حقيقة لا مجازاً ، بت أقتنع أنني أغبى خلق الله إنسانا ..
شعور غريب يجتاحني اجتياحا هذه الأيام : أنا غبي وفي رأسي يعيش جحش صغير ..

هو ليس جحش بمعنى جحش ، إلا أنه في الحقيقة .. جحش ..
جحش يشعرني بعجزي الآدمي مع كل خبر تافه أقوم بتحريره ، مع كل مقالة أزرعها تحت جلد من يقرأون كإبر المورفين .. جحش أناني حقير يتنعم بأكل الحشيش ويترك بقايا أدخنته لما تبقى منا .
لكنه يبقى جحش وليس بجحش .. هو ليس كذلك لأن هذه الأخبار بحد ذاتها تسببت لي بداء " الجحشنة " بعد أن زرعت في رأسي هذا الجحش الذي بدأت أشعر أنه يقتات من خلايا مخي بشكل عشوائي ، ولأنه " جحش " لا يفرق بين الشعر والشعير ، فإنه بدأ يحدث لي تجاويف غير مدروسة ولا منظمة في مخي فإختلطت لدي معايير الأهمية بين آخر موجات تسونامي الزرقاء ومسؤولية النسر الأمريكي النبيل عن إنهيار أسعار البطاطا في القطب الجنوبي .

هذا الجحش أنا لم أختره ، ولم أستضفه في مخي ، لكني أحتاج إليه كي يطهرني من رجس التفكير على الأقل ، اضافة الى أن رحيله قد يتسبب بعودة خلايا مخي لبناء نفسها من جديد ، وبالتالي سأفقد عملي الذي أعتاش منه ، ويعتاش جحشي منه أيضا ، وهذا الجحش الذي وصل لي " حتما " من حيث أدري ولا أعلم ، أو بالأحرى عبر الإكليشيهات الاخبارية التي أتداولها وتستهلكني، هو بالحقيقة من يصرف لي مرتبي نهاية الشهر ، لذلك فعلاقتي به تكافلية تضامنية أمنية إنطباعية براجماتيه مصلحية وشك في الحيط وقفاك ليه .
أقول لكم الحقيقة؟؟
من كان لديه هذا الجحش في رأسه فليحافظ عليه ويطعمه حتى من آدميته ، لأن هروبه من الرؤوس هذه الأيام ، قد يوقعكم ويوقعنا جميعا فريسة لمخالب تقتات- عادة وغالبا – على جيفنا وبقايانا .... و يدفعنا لأن نبيع بعضنا لبعضنا في أسواق البشر المستهلكة آدميتهم ، حيث ( ياااا تيييبووو لهم ) أن يبادلوا رؤوسنا بورقة صغيرة ممهورة بتوقيع كبير لمخبر صغير حظه من العلم لا يتعدى ذيل توقيعه .. وذيل جحشي معا .

أقول لكم الحقيقة ؟
أنا سعيد بأنني بت مقتنعا – أخيرا – بغبائي ، وسعيد بذلك الجحش الذي تنازل وقبل أن يعيش في رأسي ، ولا أدري كيف لم أنتبه طيلة عقود أنه بالجحشنة وحدها يحيى الإنسان ..


أدامه الله جحشا وحفظه من التأنسن