1- الشمس الفرديّة والمطر الفردي: سوف يكون باستطاعة الإنسان أن يحمل معه "جهاز الطقس الإلكتروني" وهو جهاز صغير يوضع في الجيب ويمكنه أن يقوم بتخليق الطقس المرغوب فيه أو الذي يرغب فيه الفرد حسب حالته المزاجيّة، أو حسب ما ينصح به الأطباء لمرضى معيّنين بأفضليّة تعرضهم للون معيّن من ألوان الطقس حتى يتماثلوا للشفاء. ويمكن للفرد أن يخلق شمسه الخاصّة بضغطة زر في هذا الجهاز، حيث تتكون فوق رأسه شمساً صغيرة تعطي حرارتها وضوءها له فقط، وكذلك بالنسبة للمطر والسحب، وكذلك بالنسبة للرياح، حيث تهبّ الرياح مثلاً بشكل أسطواني دينامي في المجال الذي يشغله جسد الفرد وبالسرعة التي يختارها.
وأتوقّع أن يطور الإرهابيّون هذا الجهاز بشكل سري ، بحيث يصبح قادراُ على إرسال صواعق ليزرية تتجاوز المجال الفردي وتتعداه لتصيب الآخرين المحيطين وتقتلهم بسرعة البرق، ولهذا أتوقع أن تصدر التشريعات القانونيّة بتفتيش شيفرة البرامج الخاصة بالطقس ، والكشف عن الفيروسات الإرهابيّة المدخلة عليها عن طريق تمريرها على "سير" يشبه الموجود حاليا في المطارات لتمرير الحقائب والأمتعة من خلاله.
وأتوقّع أن يتم حظر استعمال جهاز الطقس الفردي في أماكن معيّنة كالبنوك والسينيمات.

2- (الإندماج) بعد الاستنساخ : أتوقّع أن يتم إجراء تجارب ناجحة على " اندماج" كائنات حيّة بعضها في بعض لتنتج كائنا واحدا هو عبارة عن مزيج من تلك الكائنات، وسوف تبدأ التجارب على كائنين من نفس النوع، مثلاً : بقرتين أو فأرين، ثم تتوسع لتشمل أكثر من كائنين من نفس النوع، ثم تتوسع لتشمل كائنات من أنواع مختلفة، وأخيراً تتوسّع لتشمل الإنسان.
فيتم إدماج الأم بوليدها مرّة أخرى بعد ولادته وذلك كحل أخلاقيّ لمشكلة الإجهاض وللقضاء عليها، فينشأ كائن ثالث هو عبارة عن الأم ووليدها، ويتم إدماج الحبيب بحبيبته كبديل عن الزواج وبعد تراض تام من كلا الطرفين للفناء في الآخر، ثم يتوسع الأمر ليشمل حلاً سلساً لمشكلة السكّان ، فيتم إدماج الأسرة في كائن واحد، وخاصّة في الدول الفقيرة، ثم يتم القضاء على السلالات البشريّة غير المرغوب فيها وذلك لبدائيّتها وتخلّفها، مثل القبائل الأفريقيّة والعرب ( بشكل محدود في حالة العرب) ، وربّما يتم القضاء على دول بكاملها بهذه الطّريقة، فنخلص إلى الإنسان المزدوج ( المتوحّد – ثنائي الجنس – أو المكتفي بذاته ) في حالة الحبيب وحبيبته، والإنسان/الأسرة ، والإنسان/القبيلة ، وأخيراً الإنسان/الأمّة ، فيصبح مفهوم أن إبراهيم كان أمّة متحقق بشكل علمي.
وأتوقّع أن تكون الأديان نادرة ومحصورة في الأقليّات التي لا تأخذها بجديّة، ومع ذلك سيكون هناك علماء قادرون على استنباط المسائل الفقهيّة من التطورات الحديثة، فمثلاً ستنشأ فتاوى خاصّة بأحكام العادة الشهريّة لدى الإنسان المزدوج، وحديث عن الإعجاز العلميّ في القرآن في حالة تحقّق الإنسان/الأمّة، أو حديث رجال الدين المسيحييّن (والذين سيكونون منفتحين تماماً في ذلك الوقت) عن النبوءة المذهلة للمسيح حول الزواج وأنّ الرجل والمرأة لا يكونان بعد اثنين بل واحداً.

3- الذاكرة (الجمجمة الإضافيّة): سوف يتم تطوير جمجمة صلبة تحتوي بداخلها على مجسّات لزجة تستطيع النّفاذ من مسام الدماغ لتتّحد وتوصّل نفسها بخلايا المخ بطريقة آمنة وسلسة ، وذلك بعد حلاقة الرأس من الشّعر تماماً، وسوف يكون من الممكن وضع كل ما يريده المرء من كتب ومعلومات وتسجيلات صوتيّة وفيديويّة بشكل سريع جداً على هذه الخلايا الإضافيّة ، والتي ستحظى بالتبجيل لأنّها لا تختزن معلومات وانطباعات غير مرغوب فيها كما هو الحال مع المخ البشريّ، ولن تعود هناك حاجة إلى الاستذكار والحفظ والتعلّم.
وفي البداية سيصدر قانون يمنع ارتداء الجمجمة الإضافيّة أثناء أداء الطلبة لامتحاناتهم ، وعندما يخلع الأطفال والأحداث والشّباب جماجمهم الإضافيّة خارج قاعات الامتحان ، سوف تظهر رؤوسهم النّحيلة الهزيلة المحلوقة تماماً ، وسوف يفشلون جميعاً في الامتحانات ، وسوف يتّضح مدى ضعف الدماغ البشريّة وعدم أهميّتها ، وهذا يعني فشل النّظم الدراسيّة القديمة تماماً.

4- الشّخصيّات التكاثفيّة : سوف يتم تطوير شخصيّات الكارتون لتصبح شخصيّات حقيقيّة ملموسة وتعمل بذكائها وإبداعها الخاص، وتثري الحياة السّاخرة محوّلة إياها إلى حقيقة، وتكون مهمّتها الأساسيّة هي ترفيه الأطفال ، وسوف يتم منع هذه الشخصيّات مثل ميكي وبطوط وتوم آند جيري من شغل المحافل والمرافق العامّة كالمواصلات والمطاعم والمؤتمرات ، وذلك حتى لا تتسبب في الزحام غير الضّروري والّذي يكدر على البشر حياتهم ، وحتى لا تتسبّب في تحويل الاجتماعات والمؤتمرات الجادة إلى أمواج متواصلة من الضّحك.
وهذا يعني نشوء عنصريّة جديدة وعبوديّة إلكترونيّة ، حيث تصبح الشّخصيّات الهزليّة عبيداً للبشر لا يتمتعون بكافّة الحقوق والواجبات الّتي يتمتّع بها البشريّ، وسوف تنشأ جمعيّات بشريّة يغلب عليها الطّابع الأنثوي للمناداة بحقوق الأشخاص الهزليّة واحترامهم.
والنقطة الأخرى والهامّة جداً هي تطوير تكنولوجيا تمكّن الشخصيّات الهزليّة من اختلاق المواد من الهواء بشكل تكثيف الجزيئات لتشكل مادة ملموسة تستعملها الشخصيّات الهزليّة في إضحاك الآخرين من الأطفال دون أذيّتهم، مثل الشّاكوش (المطرقة) التي يخرجها توم من الهواء ليضرب بها جيري على رأسه، ويرد جيري عليه بالمثل.
وسوف يؤدي تطوير هذه التكنولوجيا التكثيفيّة إلى تغيّر خطير في الحروب، حيث سيتم تطوير المركبة التكاثفيّة أو الجنديّ التكاثفي الذي يظهر فجأة من الهواء ليضرب معسكراً بكامله عن طريق تكثّفه المبرمج مسبقاً من جزيئات تنتشر في الهواء وتسير بطريقة معيّنة وبسلاسة نحو الهدف دون شعور العدوّ البشريّ، وسوف يكون الجنديّ البشريّ المحنّك هو ذلك القادر على استنشاق رائحة الجنديّ التكاثفيّ والتنبّؤ بوجوده في الجو عن طريق إحساسه المرهف بالرطوبة والطّقس، ممّا يجعله يتّخذ الاحتياطات اللّازمة قبل تجسّد الجنديّ التكاثفيّ.
وهو ما يعني انتقام الجنديّ التكاثفيّ من العنصريّة الّتي عامل بها البشر من قبل زميله الهزليّ.

5- الجنس: مع أنّ الإنسان قد أوهم نفسه في شتّى المجالات، وجسّد تلك الأوهام محوّلا إياها إلى حقيقة، إلاّ أنّه لن يفعل ذلك في الجنس، وسوف يفضّل أن يمارس اللّذة بنفس الطّريقة القديمة عن طريق اتحاده جسديّا مع شريك أو أكثر ، وهذا في حالة ما إذا لم يكن يحبّذ فكرة " الاندماج" وفضّل أن يبقى منفصلاً ومتلذّذاً بجسد آخر أو أكثر. وسوف يكون الجنس هو الشّيء الوحيد "الحقيقيّ" تقريباً، وسوف يكون منتشراً بحريّة في كل مكان، فيما عدا بعض الأسر المحافظة القليلة جداً والتي أوشكت على الانقراض.

إذن فمع كل هذا في النّهاية ، فلن يستغني الإنسان عن "الحقيقة" وسيبقى ملاحقاً لها في أجساد الآخرين، وسوف تكون "الحقيقة" مع ذلك منتشرة بحريّة في كل مكان، كجسد كبير هائل وطريّ ينشر أطرافه بغنج على كلّ الأرض.

Albert Camus