اقتباس:الرياض: محمد السعود) المشهد العام يشعرك بتواجدك داخل متحف للسيارات القديمة, المنازل توحي لك بالعيش في فترة السبعينات الميلادية,الأزقة ملتوية تهيئك للفوز بلعبة الدهليز الشهيرة، توقفت (الوفاق) عند عبد الله البخيت الذي شرب الدهر عليه وأكل رجل في السبعين من عمره، علت محياه ابتسامة عريضة، رحب بنا جلسنا إليه، بادرناه بالسؤال كيف هي حالتك المادية؟ رفع يديه إلى السماء قائلاً "الحمد لله ", كيف أولادك وهل يزورونك؟ امتعض قليلاً، وقال "فليسامحهم الله لم أشاهدهم منذ سنوات"، أما بناته فيقول أنهن أحن عليه "يصلنني بأكثر مما يفعل الأولاد", دخلنا منزله ذو الثلاث غرف, منزل غاية في البساطة أريكته محشوة بالتبن والتي صنعت منذ أكثر من ثلاثين عاماً، مؤكداً لنا أنها لم تتغير منذ ذلك الحين. قلنا له "هل يتجاوز دخلك 3000 ريال؟ ضحك كثيراً، وقال "لو كان كذلك لما رأيتني أتكئ على عتبة الباب الخارجية مقابل أم جوهر" (عجوز جلست عند باب بيتها على الشارع وبجوارها بناتها) ثم أفادنا أن دخله لا يتجاوز 800 ريال شهرياً. نعيش في عصر يطلب فيه البعض ما يزيد عن حاجته والبعض الآخر يتسابق إلى المطاعم الجديدة ويتفنون في وصفها، في حين يصف الرجل السبعيني البخيت طعامه اليومي بقطع رغيف يغمسها في الشاي، وأحياناً مع الفول ووجبتي الغداء والعشاء تتنوع ما بين الطماطم المطبوخة مع البصل(كشنة) أو أرز مسلوق إن توفر. هكذا هو عبدالله البخيت الذين يقطن حي السبالة الممتلئ بالنساء والرجال على طول أزقته عند أبواب منازلهم ينتظرون أهل الخير لتقديم المساعدة، ويقطعون وقتهم بالأحاديث الجانبية التي تحكي العوز، وأحياناً الترحم على الأيام الخوالي أيام الترابط الاجتماعي والبساطة في الحياة. وعلى النقيض في حي العليا، حيث برجي الفيصلية والمملكة والشوارع الفسيحة والمراكز التجارية وسيارات النخبة ذات الموديلات الألفية، تقول هاجر في العشرينات من عمرها "إن مصروفها الشهري وأخواتها للأمور الاعتيادية يبلغ 2000 ريال شهرياً وعند المناسبات يرتفع الرقم إلى 7000 ريال". وتؤكد أن لديهم خادمتين يتقاضين 1400 ريال شهرياً ومنزلهم يحوي 14 غرفة وتحرص على شراء عطرها المفضل شهرياً بـ300ريال!.