مبارك: ترشح ابني لن يكون توريثا

أحمد آدم - إسلام أون لاين.نت/ 14-5-2005


جمال مبارك وفي الخلف والده الرئيس مبارك

اعتبر الرئيس المصري حسني مبارك أن من حق نجله جمال رئيس لجنة السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي الحاكم أن يترشح لانتخابات الرئاسة، معتبرا أنه لم تعد لديه حساسية من هذا الموضوع، وأن هذا الترشح لو حدث فلن يعتبر "توريثا" للحكم، وذلك بعد تعديل المادة 76 من الدستور بما يتيح نظريا اختيار رئيس الجمهورية بالاقتراع السري المباشر من بين أكثر من مرشح.

وفي حديث لصحيفة "السياسة" الكويتية نشرته أيضا صحيفة "الأهرام" المصرية السبت 14-5-2005، قال الرئيس المصري: "ابني يترشح كأي مواطن" بعد أن أصبح باب الترشيح مفتوحا لمن تكتمل فيه الشروط‏. ونفى مبارك -77 عاما- من قبل أنه يعتزم توريث السلطة لابنه جمال (42 عاما) الذي أعلن من قبل أنه لا يتطلع لمنصب الرئاسة.

واعتبر محلل سياسي مصري أن تصريح مبارك "يؤكد الشكوك التي راودت الشعب المصري؛ وهي أن هناك محاولة مستميتة أمام وصول جمال مبارك للسلطة في مصر، وهو شكل من أشكال توريث السلطة".

وفي تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت" قال الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إنهم "أدركوا أن التوريث بقرار رئاسي لن يكون مقبولا من الشعب والجيش، ومن ثم تم تعديل المادة 76 لفتح الباب أمام تولية جمال مبارك بدعوى أنه رشح ضمن مرشحين آخرين".

ورأى أن مبارك استسلم "للدائرة الضيقة المحيطة به التي تحاول أن تبرر أن الاستقرار في مصر لن يتأتى إلا من خلال الاستمرار في الحكم، وأن جمال هو الضامن للاستمرارية".

وحذر نافعة من أن "هذا تفكير عقيم وخطر جدا. هذا يعرض البلاد لفوضى لا نعلم إلى أين تقودها".

واعتبر نافعة أن "ما يجري نوع من التهريج السياسي غير الحميد. (لكن) الشعب أدرك أن هناك مهزلة غير مقبولة تجري على كل المستويات، وهناك قطاعات واعية تقاومه متمثلة في نادي قضاة مصر والجامعة وأوساط أخرى كثيرة".

"يا رب ألاقي مرشح غيري"

وفي حديثه اعتبر مبارك أنه لا أحد ينافسه على خوض الانتخابات الرئاسية المزمعة في سبتمبر 2005، لكنه رفض الإعلان صراحة أنه سيرشح نفسه لولاية خامسة.

وأعلن أنه سيتخذ القرار بعد الاستفتاء المقرر يوم 25-5-2005 على التعديل الدستوري، وبعد صدور قانون مباشرة الحقوق السياسية.

وقال: "بعد صدور المادة والقانون وفتح باب الترشيح سأقول لك هل سأرشح نفسي أم لا‏.‏ ولن أقول لك إني سأرشح نفسي الآن، سيقولون: إنه يرشح نفسه ليضرب أي مرشح آخر‏.‏ أنا لا أضرب أحدا‏..‏ يا رب ألاقي مرشح غيري‏".

ونفى مبارك أن تكون سلسلة حلقات حوارية أدلى بها للتلفزيون المصري في أبريل 2005 بعنوان "كلمة للتاريخ" لتسويق نفسه للانتخابات. وقال: "أنا لست محتاجا للتسويق‏.‏ أنا عملي من يوم أن توليت حتى اليوم خير شهادة لي حول ما أعمله لأجل مصر".

وقال الرئيس المصري‏: "عندما أشعر في يوم بأن الشعب لا يريدني سأمشي في ثانية واحدة‏".

‏وبرر مبارك في حديثه شروط الترشح المشددة للرئاسة التي أقرها مجلس الشعب (البرلمان)، الذي يهيمن عليه الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، الثلاثاء 10-5-2005 والتي من شأنها -بحسب المراقبين- أن تحجم المنافسة لصالح مرشح الحزب الحاكم.. بقوله "لأني أريد أن أشجع الأحزاب على تكوين كادرات وتتقدم؛‏ فلا يأتي أي واحد ويقدم نفسه وليس له خلفية سياسية ولا حزبية‏".

"كفاية" تضر الاقتصاد!


الرئيس المصري حسني مبارك يتحدث إلى أحمد الجار الله رئيس تحرير السياسة الكويتية

وانتقد الرئيس المصري مظاهرات الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) المناوئة لاستمراره في السلطة، ووصفها بأنها "غير مبررة" وتضر الاقتصاد، محذرا أنها ستؤدي لهروب المستثمرين مما يفاقم البطالة بالبلاد.‏

واعتبر مبارك أن مظاهرات "كفاية" مدفوعة الثمن‏، ‏مشيرا إلى أنه كان بإمكانه أن يخرج مظاهرة "بحفنة فلوس تهتف: مش كفاية".

وقال: "واضح أن المظاهرات غير المبررة لا برامج لها‏.‏ إنها تقوم لمجرد خلق حالة شغب طاردة للمستثمر المحلي‏‏ ومانعة له في التوسع في استثماراته‏،‏ وكذلك طاردة للمستثمر الأجنبي القادم إلينا، ويريد استغلال فرصنا الاستثمارية المتاحة‏ التي توفر فرص عمل كثيرة للمواطنين الذين يبحثون عن عمل‏".‏

وأضاف أن هناك بطالة، و"الذين يتظاهرون ويريدون التكسير والتخريب هم السبب ويقولون لك: بطالة!.. مكافحة البطالة بحاجة إلى استثمار‏.‏ بالمظاهرات التي نراها سيهرب المستثمر.. إذ نظمت مظاهرات،‏ وتوجهت نحو المصانع‏،‏ والمرافق وخلق حالة شغب فستقع المصيبة‏".

ونظمت كفاية التي تأسست في فبراير 2004 عشرات المظاهرات في مختلف محافظات مصر تطالب بعدم استمرار مبارك في الحكم، كما تعارض ما تسميه "التوريث" لابنه جمال، كان أحدثها الجمعة 13-5-2005 أمام نقابتي المحامين والصحفيين بوسط القاهرة، في حين حرصت قيادات الحزب الوطني الحاكم على تنظيم مظاهرات مضادة تعرب عن تأييدها لمبارك، وتطالبه بالترشح لولاية خامسة.

وتؤكد الحركة على أن التظاهر حق يكفله لها الدستور، وأنه معمول به في كل الدول الديمقراطية دون أن يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد.

من أيام "مينا"

وأرجع مبارك مجددا البطء في وتيرة الإصلاح السياسي إلى الاستثمار أيضا. وقال: "أنا لا أستطيع توتير الموقف مرة واحدة.. صعب‏.‏ وأنا أعدل المادة ‏76‏ أنظر إلى ما يفعلونه،‏ ولو عدلت مادتين أو ثلاثا كانوا طفشوا المستثمرين‏".

واعتبر أن "أخطر مادة في الدستور هي المادة ‏76‏؛ (لأن) من أيام الفرعون مينا موحد القطرين لغاية الآن عمر الشعب المصري ما اختار رئيسه‏. هذه المرة الأولى في تاريخ مصر يتم اختيار الرئيس في انتخاب حر مباشر‏.. خطوة كبيرة جدا‏".

الإخوان والأمريكان

وأشار مبارك في حديثه إلى وجود قنوات اتصال بين واشنطن وجماعة الإخوان المسلمين التي لا يعترف بها النظام، وقال‏:‏ إن هناك قصة طويلة يعرف كل تفاصيلها،‏ "وعلى الأمريكيين ألا يظنوا أنني نائم‏،‏ والمعلومات تأتيني أولا بأول حول اتصالاتهم مع الإخوان‏".‏

ووصف الرئيس المصري العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة بأنها إستراتيجية،‏ لكن يشوبها الصعود والهبوط أحيانا، موضحا أن "الأمريكيين يستقبلون أحيانا بعض التقارير من أناس لا يقولون لهم الحقيقة‏".

وتعليقا على هذا الاتهام، أشار "نافعة" إلى أن مبارك كان "يخوف الأمريكان بالإخوان للحصول على مباركة أمريكية للوراثة، لكن بعد فشل هذه المحاولة بدأ ضغط الإخوان ينضم لتيارات أخرى، مع ملاحظة أن الإخوان لم يبدءوا التحرك في الشارع المصري إلا بعد فصائل مثل حزب التجمع المعارض وحركة كفاية".


الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة

وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن "أمريكا ترى أن الوضع الحالي أخطر من احتمالات الفوضى القادمة إذا استمر الاستبداد، وبالتالي هي لا تمانع في التعامل مع أي تيار -بخلاف التيار الاستبدادي- سواء كان هذا التيار الإسلاميين المعتدلين أو العلمانيين؛ لأنها مسكونة بهاجس الإرهاب، وتريد تيارات تستطيع أن تتعامل مع الإرهاب، وهو نمط تفكير (أمريكي) جديد لم تستوعبه النظم المستبدة حاليا".

وأقر "نافعة" أن "نظام مبارك يصنع تقريبا كل ما تريده الولايات المتحدة، لكنها تخشى أن يؤدي استمرار مبارك في السلطة إلى ثورة شعبية تضرب المصالح الأمريكية، ويكون لها انعكاسات بعيدة المدى مثل الثورة الإيرانية، وهي درس لا تريد أمريكا أن يتكرر".

وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين أكثر من مرة عن رفضها الحوار مع الإدارة الأمريكية، كما اشترطت أن يتم ذلك بحضور الخارجية المصرية.