كتب
سامر أبو رمان من
مجلة العصر الإلكترونية
ألقت الولايات المتحدة على هيروشيما وناغازاكي قنبلتي ما سميتا -حسب مصطلح التبجح الأمريكي- "ليتل بوي" و"فات مان"، وقد أودى بحياة ما يزيد عن مائة ألف شخص ومثلهم كذلك ممن تأثروا بعد ذلك بالأمراض والتسمم الإشعاعي ُجلهم من المدنيين!
بعدها بأيام أجرت مؤسسة استطلاع الرأي العالمية "غالوب" استطلاعاً أظهر أن 85% من الشعب الأمريكي أيدوا هذا القتل العشوائي!
قد لا نستغرب كثيرا لما اتسمت به المرحلة آنذاك من صراع دولي وحروب عالمية وخاصة بعد أن استفزت اليابان أمريكا بضربها بيرل هاربير.
وكجزء من منهجية "غالوب" في تكرار الاستطلاعات بشكل دوري لتخدم المقارنة فهم الظاهرة كما هو معلوم في منهاج البحث العلمي، أجرت بعد ذلك عدة استطلاعات في نفس الموضوع كان سادسها قبل أيام أي بعد ستين عاماً لتبين أن 57% من الشعب الأمريكي ما زالوا يؤيدون الجريمة التاريخية!
ولأن أغلبية الشعب الأمريكي بقيت مؤيدة في كل استطلاعاتهم السابقة ليبقى الرأي الشعبي منسجما مع إرادة السياسيين كان لابد من البحث عن مبرر، فصاغ كتّاب أسئلة الاستطلاع السؤال: "هل تعتقد أن إلقاء القنابل الذرية حفظ حياة الأمريكيين؟"، ليوافق 80 % من الشعب الأمريكي على ذلك، ويوافق 41% في سؤال آخر أنه تم حفظ حياة اليابانيين أنفسهم!
وهكذا برروا هذه الجريمة البشعة، مع أن الحرب كانت ستضع أوزارها وتستسلم اليابان حتى لو لم يلق الأمريكيون القنلبيتن كما أوضحت الكثير من الدراسات والتحقيقات.
هكذا أيد الشعب الأمريكي إحراق مدن وقتل مئات الآلاف وهو لم يتذوق إلا مرارة بيرل هاربير على أرضه، فكيف لو أصابه ما يصيبنا منذ عقود؟ فهل يلام من اغتصبت أرضه وهتك عرضه؟؟ هل يلام من يتعرض أبناء ديانته ووطنه للذل والأهانة والقتل والتعذيب والجوع في كثير من بقاع الأرض؟ هل يلام عندما يلجأ هؤلاء إلى وسائل بائسة يظنها توصله لشىء من توازن القوى في هذا العالم المظلم؟
هل يلام من يعايش قول الشاعر:
قتل امرأ في غابة جريمة لا تغتفر وإبادةشعب كاملٍ مسألة فيها نظر
وقول آخر:
أحرام على بلابله الدوح حلال على كل طيرمن كل جنس
إذا كانت الأغلبية الشعبية الأمريكية أيدت جريمة دولتهم قبل ستين عاما وقد لا يكون من أفراد العينة البالغ عددها 1010 سوى القليل ممن عايشوا أجواء الحرب أو ممن لهم أقرباء تأثروا بها، فما بالك بمن لم تهدأ مصائبهم منذ قرون وما إن تكاد تضمد جُروح حتى تتبع بأخرى؟