[CENTER][B]( يا حافر البير)
جاء تقرير التنمية الانسانية العربية لعام 2004 الصادر نهاية الشهر الماضي من منظمة الامم المتحدة للتنمية مليئا بمفردات الاوضاع السيئة التي يعيشها المواطن العربي وخرج بأستنتاج رئيسي مفاده ان انظمة الحكم في هذه البلدان تعاني من ازمة الشرعية السياسية المزمنة ، وهي ازمة واسعة الانتشار ويخيم على العالم العربي وبعض الدول المجاورة له.
وازمة الشرعية هذه يمكن الاستدلال عليها من جملة القضايا الكبرى والرئيسية التي اخفقت الحكومات العربية في معالجتها ، فألقت بضلالها السلبية على المواطن العربي طيلة العقود الماضية ومنها القضية الفلسطينية والتعاون القومي والاقليمي وتباطؤ خطى التنمية وتوزيع الثروات والحريات والنظرة السلبية الى نوعية التدخل الاجنبي في الشؤون والسياسات العربية .
الاخفاقات في القضايا الكبرى واكبتها اخفاقات في تفاصيل الحياة اليومية للمواطن مثل تدني مستويات المعيشة وصعوبات تأمين مستلزماتها الاساسية وانتهاكات حقوق الانسان . لقد خلقت هذه الاوضاع جوا من عدم الاستقرار اعتمدت فيه الحكومات اساليب الترهيب والترغيب في تعاملها مع المواطن لفرض ارادتها عليه .
كما ان هذا المناخ افرز بيئة جديدة لمشاكل اجتماعية وسياسية قاهرة كالبطالة والعنف السياسي والارهاب وتصدير العقول المتعلمة والايدي العاملة الى الخارج ، وبذلك خرجت هذه المشاكل من نطاقها المحلي لتكون ازمة عالمية ادت الى نشوء ردات فعل سلبية ضد البلدان العربية والاسلامية تمثلت بالتدخل بالشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية وفرض الحلول الجاهزة عليها او بالانذارات والتهديدات تارة او بالتدخل العسكري احيانا اخرى . كان المشهد العراقي عبر تاريخه المعاصر السيناريو المثالي لحالة ازمة الشريعة في النظام السابق والتي ادت الى ايجاد مبررات التدخل الخارجي المباشر عليه .
ان المشكلة التي نعاني منها اليوم هي عدم اعتراف هذه الحكومات بوجود الازمات في سياساتها وفكرها وسلوكها وبالتالي فهي لا تقبل النقد او الاستشارة، كما لاتسمح بحصول التغيير او المطالبة به من قبل الشعب وتضعه في خانة المؤامرات الخارجية ضدها . كما ان هذه الانظمة تشترك بصفة غالبة فيما بينها وهي الوقوق ضد اي تغيير في اي من هذه الانظمة حتى لو كان مطلبا شعبيا في تلك الدولة . وما مساندة بعض الحكومات العربية لما يسمى بالمقاومة العراقية والتباكي عليها وغض نظرها او سماحها لتنقل الجماعات الارهابية عبر اراضيها نحو العراق الا نوع من هذه المقاومة للتغيير . اضف الى ذلك فأن اسلوب التناول الاعلامي العربي يتناقض تماما مع معطيات الواقع الحقيقي للشارع العراقي ويمنع اضفاء اية صفة ديمقراطية للعملية السياسية الجارية فيه بحجة انه واقع تحت الاحتلال الاجنبي ، وعندما تذهب الى اية دولة عربية تلاحظ تعتيما اعلاميا واضحا لاي انفتاح ديمقراطي وحريات سياسية وثقافية واعلامية يعيشها العراقيون حاليا وفي نفس الوقت يجري التركيز الشديد على ممارسات قوات الاحتلال وعمليات المقاومة العراقية التي تقتل العشرات يوميا تحت مختلف التسميات .
ان رياح التغيير الباردة التي تهب على العراق .. لا بد يوما .. ان تهب على بقية الشعوب العربية في النهاية وقريبا ينكشف زيف الطروحات و السياسات البالية كلها .
كما ان المقاومة التي يباركونها والارهاب الذي يسمحون بنقله الى بلاد الرافدين ات الى بلدانهم حتما .. ان ما جرى من احداث وتفجيرات في ايران مؤخرا وقبلها في سورية ومصر والسعودية كلها امثلة ناصعة لانتقال الفايروس الذي يصدرونه الى العراق اليهم وهي مثال لمن يحفر البير لاخيه بيديه .