لم تعد هناك أى فرصة لخداع الذات والتعلق ببصيص أمل يتيحه غموض القيل والقال حول وفاة "المقاتل الأحمر" ، فهو قد توفى وانقضى الأمر .

تخلى خالد هذه المرة عن عادته الأصيلة فى الاختفاء المفاجىء ثم الظهور المفاجىء ، وكان أخرها منذ أسابيع فقط حين عاد يتصل بى بعد اختفاء زاد عن شهر وحين سألته معاتبا أجاب "كنتُ فى السجن يا أهطل" .

الاختفاء المفاجىء – اختفاء خالد ـ هذه المرة لن يعقبه ظهور ، هو اختفاء نهائى .

للموت طعم مر وتكون مرارته فى أشد قسوتها حين يكون موتا متعسفا مفتعلا يصيب أبناء الحياة إذ هم فى أوج إقبالهم على الحياة فيأخذهم ويأخذ معهم الأمل والمستقبل والرغبة ، وهكذا هو موتك يا خالد : ضربة عشوائية طائشة أطفأت الأمل وصادرت المستقبل وأخمدت الرغبة فى كيان إنساني بالكاد أكمل ربع قرن من عمره فى هذه الحياة .

وما العمل إذا كان الواحد منا مدينا بكلمة ، كلمة حب ، كلمة اعتذار ، كلمة عتاب ، ظل يؤجلها انتظارا للحظة مناسبة قبل أن يفيق على الحقيقة المروعة : أولئك الذين تخصهم الكلمة المؤجلة اختفوا من فوق مسرح الحياة ، واللحظة المناسبة لن تأتى أبدا .

وأنا مدين لك بكلمة اعتذار يا خالد ، أما كان من الممكن أن تنتظر قليلا لتسمعها ؟

لكن شيئا ما يتغير ، علاقتى بك التى لم تتعد حدود المعرفة العادية تتحول إلى صداقة ، صداقة من نوع خاص تتأسس على لحظة فراق نهائي ، صدقنى أشعر الآن وبعد رحيلك أنك قريب منى كما لم تكن فى أى لحظة .

الوداع يا صديقى ،،

:wr: