تسونامي وشيك فوق دمشق .. بقلم : سعد محيو

فلندقق معاً في المعلومات والمعطيات الآتية:

“فايننشيال تايمز” الموثوقة: “التحقيقات حول قضية اغتيال الرئيس الحريري تراقب عن كثب في واشنطن وعواصم غربية أخرى، وقد تكون لها مضاعفات بعيدة المدى على السياسات الغربية إزاء سوريا”.

“يديعوت أحرونوت” غير الموثوقة: “تقرير استخباري أمريكي سري وحساس للغاية يؤكد أن أمريكا وفرنسا على وشك فرض عقوبات سياسية واقتصادية كبيرة على سوريا، ستؤدي في مرحلة ما إلى إطاحة الرئيس السوري على يد جهات داخل سوريا وخارجها”.

معلومات غربية مؤكدة وأخرى شرقية شبه مؤكدة: الأولى تقول إن واشنطن أنجزت تقريباً الإعداد لجبهة معارضة سورية تضم قطاعات واسعة من الأحزاب السورية في الدول الغربية وبعض الدول العربية. والثانية تتحدث عن وجود رفعت الأسد في شمال العراق وعناصر عدة مؤيدة لعبد الحليم خدام وحكمت الشهابي والاخوان المسلمين في لبنان.

مصادر لبنانية وغربية تؤكد أن ضابطاً سورياً سابقاً انقلب على النظام في دمشق، وهو يقدم الآن معلومات خطرة للجنة التحقيق الدولية التي يترأسها دتليف ميليس.

ماذا تعني كل هذه المعطيات المترابطة؟

انها تعني أمراً واحداً: ثمة نذر عاصفة عاتية تتراكم فوق سماء دمشق، وقد تتحوّل في أية لحظة إلى تسونامي سياسي أمني كبير يجتاح بلاد الأمويين. السبب الرئيسي لهذه العاصفة هو بالطبع تزايد الشكوك حول دور دمشق في عملية اغتيال الحريري. لكن هذا السبب الرئيسي ليس أكثر من خدعة رئيسية تختفي تحت قبعتها القانونية الدولية مخططات استراتيجية أخطر: استكمال تنفيذ صفقة “سايكس بيكو” الفرنسية الأمريكية الجديدة لتقاسم النفوذ في لبنان وسوريا.

هذه الصفقة، كما يذكر الجميع، وقعها الرئيسان شيراك وبوش في باريس في حزيران/ يونيو الماضي، أي قبل أشهر عدة من اغتيال الرئيس الحريري. وهي كانت الصخرة التي أقيمت فوقها كنيسة القرار 1559.

والآن، وبعد أن هضمت باريس وواشنطن عملية تنفيذ الشطر الأول من الصفقة، والذي تمثل في “طرد” القوات السورية من لبنان، آن الأوان على ما يبدو لتنفيذ الشطر الثاني: “طرد” نظام دمشق من دمشق. وبالطبع، إذا ما تم ذلك، فسيصبح تجريد “حزب الله” من السلاح، مجرد تحصيل حاصل.

متى موعد هذه المرحلة الثانية؟

الآن! فهي دخلت بالفعل قيد التنفيذ، ليس فقط من خلال اقتراب “ليلة السكاكين الطويلة” في بيروت (والتي تدحرجت فيها رؤوس الجانب اللبناني من الجهاز الأمني اللبناني)، من ذقن دمشق، بل أولاً وأساساً بسبب تلك المحادثات الغامضة والكثيفة والمريبة التي يجريها الآن الفرنسيون والأمريكيون، والتي انضم إليها فجأة مؤخراً البريطانيون، بهدف مناقشة “مستقبل لبنان وسوريا”، كما قال ديفيد ولش مساعد وزير الخارجية الأمريكي.

الرئيس بشار الأسد، يعرف تماماً مخاطر هذه التطورات. وهو، وفق مصادر موثوقة، قال للرئيس مبارك الذي زاره ليحذره منها إنه لو كانت التنازلات تفيد، لما تواصلت الضغوط الأمريكية على النظام المصري برغم كل شيء.

حسناً. المعرفة مفيدة، لكن هل هي قادرة على إنقاذ دمشق من التسونامي العاتي الذي يتشكَّل الآن فوق رأسها؟

المعلومات والمعطيات المتقاطعة الراهنة، من أسف، لا توحي بذلك.




الخليج