رسالة من قائد المقاومة العراقية عزت الدوري ....
رسالة كريمة بعث بها قائد المقاومة العراقية المجاهد عزت الدوري ل »المجدبقافلة من الشكر والترحيب والامتنان, استقبلت اسرة »المجد« رسالة التحية والتقدير التي ارسلها لها, واكرمها بها الرفيق المجاهد عزت ابراهيم الدوري, قائد الانتصار, وقاهر الاحتلال, وليث الرافدين المتوهج بمعاني البطولة والاستبسال.
وتأتي هذه الرسالة الكريمة والمدججة بكبرياء الثوار, وبلاغة العظماء, رداً على مقال كان رئيس تحرير »المجد« قد نشره على الصفحة الاخيرة, بتاريخ 9/5/2005 تحت عنوان »افتخارية عربية تليق بعزت الدوري«.
ولأن المجاهد الدوري لا يحتاج الى تعريف كونه اكبر من كل الكلمات, ولان رسالته لا تحتاج الى تقديم كونها ابلغ من كل المقدمات.. ففيما يلي نص هذه الرسالة الرفاقية الرائعة, او القلادة اللؤلؤية المدهشة التي طوق بها الرفيق »ابو احمد« عنق »المجد« الى آخر الزمان..
بسم الله الرحمن الرحيم
(( الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم سوء الحساب )) صدق الله العظيم
الى الرفيق المناضل العربي الكبير
الى الأخ العزيز الشهم الوفي
الى ابن العروبة المؤمنة الشجاعة الثائرة الخالدة
أخانا العزيز فهد الريماوي حياك الله عنا وعن شعب العراق العظيم بتحية الإيمان والقوة والتأييد والجهاد , ويسعدنا كثيراً أيها الاخ المناضل أن نبعث لك بتحيات شعبنا الأبي الثائر العزيز برجاله الابطال الميامين, الكبير والكريم بأمته المجيدة, إنها خير أمة أخرجت للناس تحمل الرسالة الكبرى وتبلغ هديها للانسانية, تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله الواحد الأحد , هذا الشعب العظيم الذي وقف على أمتداد تاريخه الطويل مجاهدا ومقاتلا لأعداء الله والانسانية, أعداء الأمة ومبادئها وقيمها الانسانية الإيمانية الكريمة.. الشعب الذي يقف اليوم بكل فخر واعتزاز وبكل ثقة وإيمان وأطمأنان وبسالة وحده في الكون يدافع عن الحق والعدل والحرية , يدافع عن مبادئ الأمة وقيمها ومستقبلها بل ويدافع عن الانسانية ومبادئها وقيمها , إنه يرتكز على إرثه العظيم الخالد الممتد الى أعماق التاريخ, إنه شعب عظيم مقاتل وصبور علمه التاريخ بالاضافة الى سجاياه وخصائصه الخاصة, علمه تحمل الألام ومعاناة الدنيا كلها .
لقد وقع العدوان على العراق, أيها العزيز, ويبدو أن العدو خُدع أو أنه مغرور أو أنه جاهل لم يقرأ ولا يكتب عن الأمم والشعوب الحية التاريخية الرسالية , لم يقرأ عن تاريخ هذا البلد وشعبه الكريم إنه شعب الرافدين الخالدين, لقد قاتل العراقيون عبر تاريخهم الطويل كثيرا نيابة عن الدنيا كلها ذلك لأنهم حملة رسالة أعدهم الله تعالى لها منذ الأزل, كانت مسيرتهم الرسالية منذ تفتح الانسان على الحياة في الارض ثم حملوا رسالة العرب الكبرى, رسالة الاسلام الخالد الى أقاصي الدنيا هدياً إنسانياً إيمانياً نيراً.
يبدو أنهم قد غرتهم الأماني وغرهم بالله الغرور , لقد زين لهم الشيطان اعمالهم وقال لهم لاغالب لكم اليوم من الناس , جاءونا بكبريائهم وخيلائهم وطغيانهم في اكبر وأخطر هجوم بربري تدميري على العراق والأمة والانسانية , فأختار الله سبحانه وتعالى لهذه الموجة الطاغية العاتية الباغية الشريرة شعب العراق, شعب الأمة المختارة, جمجمة العرب وكنز الايمان ورمح الله في الارض, فتصدى لها الرجال الميامين الأبطال , أنها الملحمة الأكبر في تاريخ البشرية بين قطبي الكفر والظلم والطغيان والخسة والرذيلة هذا القطب الشائع ذكره اليوم بين الناس والمهيمن على الارض ظلما وطغيانا, وقطب الايمان والحق والعدل والفضيلة الغريب اليوم في الدنيا إلا على أهله ومناصريه , يقول نبينا الأكرم وقائدنا المعظم صلى الله عليه وسلم: جاء الاسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء, أي يعني أن الحق كان غريبا وسيعود غريبا وأن العدل كان غريبا وسيعود غريبا وأن الإيمان كان غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء الذين لم يزالوا يتعشقون هذه القيم والمعاني ويقاتلون الدنيا من أجل احيائها والدفاع عنها.
هكذا نحن وأنتم, أيها العزيز, غرباء في قضيتنا لايعرفنا غيره جل شأنه, فطوبى لنا وليس للخونة والعملاء والجبناء والمتخاذلين , والنصر لنا لأن الله مولانا وان الكافرين والمنافقين لامولى لهم ولأن الله يدافع عن الذين أمنوا إن الله لايحب كل خوان كفور, ولأن الله كان حقا عليه نصر المؤمنين ((وكان حقا علينا نصر المؤمنين)) ولأن الله جل جلاله تعهد بنصر المؤمنين في الحياة الدنيا والآخرة اذ قال جل شأنه (( إنا لننصر رسلنا والذين أمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد)), (( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير )) .
هكذا يجاهد الشعب العراقي البطل بهذا الايمان الشامل العميق وبهذه الثقة المطلقة بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم . أنه يقاتل العدو المتكبر المتجبر ويزلزل كيانه من الاعماق ثم يجاهد في نفسه عوامل الضعف والتردد والجبن والاحباط والضياع والتغييب التي ظهرت في الأمة.. أنظر, ايها العزيز, الى هذا الصمت الرهيب للامة شعباً وانظمة, حكاما ومحكومين , فهم ان لم يكونوا جزءاً من العدوان والعدوانيين على شعبهم وأمتهم فهم كأن الأمر لايعنيهم, ثم أنظر الى العالم وصمته الرهيب, روسيا العظمى وريثة الاتحاد السوفيتي العظيم, أول دولة ارتادت الفضاء دولة القوة والمنعة, انظر فرنسا الحرية والحضارة وقيمها الانسانية, انظر الصين وعمق حضارتها ومجدها الكفاحي ضد الامبريالية والاستعمار, صين ماوتسي تونج ومسيرة الالف ميل التحريرية . ان هذا النوع من الجهاد المقدس مع النفس لكي تترفع وتتطهر في هذا الجوالملوث , أننا لنهتم بهذا النوع من الجهاد كثيرا ونوليه جل اهتمامنا ونسخر له كل طاقاتنا لكي نفرز بين الخنادق ولكي نرتقي الى مستوى النيابة عن الأمة والانسانية في جهادنا وقتالنا ومطاولتنا .
امتنا العزيزة عمقنا المادي والروحي والمعنوي بعد أن غيبها عنا الخونة والمنافقون والجبناء والمتخاذلون والمرتدون عن دينهم وعروبتهم وقيمهم الايمانية والوطنية والقومية والانسانية ثم لنرتقي ايضا في الجهاد والقتال والتضحية لشعبنا ومقاتلينا على الدوام, أي في كل يوم لنا ارتقاء في حجم العمل ودقة ادائه في الميدان ( من تساوى يوماه فهو مغبون ) , ويسرنا كثيرا, أيها المناضل العربي الشهم, أن نبعث لك ومن خلالك كنموذج ومثل الى كل المناضلين الاحرار في شعبنا الكبير وأمتنا المجيدة تحيات المجاهدين البواسل الذين صمموا مسيرة الجهاد والقتال والدفاع على قدر طاقات شعبهم الأبي وينتظرون مدد الأمة وشعبها الكريم .
لقد وصلتنا الأفتخارية يا فهد العروبة والإسلام, وكانت تمثل عندنا تحية مباركة طيبة من أمتنا العربية لأنكم أنتم وحدكم الاحرار المناضلون تمثلون الأمة اليوم وغيركم غثاء كغثاء السيل , إنها تحية مباركة وطيبة الى شعب العراق الشجاع والوفي والأمين على مباديء الأمة وأهدافها , هذا الشعب العريق الذي علم الأنسان الكتابة والزراعة والصناعة والحضارة يوم لم تكن امريكا في ذاكرة الوجود , الشعب الذي أول من سن القوانين لترتيب الواجبات وصيانة الحرية وحقوق الإنسان .
إن هذه الأفتخارية المباركة الشجاعة الوفية كانت حقا لا تليق الا بالرجال المجاهدين الابطال في زمن أختفت فيه الرجولة وقيمها, وندرت فيه البطولة وعزها وشرفها, رجال لم تلههم تجارة ولابيع عن ذكر الله والجهاد في سبيله, رجال قواتنا المسلحة الباسلة البطلة, جيش العراق جيش القادسيتين المجيدتين الخالدتين, جيش العروبة والإسلام, رفاق العقيدة والسلاح والتضحية والفداء, ذراع الأمة الطويل وساعدها القوي الأمين, أبطال الحرس الجمهوري والحرس الخاص, قوات أبي عبيدة وابن الوليد والقعقاع وموسى بن نصير والرشيد وصلاح الدين, قوات بغداد والمدينة وتوكلنا على الله ونبوخذ نصر, سرايا وكتائب وفصائل الإسلاميين الأبطال, وكل المقاتلين الشجعان من أبناء العراق قوميين ووطنيين, عربا واكرادا وتركمانا, سنة وشيعة, مسلمين ومسيحيين.
لقد جددت وثورت فينا أيها العزيز عمق معاني الايمان بالله والوطن والأمة, لقد جددت وثورت فينا ايها المناضل الشهم عمق معاني الجهاد الشامل والعميق والدائم لأعداء الله والأمة والوطن , لقد ثورت وجددت فينا ايها العربي الأبي عمق معاني التضحية والفداء والاستشهاد حتى نرتقي الى مستوى ظنكم وظن الأمة وأملكم وأملها في النصر على الأعداء, لقد جددتم أنتم وفدائيو الأمة واحرارها نخوة العروبة المؤمنة الشجاعة المجاهدة, عروبة صناع الحضارات والتاريخ, عروبة خالد بن الوليد ونخوته لعياض بن غنم عندما حاصره الفرس , انتخى له وثبته باقصر رسالة في التاريخ العسكري قال له ( لبثاً قليلاً تأتك الجلائب كتائب تتبعها كتائب ) فلبث عياض ومضى في قتاله ومقاومته حتى أتاه المدد وتوالت الانتصارات حتى تحرر العراق, عروبة المثنى بن حارثة ونخوته, عروبة المعتصم ونخوته , لا نامت أعين الجبناء .
أنت واخوانك المناضلون والمناضلات العرب القليلون اليوم عددا الكثيرون عطاءً ومدداً فأنتم اليوم مددنا من أمتنا الذي نصول به ونجول ونقاتل ونضحي ونتحدى المستحيل, يقول نبينا الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم في طريق عودته من غزوة تبوك التي سمي جيشها جيش العسرة لصعوبتها ومشاقها, يقول لقادته وجنده ان في المدينة رجالاً ما قطعتم وادياً ولا سرتم مسيراً الا كانوا معكم, قالوا وهم في المدينة يارسول الله, قال وهم في المدينة حبسهم العذر, فأنتم أيها المناضلون العرب معنا ولكن حبسكم العذر, وان روح أمتنا وارادتها معنا ولكن حبسها العذر, حبسها الخونة والعملاء والجبناء والمتخاذلون .
لقد وصلت افتخاريتك العربية أيها العربي الشهم الغيور على أهله وقومه, وصلت الى كل المجاهدين في الميدان فعانقت الميدان وعانقها المجاهدون, وسجلت لكل المناضلين الشرفاء في الأمة حضوراً حياً وفاعلاً, بل وسجلت بها وبكم حضوراً لروح الجهاد والتضحية والنخوة في الأمة وشعبها العظيم.
اعملوا أيها المناضلون على تثوير هذه الروح في الأمة, ثوروا فيها قيم المباديء وقيم الايمان بدورها الرسالي الحضاري, ذكروها بحتمية انتصارها على اعدائها مهما تعاظموا وتجبروا وطغوا ومهما كانت التضحيات وطال الزمن , لأن الله والتاريخ معها وأن الله على نصرها لقدير, وشعبكم المجاهد في العراق وفلسطين المثل والنموذج يحدوها الى الارتقاء الى هذا المقام الرفيع الذي خصها الله تعالى به, الجهاد في سبيله والنصر على اعدائه وكان حقا علينا نصر المؤمنين.
اطرقوا على ابواب الأمة حتى تستيقظ ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون , واعلموا أيها الاعزاء أن معركتنا هذه كشعب وكأمة ستغير مجرى التاريخ وتبعث الأمة بشعبها العراقي العظيم من جديد لتأخذ دورها القيادي الريادي في حياة الأمم والشعوب كما كانت عبر تاريخها الطويل, وسيتحطم الجبروت ويتمرغ أنفه في وحل الهزيمة وسوف يخرج من العراق والتاريخ معا ولن تقوم له قائمة بعدها أبدأ, هذا هو منطق التاريخ وهذا هو قدر الشعوب الحية والأمم الرسالية, أمريكا ليست اكثر عقائدية من الاتحاد السوفيتي وليست أكثر منه انضباطا وسيطرة ورأيتم كيف تفجر من الداخل عندما فسدت قياداته وشلت أوصاله, ولا تستقلوا جهدكم في ميدانكم اذ لم يبق اليوم للعدو شيئٌ يتفوق به علينا الا في هذا الميدان, فلربما كلمة مؤيدة وصادقة ومخلصة مع فعل مؤثر في الميدان يفجر كل عوامل الخير في الأمة وشعبها الكبير .
وأننا نعاهد الأمة العزيزة ونعاهد أحرارها ومناضليها ومجاهديها على أن نمثل كامل دورها في هذه الملحمة التاريخية الكبيرة باذن الله تعالى وبقوته ومدده قدرة وقتالا وتضحية وفداءً ومطاولة حتى يأذن الله العلي القدير بنصره , هذا هو استحقاق شعب العراق الذي يليق به وبرجاله وبتاريخه .
أما عن نفسي فقد افتقرت الى الله منذ زمن بعيد فتوكلت عليه وألجأت ظهري اليه إذ لا ملجأً ولا ملجئاً منه الا اليه فزادني قوةً وغنىً فأدخلني في زمرة احبائه المجاهدين في سبيله واعلاء كلمته فأنا في بحبوحة الجهاد أقف بين الجنتين, وأخطب الحسنيين جنة الشهادة ثم الالتحاق بركب المنعم عليهم عند مليك مقتدر, وجنة النصر العظيم الذي سيغير تفاصيل الحياة على كوكبنا ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله, ينصر الله من يشاء وهو العزيز الرحيم.
مر الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه في احد شوارع بغداد بصبية يلعبون وفيهم شاب متميز ونبيه فقال لرفاقه أن هذا الشخص, ويقصد أبا حنيفة, لا ينام الليل يقوم فيه لله متعبدا , فتبسم ابو حنيفة وقال لاصحابه والله ماقمت ليلة واحدة في عمري أما الآن وان واحدا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يظن أني اقوم الليل فلا أنامه بعدها فأخيب ظنه, فمضى عليه أربعون سنة يصلي صلاة الصبح بوضوء العشاء , هكذا نحن وأنتم أيها الأحرار بعون الله وقدرته.
دمتم على عهد العروبة والاسلام وما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم.
عزة ابراهيم الدوري
العراق / اواسط مايس 2005
|