

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS