2005/09/26

بكي الفلسطيني عصام سلامة موسي سلامة الفواغرة حتي مات في قسم التوقيف بسجن العجوزة بعد ان امضي 27 عاما متواصلة في السجون المصرية.
وكان السجين عصام مسجون في جمهورية مصر العربية بسجن القناطر وامضي 25 عاما فرضت عليه بتهمة تهريب المخدرات، حيث كان شابا في شهر العسل وتوجه من الاردن الي مصر مع عروسه ليتبين في التفتيش بان السيارة التي يقودها مليئة بالمخدرات علي يد المجموعة التي عرضت عليه السفر الي هناك.
ورغم اندلاع الانتفاضة الاولي وتعرّض الفلسطينيين داخل الارض المحتلة لخطر الانقراض رفضت السلطات المصرية تخفيض محكوميته، ثم وبعد دخول السلطة الي غزة بقي موقف القضاء المصري ثابتا.
ثم ومع دخول السلطة الفلسطينية الي غزة حاول اهله الحصول علي افراج مبكر لولدهم الا ان الموقف السابق ظل كما هو.
ومع اندلاع انتفاضة الاقصي تفاءل اهله في مدينة بيت لحم ان تفرج مصر عنه قبل عام او عامين من انتهاء مدة المحكومية بسبب حسن السلوك او مثله ولكن السلطات المصرية تمسكت بموقفها اكثر.
وبعد 25 عاما في السجن وعند انتهاء محكوميته افرج عنه، الا انه لم يتمكن من مغادرة مصر لعدم توفر جواز سفر يسمح له بالعودة الي فلسطين، ولان حكومة مصر لا تريد ان يبقي علي الاراضي المصرية ظلت تحتجزه في مركز توقيف (سجن الترحيل بالعجوزة) ومضت الايام والشهور والسنون، والقصة تطول والشاب الفلسطيني الذي اصبح عجوزا في سجن العجوزة لا يسمح له الاختلاط بالسجناء وقد حاول ثلاث مرات تجديد جواز سفره الاردني دون جدوي فقال الاردن، ان عصام سلامة فلسطيني وليذهب للسلطة الفلسطينية لتصدر له جواز سفر، تماما مثل مصر التي قالت انه ليس مصريا وعلي السلطة ان تأخذه.
كلام يدخل الرأس، لكنه لا يدخل اذني السفير الفلسطيني في القاهرة والذي كان حين يسمع القصة يبدو كمن لدغته افعي، ويصرخ يا ساتر، مخدرات ثم يضطر شقيقه الذي تكبد عناء السفر الي مصر ان يشرح له بأن (الولد امضي 26 عاما في السجن وحرام يا سعادة السفير، حرام، خليه يرجع لزوجته وليرجع الي ابنه الذي لم يره طوال حياته) فما كان من سعادة السفير الا ان هدد باستدعاء الامن المصري لاعتقاله اذا عاد وازعج اذنيه بهذه القضية.توجهت العائلة للسلطة الفلسطينية لاستصدار جواز سفر للمواطن معروف رقم الهوية ومالك الاوراق الثبوتية، فقالت وزارة الداخلية ان الامر ليس بيديها وانما بيدي وزارة الخارجية، وكالعادة قالت وزارة الخارجية انها تنتظر قرار وزير الداخلية. ومكتب وزير الداخلية قال بانه ينتظر مصادقة الرئيس ابو مازن علي قرار منح جوازات السفر للمغتربين، وبين يدي وزارة الخارجية ويدي وزارة الداخلية لم يبق علي اسرة السجين (مهرب المخدرات الفاشل) سوي ان يقبّّلوا اقدام المسؤولين.
بسيطة، قالوا، ثم توجهوا للصحافة، وحين وصلوا الي مكتبنا كان عصام امضي 26 سنة في السجن وينتظر الترحيل.
بسيطة، قال العبد الفقير الذي يكتب هذه الكلمات، ورفع سماعة الهاتف وهات يا مكتب الوزير الدحلان، قالوا مشكورين: بسيطة، ارسلوا الاوراق اللازمة، وطوال ستة اشهر ونحن نرسل الاوراق اللازمة، ثم لعب الفأر، لعب جدا، بصدورنا، ففتحنا عدة خطوط، وانضم الي قضيتنا الاخ عيسي قراقع رئيس نادي الاسير الفلسطيني والذي كنت اسمعه يقول للمسؤولين (حرام يا ابو فلان، والله هذا ظلم، خليه يرجع لزوجته وابنه) دون جدوي.
فقلت انا وعيسي قراقع، وبعد ان يأسنا واكتشفنا ان القصة ليست بسيطة (وفي الحقيقة خشينا من جبروت السفير الفلسطيني في مصر) قلنا: ان الامر يحتاج الي قائد صاحب خبرة، فتوجهنا الي الوزير (سابقا) الاخ صلاح التعمري فقال مثلنا جميعنا، (بسيطة ـ هاتوا الاوراق اللازمة) فاعطيناه الاوراق اللازمة، ولكن كانت قضية الانسحاب من غزة في ذروتها، فانشغل الجميع، باستثناء اهله وعيسي قراقع وانا، نتصل ونتابع، نتوسل ونتمني، نتحنن ونشيد ونشجب حتي جاء شهر آب (اغسطس) 2005 وكان الشاب امضي 27 سنة في السجن.
اتصل السجين عصام هاتفيا وقد انفقأت احدي عينيه من الحزن قلت: اكتبوا كلمة شكر وتقدير لسفير فلسطين في مصر وانشروها في الصحف.
ناصر اللحام
رسالة علي البريد الالكتروني