الدول تستخدم ميليس لتطويق سوريا ولبنان وتقسيمهما
كل نقطة دم عربية ستسقط هي برقبة الأكثرية الجديدة القديمة

شارل أيوب

‏ جاء عيد الفطر وصادف الذكرى الحادية والستين لميلاد الرئيس الحريري، وكانت لحظة حزن ‏كبيرة، ولعل ما قالته السيدة نازك الحريري بصوتها لإحدى الإذاعات اللبنانية ما يجعل المشهد ‏حزيناً ويشير إلى الجرح الكبير الذي طاول عائلة الرئيس الشهيد وما عبرت عنه السيدة نازك ‏الحريري.‏
الذي اغتال الحريري إنما أدخل المنطقة في آتون مخاطر كبرى، ولا بد من تضافر كل الجهود كي ‏ينجو لبنان وسوريا من المخطط الكبير ضدهما.‏
أصبح الحاكم العرفي للبنان هو القاضي ميليس، وأما الرئيس السنيورة فهو أداة بين يديه، ‏ومطلوب من ميليس أن يكون الحاكم العرفي لسوريا ولبنان وفق قرار مجلس الأمن الدولي، لأن ‏المطلوب تطويق سوريا ولبنان وتقسيمهما.‏
التفتيش عن الحقيقة في استشهاد الرئيس الحريري لا يجوز أن يكون ممراً لإهانة الشعوب، ولا ممراً ‏لإسقاط أنظمة، ولا ممراً لتقسيم سوريا ولبنان وفق روزنامة دولية بدأت بعد وعد بلفور ‏وسايكس بيكو، وما زالت حتى الآن تديرها الصهيونية العالمية على حساب مصالح شعوبنا..‏
كولن باول يظهر على التلفزيون ويعتذر، ويقول أنه ارتكب الكذبة الكبيرة، ولكن من يقوم ‏بالتعويض على العراق بعد ضربه وتقسيمه وسقوط مئة ألف قتيل، وشعب مشرد يموت ويجري سلب ‏ثرواته؟
في العراق جاءت بعض المعارضة العراقية مع القوات الأميركية تريد سحب سلاح السنّة في ‏العراق، فحلّت جيش صدام وطالبت الجيش الأميركي بسحب سلاح السنّة، فاشتعلت الحرب ولم تنته، ‏وما كان في العراق سنّة وشيعة، بل كانوا دائماً عرباً، والقبائل التي ذهبت جنوباً تشيعت ‏والقبائل التي ذهبت شمالاً كانت من السنّة.‏
في لبنان يأتي اليوم سعد الحريري وفؤاد السنيورة وحسن السبع وأشرف ريفي يريدون تجريد ‏الشيعة من سلاحهم، لأن الدول الكبرى قالت أن سلاح المقاومة يجب سحبه، ومطلوب من المسؤولين ‏السنّة سحب سلاح الشيعة، وهم يدركون أن أمراً من هذا النوع يشعل حرباً في لبنان لن ‏تنتهي.‏
ثم من قال أن اللبنانيين السنّة يريدون سحب سلاح الشيعة، ثم من قال أن السنّة في لبنان ‏يريدون ان يسيروا في ركاب أميركا وأوروبا وفق المخطط الإسرائيلي، في وقت تزيد اسرائيل ‏ترسانتها العسكرية كل يوم؟
جاء السنيورة من واشنطن يلعب بالنار، فأنشأ لجنة لترسيم الحدود بين لبنان وسوريا من طرف ‏واحد معتبراً انه يكسب شعبية مسيحية وسنيّة، فمنذ متى يتم رسم الحدود بين دولتين من طرف ‏واحد ودون إشراف الأمم المتحدة؟
ومنذ متى كانت الطوائف تريد أن تلعب في لبنان بمصيرها من جديد بعدما ذاقت المرارات في ‏الحرب الأهلية اللبنانية؟
ثم ينتهي ترسيم الحدود بفشل كبير وتتوقف خطوة السنيورة التي جاءت بعد زيارته لواشنطن.‏
يعود السنيورة من واشنطن وأوروبا إلى بيروت فيعطي أوامر للجيش بتطويق المراكز ‏الفلسطينية، ثم يتراجع الجيش عن هذا التطويق، فإذا بالحكومة توجه ضربة لمعنويات الجيش لأن ‏الرئيس السنيورة لم يؤمّن الوفاق السياسي لتطويق الفلسطينيين.‏
ولماذا تطويق المراكز الفلسطينية وطلب سحب سلاحهم خاصة وان اسرائيل تريد توطين ‏الفلسطينيين في لبنان وجعلهم مدنيين من دون سلاح ليتحمل لبنان مسؤولية التوطين؟
بعض المسؤولين السنّة في لبنان لا يعرفون مشاعر أهل السنّة في لبنان، فالطائفة السنيّة كانت ‏رأس الحربة في العروبة في لبنان، ولا فرق بين سنّي وشيعي وماروني ودرزي وارثوذكسي، لكن ‏لماذا يلعب السنيورة مع تيار المستقبل لعبة سحب سلاح المقاومة وتطويق المراكز ‏الفلسطينية، ولمصلحة من يكون ذلك إلا لإسرائيل؟
لعبة أرادتها أميركا في العراق فاندلعت حرب سنيّة ـ شيعية، ولعبة أرادتها دول كبرى في ‏لبنان لتكون خطوط التماس من جديد من السفارة الكويتية الى بئر حسن الى مستديرة الكولا ‏في لبنان.‏
فلمصلحة من يريدون إطلاق هذه الأجواء؟
في يوم القدس لا يرسل الرئيس السنيورة ممثلاً له، وفي لبنان الجديد تم إلغاء رئاسة الجمهورية ‏ورئاسة المجلس النيابي، وأقام السنيورة لنفسه مقام السـلطان فلم يعد إلا رئاسـة ‏الوزارة.‏
ومن قال أن الطائفة السنيّة تريد أن تذهب إلى صراع مع بقية الطوائف، فالطائفة السنيّة ‏أساس في استقلال لبنان وأساس في الوحدة الوطنية؟
اليوم يأتي مجلس الأمن ليقيم القاضي ميليس حاكماً عرفياً على سوريا ولبنان وتحت عنوان ‏التفتيش عن الحقيقة، ونحن نريد الحقيقة لأننا خسرنا شخصية تاريخية كبرى هي الشهيد الرئيس ‏الحريري.‏
بات ميليس قادراً على زعزعة الإستقرار في المنطقة كلها، ودخلنا نفقاً هو كالوعود التي ‏أعطوها للشعب العراقي يوم أقاموا التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل، فإذا بالوعود ‏تصبح دماً يسيل أكثر من مياه دجلة والفرات، وهكذا باتت لجنة ميليس التي لا يشترك فيها ‏قاضٍ عربي تحكم لبنان.‏
من قال للرئيس السنيورة أن الذي يشهدون لا إله الا الله يقبلون بلجنة قضائية دولية من ‏دون قاضٍ عربي واحد؟
من قال للأكثرية الجديدة التي كانت متزلفة للمخابرات السورية وكانوا جميعاً نواباً ووزراء ‏في زمن المخابرات السورية أنهم يستطيعون الإدعاء بأنهم باتوا أحراراً، وهذه الأكثرية هي ‏اليوم تحت الوصاية الأميركية والأوروبية والصهيونية، ويريدون تمرير كذبتهم على الشعب ‏اللبناني فكلهم دائماً لديهم اسياد وهم متزلفون لديهم؟
اما نحن فكنا أحراراً وما قبلنا مقعداً نيابياً الاّ بعزتنا، فأسقطتنا المخابرات السورية، ‏ولكن عندما تكون الساحة ساحة وطنية، وعندما يكون مستقبل لبنان على المحك والمصير خطير ‏واسرائيل جاهزة للتآمر علينا، فنحن نكون مع تحالف بيروت ودمشق، ولكن على أساس الأخوة ‏والمصير الواحد، وحتماً من دون الأخطاء السابقة.‏
غداً إن قرر مجلس الأمن غارة جوية واحدة كما تريد هذه الأكثرية، أو أقام عقوبات جماعية، ‏أو سقطت نقطة دم عربية واحدة فستكون برقبة الأكثرية الجديدة وستكون برقبة كل من تآمر ‏على لبنان وسوريا.‏
كل نقطة دم عربية في لبنان وسوريا ستسيل ستلاحق هؤلاء، وكل نقطة دم عربية ستسقط غداً في ‏لبنان وسوريا بسبب سياسة الأكثرية التابعة لأميركا وأوروبا ستنتقم وستلاحق الذين سببوا ‏هدرها.‏
بعد الذي جرى في العراق لن نصدق أحداً، وبعد الذي يجري في العراق من سفك دم العرب ‏والمسلمين لن نصدق أحداً، ونقول للأكثرية الجديدة القديمة من أزلام المخابرات السورية وأزلام ‏المخابرات الأميركية والأوروبية الآن انهم مخطئون وإن لجنة ميليس لن ترهب أحداً ولا الإرهاب ‏الدولي يرهبنا، وإن سقطت نقطة دم عربية واحدة بسبب تآمرهم ومخططاتهم فستلاحقهم وتنتقم ‏منهم وتقض مضاجعهم.‏
نحن الذين نريد الحقيقة، ولكن للحقيقة سبل أخرى غير تقسيم العرب وإسقاط الأنظمة.‏
نحن نريد كرامة اللبنانيين جميعاً، ونحن نريد كرامة كل عربي إلى أي طائفة انتمى، لأنه يكون ‏عربياً قبل كل شيء، ولذلك نقول لهؤلاء انكم تستغلون دم الشهيد الرئيس الحريري في سبيل ‏مصالح دول كبرى، والعقوبات التي تهددون بها والطائرات التي قد تغير علينا ستجعل دماء ‏الشهداء تلاحقكم وتنتقم منكم اينما كنتم، وستكون دماء الشهداء شاهداً عليكم بضرب ‏العروبة والوقوف الى جانب المخطط الدولي الذي يريد تقسيم لبنان وسوريا لصالح اسرائيل.‏