هل يعاني المسيحيون في البلاد العربية من تمييز عنصري مبني على أساس عقائدي؟!‏

وهل حق القول بان فكرة أنّ العقيدة التوحيدية قد أضرت بالبشر؟!‏

لست أريد أن أناقش في هذه العجالة من أمر الموضوع ذاك النقاش العلماني الإلحادي أو اللا أدري، ولست بوارد ‏نقاش أي دين "على قناتي أن الأديان كلها في السوء أتت من ذات الجراب لذات الحاوي وإن إختلفت الشخوص"‏

إلا أن من يتابع ساحة الشكاوى في نادي الفكر العربي، ثم يعرج على القنوات الفضائية ليتابع ما يجري في ‏الإسكندرية يدرك إن كان محايداً انّ ثمة طائفة دينية معينة تتعرض للقهر والإضطهاد.‏

طبعا ليسوا وحدهم، فالشيعة مثلا مضطهدون في السعودية والسنة في إيران والكاثوليك في إيرلندا... لكن

ذلك النوع من الإضطهاد الممارس على أتباع الدين المسيحي من نوع لست أدري إن صح القول أنه عزّ عليه النظير.‏

ذلك انك لو ناقشت أياً من أتباع الدين الإسلامي في العالم العربي الذي يشكل هذا الدين الجزء الأساس من هوية أغلب ‏قاطنيه لرأيته يحاججك بأنه ليس هناك أي تمييز عنصري أو ديني ضدهم وأنه {لديه من الصحب المسيحيين} ما ‏يفوق تعداد النجوم ولا يكن لهم سوى الحب والاحترام. ثم ما يلبث يسمعك من عذب الكلام عن الفئة المتطرفة، ‏العفريتية الطبع، إذ أن كل أفراد المجتمع متسامحون سماحة "الدلاي لاما" حنونون حنية بوذا، ومع ذلك تظهر هذه ‏العفاريت فجأة ودون سابق إنذار. فتكسر وتهدد وتتوعد وتحرق وتزبد بإسم الدين ورب الدين وبإسم الشعب المعتنق ‏للدين، وتمضي، ويأتينا بعدها من يفتي بأن لا إضطهاد ولا من هم يحزنون على مر التاريخ وتعداد السنون، وأن ما ‏يجري ما هو إلا إفتعال من فئة عقلها مأفون.‏

لست أدري لم يذكرني كل هذا بالأنظمة العربية التي تحترف الكذب على طريقة مستشار هتلر في "إكذب ثم إكذب ثم ‏إكذب فلا بد ان يصدقك الناس".‏

ما الذي يجري اليوم في الإسكندرية، هل حقا هي مسالة فتنة؟؟ أم هي أحقاد تشابه بركاناً نشطاً ينفجر إنفجارات ‏صغيرة من حين إلى حين ولا أحد يقدر على التنبؤ بموعد انفجاره المدمر.‏

ما الذي يجري في نادي الفكر العربي أيضاً؟؟ هل هي مجرد أن البعض استاءوا لمقال "أجده للحق طريفاً" كتبه عضو ‏ينتقد فيه دينا ما، أو لنقل بالأحرى أنه يسخر من دين ما؟!‏
والسؤال ألا يتشابه مثل هذا النقد الساخر مع مثيله من الطرف الإسلامي حول آيات وفصول من العهدين القديم ‏والجديد "الكتاب المقدس" عند أتباعه. ‏

كسخريتهم مثلا من فكرة أن النبي لوط زنى بابنتيه، أو أن يعقوب ما هو إلا نصاب محترف مثلا حين ضحك على ‏إسحاق؟؟ وغيره الكثير. ‏

إنها مقدسات تقف ذات الموقف ولا أجد ما يمنع من نقدها والسخرية منها فهي عامة لكل الناس وليست حكرا على ‏أحد، وإن كان الدين كله لله {عقائد التوحيد المضرة بالبشر} فهو أولى بالدفاع عنها بنفسه، لا بمجازر يرتكبها بنو ‏البشر في بني البشر بحجة إنهم يمثلون الله على الأرض.‏

سيأتي من يقول لي هذا مخطط صليبي إنهم يريدون زعزعة الإسلام {يحيى أبو زكريا، أو ما يعرف باسم زرقاء ‏اليمامة مثالا}، لم لا يتقبل الآخر مثلا أن يقول المسيحيون لا إنها مؤامرة إسلامية لدحض المسيحية، فكما كان هناك ‏حروب صليبية كان هناك أيضاً حروب إسلامية، وكما غزا الصليبيون القدس غزا المسلمون القسطنيطينية.‏

ثم ان الناظر في حال الطوائف المسيحية على اختلافها في شرقنا الهزيل يجد أنه يجري عمدا تهميشها وقهرها عمدا ‏وعن قصد ولعل أوضح الأمثلة على ذلك ما يجري في مصر اليوم وبالأمس وكل يوم، فالمسيحيون محرومون حتى ‏من ترميم كنائسهم أو إشهار عقائدهم. ‏

ثم ما هذه المسرحية التي إنقضت على دين حتى تستوجب كل هذا الهيجان .. ولم لا نرى هياجاً في المقابل في أوروبا ‏المسيحية والتي يسب فيها النصارى في كل خطبة جمعة علناً وعلى رؤوس الأشهاد ومع ذلك توفر للمسلمين كل ‏الحرية في ممارسة شعائرهم الدينية وإن تضمنت إهانات لأصحاب أديان أخرى.‏

أدعية نهاية خطبة الجمعة التي ينخرط فيها القطيع ليردد خلف الراعي آمين آمين لا تترك من دعواتها بالدمار أحدا، ‏وهي لا تشبه في طبيعتها إلا ديانة واحدة أس البلاء التوحيدي الديانة اليهودية التي يدعو أتباعها "جيهوڨه، يوهوڨه، ‏يهوه {كما تكتب بالأحرف العبرية}" أن ينتقم من الـ "چوييم، "الأغيار"". وان ينتقم من أتباع يشوع الناصري، ومن ‏أتباع محمد العربي، ومن الشيوعيين والكفار.‏

وهو تماما ما يحدث عندما يقف إمام ما ليقول اللهم عليك بالكفار والمشركين، اللهم عليك بالملحدين والمضلين ومن ‏والاهم أجمعين، اللهم عليك بالصليبيين واليهود ومن والاهم اللهم أهلك حرثهم ودمر زرعهم وإقطع ذريتهم إنك عزيز ‏حكيم ... ثم إكليشيهات الدعوة للمؤمنين ... ثم ... يا أرحم الرحمين ... ولا ينسى الإمام إن كان سنياً الروافضة ‏المشركين، ولا ينسى إن كان شيعيا أن يدعو على أتباع معاوية اللئام المفسدين!! ولست أدري أية رحمة هذه لإله ‏وظيفته في ثلاث أديان توحيدية تعتنقه إلا القتل والتخريب والتدمير؟

ومع ذلك لم اسمع يوما أن الأقباط في مصر حاصروا الأزهر ذات يوم بحجة إساءة خطيب صلاة الجمعه لهم، أو إنهم ‏طالبوا مصادرة كتاب إسلامي يتهجم عليهم ويصفهم بأقبح الأوصاف، ومثل هذه الكتب أكثر من أن تعد وتوزع ليل ‏نهار مجانا وقد طبع عليها "طبع على نفقة فاعل خير".‏



فهل بقي عقلاء في هذا الزمان الضحل، متى نتخلص من الأديان وما تجلبه لنا من دمار وخراب؟!‏



ولي عودة.‏