ست سنوات في وعثاء المنتديات الحوارية .. صار بإمكاني كتابة مبحث كامل وليس فقط جملتين ألقيهما على سطح المنتدى الراكد ثم أمضي غير آبه إن تحرك القاع أم لم يتحرك ..
طبعا وبلا شك لا أدعي أنني راصد فطن ثاقب البصر والبصيرة لواقع الحوار العربي في نسخته المصغرة إلكترونيا رغم هذه التجربة الطويلة نسبيا مقارنة بعمر سحابة الإنترنت ذاتها والتي طوحت خزعا منها رياح التغيير إلى سمائنا العربية الملبدة بألف غيمة وغيمة .. إلا أنه لا ضير من المحاولة .

قبل ثلاث أعوم بالضبط ساقتني الصدفة إلى " نادي الفكر العربي " .. كنت قبلها أكتب لمنتديات سورية نمطية .. نمطية : يعني أنها تعنى بالشأن السوري الداخلي السياسي والإجتماعي معا ، بعضها أندية معارضة وبعضها موالاه .. ربما كنت أشعر أن صوتا ما يجب أن يصل إلى الطرفين : كلاكما مخطئ وكلاكما مصيب .. سوريا وطن أم .. لا بل حضن أم كيفما كان شكل هذا الحضن .. إلا أن الأم أيضا تخطئ .
كتبت في أول مشاركة لي في منتدى للسوريين الأمريكيين على رأس الأعوام الستة جملة واحدة فقط " لا تجعلوا من الوطن ملصقا سياحيا في غرف نومكم " .. وانقلبت الدنيا غبارا أسودا .
بعضهم فهم المغزى : وماذا تريدنا أن نفعل ؟ نعيش في أمريكا بلد الحرية ، وتخنقنا رائحة معتقلات الوطن ..
بعضهم فهمها عظة كنسية : ومن قال أننا ننسى فلافل الوطن ؟
آه على سيخين كباب في الميدان ..
أبكي كلما أقلتني الطائرة من مطار دمشق إلى لوس أنجلس ..
ولو ؟ ومن ينسى طعم الباشمينا ؟!
كنت أعتقد أن الباشمينا فتاة باكستانية جميلة .. حتى نبهتني تلك الجميلة إلى أنها حلويات حمصية تقليدية .. كحمص ذاتها !!.

كلاهما مخطئ .. كلاهما مصيب ..
ليس مطلوبا من الشعب كله أن يتحول معارضا وليس مطلوب من معظمه أن يصبح موالاة .. إنما عوان بينهما : من لا يستطيع قول لا ، فلا يقل نعم .. وذلك أضعف الإيمان .
كلاهما محق بوجهة نظره .. فكيف يمكن للولد البار أن يعاقب أمه الخاطئة ؟؟!!

إلا أنها كانت تجربة " مثيرة " بكل ما فيها ..
تلك السحابة الإلكترونية المبهرة .. نقلتني فوق متنها إلى عوالم ما كنت لأعرفها لو قارعت نوح عمرا وترحالا .. تجربة ما كان نزار قباني إلا ليحسدني عليها رغم تبجحه بتفصيله جلد النساء عباءة ، وبناء أهرام من الحلمات ومرور عرباته فوق كل نهد أبيض أو أسمر ..
كان كاذبا .. كاذبا جميلا علمنا جميعا أن نكذب بشأن حبيباتنا .. حتى وإن لم نحببهن .

ذلك جانب صغير صغير ..
توقفت عند بعض تفاصيله قليلا أو كثيرا حسب الحالة ثم مضيت لا ألوي على شئ ..

تلك نخلة ، وما من نخلة لم تهزها الريح ..
وما من أذن لم تطرب لحفيف أوراقها وهي تعانق الريح ..
فلنتجاوزها ونستريح ..

يتبع ..
سيتبع ..
(f)