هل عليهم ان يحتفظوا به؟ هل عليهم ان يسلّموه؟ ولماذا؟
*جبران تويني* في المقال التالي يتعرض لهذه النقطه. ويقول ان المخيمات الفلسطينية عليها ان تكون منزوعة السلاح. ولكنه لا يقول شيئاً عن اي مقابل او ثمن لهذا. فالفلسطيني في لبنان عليه ان يترك سلاحه، هاي فهمناها... طيب شو الثمن؟ هل يستطيع لبنان مثلاً ان يؤمن للفلسطينيين للفلسطينيين حياة فيها بعض المساواة مع اللبنانيين؟ هل يستطيع الفلسطيني ان يملك ارضاً في لبنان مثلاً؟

اترككم مع جبران تويني ووجهة نظره المعاديه لسوريا وللسلاح الفلسطيني.

******

لا أحد في لبنان يريد استبدال العدو الاسرائيلي بعداء الفصائل الفلسطينية أو سوريا...

ولا ضرورة لأن نؤكد ونذكّر بتاريخنا وبموقفنا العدائي من اسرائيل كلما أردنا ان نتحدث عن واقعنا الاليم مع تلك الفصائل الفلسطينية أو مع النظام السوري...

[SIZE=4]ولا ضرورة أيضا للتأكيد والتذكير بأن هذا النظام بالذات والفصائل الفلسطينية الموجودة في لبنان وسوريا والخاضعة له هي التي وضعت نفسها في خانة الخصم بسياساتها العدائية حيال لبنان والشعب اللبناني، اضافة الى اطلاقها التهديدات والتسلل الذي فضحه النواب في جلسة أمس، بالارقام والتفاصيل.

ولا ضرورة ايضا وايضا للتأكيد ان لا عودة الى عام 1975 ولا الى بوسطة عين الرمانة ولا الى حرب المخيمات وأن كل محاولات اشعال فتن أو حروب ذات طابع مذهبي أو طائفي يستعمل فيها العنصر الفلسطيني – كما في السابق – محكومة بالفشل الحتمي وذلك على رغم الاوركسترا المبرمجة والمنسقة في دمشق، والتي تتحرك اليوم من خلال غرفة عمليات بقاعية وأخرى شمالية، اضافة الى غرفة عمليات فلسطينية، كلها بتوزيع وتلحين وإيقاع دمشقي عشية صدور تقرير ميليس.

لقد بدأت تلك الأوركسترا عملها بتحريك من تبقى من عملاء الجهاز الامني السوري - اللبناني على الساحة السياسية اللبنانية، فقاموا بزيارات ونشاطات أدلوا بعدها بتصريحات منسقة تصب كلها في خانة الدس المخابراتي الرخيص الذي اعتدنا نغماته عبر الابواق التي طالما استخدمها "الباب العالي" أدوات لتنفيذ سياسته في لبنان.

وجاءت حملة الابواق المعروفة بالتزامن مع بيانات دسّ وتحريض لبعض الفصائل الفلسطينية التابعة والخاضعة لدمشق والتي هددت مباشرة الشرعية اللبنانية والشعب اللبناني، موزعة اتهامات بالعمالة كتلك التي وزعها من تبقى من عملاء النظام الامني السوري اللبناني في تصريحاتهم الاخيرة، من غير ان ننسى تطمينات ناطقين باسم فصائل الرفض الفلسطينية الى أن لا لزوم لتهريب السلاح من سوريا لأن في المخيمات ما يكفي منه، ربما لاشعال حرب جديدة ضد لبنان او لتحرير فلسطين من البقاع والشمال!

وها أن تلك الاوركسترا تحاول اليوم بشتى الطرق ضرب انجازات 14 آذار والاستقرار الداخلي وربما فتح بازار مفاوضات مع أميركا ومع اسرائيل – نعم استطراداً مع اسرائيل – لايجاد مساومة ما لحساب النظام السوري على حساب الحقيقة والموقف المبدئي للمجتمع الدولي حيال لبنان ورسالة الحرية والديموقراطية والحوار التي يمثلها.

***

وليس سراً ان النظام السوري يحاول بشتى الطرق تسويق نفسه من أجل ضمان سلامته. ولكن يبقى السؤال: ماذا يمكنه ان يقدم الى المجتمع الدولي؟

فمن المعروف ان الورقة الفلسطينية لم تعد في يد سوريا وان المجتمع الدولي يتعامل اليوم مع الشرعية الفلسطينية، بينما تدعم دمشق الفصائل الفلسطينية المتطرفة التي تهدف الى ضرب سلطة ابو مازن والى نسف كل محاولات الاستقرار والتوصل الى حل مبني على قيام دولة فلسطينية مستقلة... ولا تجد غضاضة في ان تناقض نفسها فتعلن من دمشق نقيض ما تهدد به من صيدا وبيروت.

ويرى [COLOR=Green]المجتمع الدولي أن سوريا، التي كانت مطالبة بتسهيل مسيرة السلام في الشرق الأوسط لتثبيت استقرار المنطقة تحت مظلة سلام عادل وشامل، نفذت عكس المطلوب تماما بدعمها السابق والدائم لكل الفصائل الفلسطينية المتطرفة التي عارضت مسيرة السلام ولا تزال.

والتحرك الذي تقوم به تلك الفصائل من سوريا وفي لبنان وعلى المستويات السياسية والامنية والعسكرية، هو خير دليل على استمرار السياسة السورية السابقة والمعروفة والتي تعتمد مبدأ افتعال الازمة ودعمها من أجل بيعها في ما بعد!

ولا لزوم هنا للتذكير بأن المجتمع الدولي، تماما كما لبنان الشرعية والشعب، لا يمكن ان يدعم أي حركة انقلابية فلسطينية مستوردة من دمشق ضد السلطة الفلسطينية الشرعية بقيادة أبو مازن.

فالشرعية الفلسطينية المنبثقة من ارادة الشعب الفلسطيني هي المؤتمن الوحيد على ايجاد الحلول العادلة الآيلة الى قيام دولة فلسطينية بالطرق السلمية الديبلوماسية والسياسية، بعدما اتخذ الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قرار وقف الكفاح المسلح والتفاوض حتى مع اسرائيل، انطلاقاً من القرارات الدولية.

وانطلاقاً من هذا الواقع، أصبح أي سلاح فلسطيني خارج اطار الشرعية الفلسطينية وخارج فلسطين سلاحاً غير شرعي وذا أهداف مشبوهة. لذلك من الطبيعي ان يرفض الشعب اللبناني – كما بدا واضحاً من مناقشات مجلس النواب واجماعه - وجود سلاح داخل المخيمات الفلسطينية، وكذلك وجود مخيمات تدريب للفلسطينيين، وخصوصا ان هذا الموقف هو موقف السلطة الفلسطينية نفسها.

مع العلم أنه اذا أصرّت الفصائل الفلسطينية على تمسكها بالسلاح، فما على الشرعية اللبنانية إلا أن تؤمّن انتقال تلك العناصر مع سلاحها الى أراضي السلطة الفلسطينية لتتحمل مسؤوليتها هناك... فاذا كان من جهاد، فليكن من فلسطين وليس على الاراضي اللبنانية!

أضف ان مواقف جماعة الفصائل الفلسطينية المتطرفة الموجودة في سوريا ولبنان وتصريحاتها تشكل تحديا مباشرا، لا للشرعية اللبنانية فحسب، بل للشرعية الفلسطينية والدولية، وتخدم مباشرة السياسة الاسرائيلية التي تهدف بشتى الطرق الى اشعال حرب أهلية فلسطينية لضرب مسيرة السلام ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة.

لذا نعود لنقول انه لم يعد في قدرة سوريا أن تبيع ورقة فلسطينية بعد قيام الشرعية الفلسطينية وأن استمرار سياستها يصب فقط في خانة ضرب الاستقرار.

***

أما على المستوى اللبناني، فلا يمكن سوريا ان تقدم أي شيء بعدما ثبت ان وجودها في لبنان كان على حساب السيادة والاستقلال والوحدة الوطنية، وأنها استعملت لبنان ساحة لتحريك أوراقها الاقليمية الهادفة الى ضرب مسيرة السلام، من باب ممارسة الضغط والابتزاز على العالم العربي والمجتمع الدولي، مع الحفاظ طبعا على هدوء حدودها مع اسرائيل من باب "البلف"، ومن باب إبعاد الشرّ عن أراضيها. ولا لزوم للتذكير بأن النظام السوري تمكن من تحويل لبنان ساحة مارس فيها سياسة فرّق تسد على حساب الوحدة الوطنية وعلى حساب الحوار بين الاديان وعلى حساب خصوصية تعددية المجتمع اللبناني.

بمعنى آخر، حاول النظام السوري ان يوحي الى العالم الذي كلّفه تأمين الاستقرار في لبنان، بأنه يقوم بدوره من خلال تأمينه ذلك على حدوده مع العدو حيث لم تطلق رصاصة واحدة من أجل تحرير ما تبقى من اراضي الجولان المحتل، بينما كان يمارس عكس المطلوب انطلاقا من الساحة اللبنانية!

لذلك نرى ان النظام السوري الذي أُجبِر على الجلاء عن لبنان بعد فضح دوره، يحاول بشتى الطرق اعادة فرض نفسه في المساومة، من خلال تقديم نفسه على انه وحده يمكنه ان يجرّد المقاومة اللبنانية كالمقاومة الفلسطينية من اسلحتها.

ولا بد من ان نوضّح ان "ورقة حزب الله" في لبنان لم تعد اليوم في يد النظام السوري ليعرضها "للبيع"، خصوصا ان اللبنانيين في كل مواقعهم أكدوا أكثر من مرة ان هذا الملف سيُحل في حوار لبناني – لبناني بعيدا من لغة السلاح أو من المزايدات والابتزاز أو البازارات.يضاف الى ذلك ان علاقة "حزب الله" الاستراتيجية بايران اليوم أصبحت أعمق بكثير من العلاقة مع سوريا، مما يعني ان التنسيق السياسي الحقيقي هو مع طهران قبل دمشق. علماً ان النظام السوري هو الذي يؤمّن لايران عمقها اللوجستي والاستراتيجي العربي.

***

واخشى ما نخشاه ان يكون النظام السوري قد قطع على نفسه طريق الاشتراك في أي معادلة جديدة أو الدخول طرفاً في أي مساومة جديدة أو تكليف جديد، انطلاقا من عدم قدرته على فرض أو تغيير أي معادلة سياسية في الواقع الاقليمي والدولي الجديد، بعدما اختصر دوره ، ويا للأسف، بأن يكون عامل خربطة!