أذكر أن أول موضوع لي في نادي الفكر العربي كان منذ ما يقرب على 5 سنوات بنفس هذا العنوان , و اليوم مع اختلاف الظروف و الأشخاص و الزمن , فيبدو أن منتديات الحوار العربية المحترمة و العريقة لا زالت تعاني من وباء ليس له دواء شافي أو حل جذري , و هم حثالة المنتديات و صراصيره , الذين لا يملكون فكراً و لا أسلوباً و لا أخلاقاً , يقضون أوقاتهم في تضييع وقت الآخرين بتفاهاتهم و أمراضهم النفسية .

منذ انطلاق الأزمة الأخيرة التي فجرتها حقارة و تفاهة و سخافة البعض هنا , لم أستطع إلا ان أقارن هذه الحثالة التي أتحدث عنها بحثالة أخرى ظهرت في السنوات الأخيرة بوضوح , و هذه المقارنة هي السبب الذي يجعلني أضع هذا الموضوع هنا في ساحة الفكر الحر .

فبعض أصحاب العقول العفنة و الذين اضطهدوا في بلدانهم الأصلية – الأصوليون الاسلاميون مثلاً - هربوا يحملون نتانة أفكارهم و تحجر عقولهم إلى بلدان جميلة و نبيلة , قبلت بهم و برائحتهم القذرة بكل صدر رحب , - بريطانيا العظمى مثلاً - و لكنهم مذ دخلوا صدموا بهذا الكم الهائل من الجمال و التسامح و قبول الآخر , كما صدم الكثيرون من حثالة المنتديات عندما دخلوا إلى نادي الفكر العربي - , و لم يستطيعوا أن يصدقوا أن هذا حقيقي , و منذ وصولهم بدأوا بالخربشة و الاستفزاز المقصود , يريدون أن يثبتوا أنهم ليسوا متخلفين لوحدهم , و أن التخلف موجود خلف هذه الحضارة الفائقة , فشلوا كما يفشل طفل صغير أن يجبر راشد عاقل على العراك معه , كانوا كلما اكتشفوا مدى الانفتاح و الحرية و الجمال الموجود زاد غضبهم و حنقهم , اختلقوا القضايا و المشاكل الزائفة , و لكن دولة المؤسسات و القانون رفضت إلا أن تعاملهم كما تعامل كل مواطنيها , بالاحترام الذي لا يستحقونه .

ضربوا بكل القوانين التي استغرق الوصول إليها أجيال و أجيال و معارك و حروب , عصارة أفكار مفكرين و مثقفين كرسوا حياتهم لهذا الغرض . و من ثم استنجدوا بجمعيات حقوق الانسان و وسائل الإعلام أن تأتي لتفضح الظالمين و الذين هم بالحقيقة الضحية الحقيقية , كما فعل بعض حثالات المنتديات بعد أن ملأوا النادي بالقذارة و التفاهة التي ينضحون بها طلبوا من زملاء لهم ان يهبّوا لنجدتهم و لنجدة الحق و الحقيقة . و المؤسف أن بعض هؤلاء صدقوا بالفعل و شاركوا بالحملة القذرة من حيث يدرون أو لا يدرون كما تشارك أحياناً وسائل الإعلام و بعض منظمات المجتمع المدني في العالم بالدفاع عن الإرهابيين و المجرمين ,

و أخيراً و عندما أعيتهم كل الطرق , قرروا أن يصطدموا مع هذا الصرح الحضاري الذي لم يستطيعوا أن ينتموا إليه , فأصبحوا إرهابيين رسمياً و قرروا محاربته لأنه أسمى و أنبل و أشرف منهم , و من ثم تباكوا على الحرية و الديمقراطية التي لم يستطيعوا أن يكونوا جزءاً منها .

[SIZE=4] محال على من يحمل كل تلك البشاعة في قلبه أن ينتمي لمثل هذا الجمال !
و محال على من يحمل كل ذلك العفن في عقله أن يتكيف مع محيط قائم على التسامح و الانفتاح و تقبل الآخر !


و لكنهم أصغر من أن يهدموا هذا الصرح العظيم , الذي احتضن و دافع عن جميع أعضائه أياً كانت اتجاهاتهم الفكرية ,و كان شعاره منذ أن أنشئ : "من دخل نادي الفكر العربي فهو آمن"’ آمن أن يعبر عن آرائه و أفكاره دون قيد أو شرط سوى احترام الآخر و المكان الذي ضمهما معاً .

و أما من لم يستطع أن يستوعب معنى الحرية الذي بني على أساسه نادي الفكر فليقذف إلى حيث أتى , غير مأسوف عليه , كما تقذف الدول الحرة حثالات العفن و التحجر الديني التي دافعت عنهم و استقبلتهم حين لم يجدوا أحداً يدافع عنهم .