{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
لمن يودّ المشاركة في موضوع النقد الأدبي
عادل نايف البعيني غير متصل
Moderator
*****

المشاركات: 834
الانضمام: Sep 2002
مشاركة: #1
لمن يودّ المشاركة في موضوع النقد الأدبي
بعد التحية والسلام

نظرا لابتداء العام الدراسي، ومساعدة للشباب المتعلم خاصة طلاب البكالوريا، أود من الأخوة الزملاء ومن لهم اهتمامات في النقد الأدبي، أن يتحفونا بدراسات نقدية لمواضيع شعرية أو نثرية، من كتابته أو نقلا عن كتاب أو نقاد مشهورين.
وحبذا أن يكون النقد الأدبي مراعيا للمنهجية الحديثة في دراسة النصوص الأدبية.
وسأبدأ بهذه القصيدة المدروسة من قبل أحد النقاد وهي بعنوان:

[SIZE=6]غادَرَت حَقْلِي الفُصُولُ

ألـَمِي فضاءٌ شـَهْقَةٌ جـُوعٌ رَجَاءْ
يـَـتَجاوَزُ الأوْقاتَ يَجْتاحُ الصَّدى
ويعانِدُ الخَدَرَ المقِيمَ
على جراحاتِ
الرَّحِيلْ.

أَلَمِـي حُضُـوري في الْــمدَى
هُـوَ ضَوْئِيَ الـمَنـشُورُ في غَـبَشِ الهَـوَى
هُوَ صَرْخَةٌ صارَتْ
فضاءْ

رُسِمَتْ بِرفْقٍ فوقَ عطرِ الذكريات
كَفَراشـَـةٍ عَشِــقَتْ
سِراجَ الأمْنِياتْ
يـَغْـتالـُـنـي شـَـوْقِي يُجَرّدُني أَنــايَ
يُـبَـلْسـِمُ الجُرْحَ الـعَـمِـيقْ
في صَحْوَةِ الــعُمْـرِ
المُضيءْ

دَعْنـي لحلْـمي أرْتـَــجِي فــيه الــحياةْ
لا شيءَ يـُمْكِنُ أَنْ أَكُونَ
سِوَى أَنــَــا
ولأنَّني لـَسْــتُ الـهُـوَ
دَعْني لحُلْمِيَ

أَسْـتر يحُ لَعَلَّني في زَحْمَةِ الأحْلامِ
ألْـقاني عَلى دَرْبِ
الـْـوُجُودْ
مَنْ قَالَ قَـدْ ضاقَتْ مَسَاحاتي
وغادَرَتِ الفُصُولُ بيَادري
فأنا هُنـا وعلى امْتِدادِ
النُّورِ أَحْلـُمُ بالورودِ
وبالنَّـدَى
و لِضِحْكَةِ الأطْفالِ أرْنُو
راعِفَ الوجدانِ
ريّانِ الهوى

حُلُمِــي ارْتِقَائي وانْتِمَائي
في المكانِ وفي الزَّمانِ
هو ذا يُســاكِنُني كَمَـا
ريــحٌ تملَّكَها المَدَى
اليــومَ أَدْرِي مَنْ أَكـُـونْ
ما كُـنْتُ أَعْرِفُ أنَّ
ّ للأنسامِ جوعاً لـلصُّراخِ
وَ لـِشَهْقَةِ الأوْهَامِ
إِيــْقاع القُبَلْ.
ما كُنْتُ أعرِفُ أنّ للأَمْطَارِ
وَجْـهَ الأَنـْبِــياءْ.

وبأنّ للألوانِ فصـلاً أو مُنــاخْ
وبأنّ للأوْقاتِ شَاماتٍ
وَلِلْمَعْنَى حـَواسْ.

الآنَ أَعْــرِفُ
أَنَّ عمـريَ حَقْلُ حُبٍّ مُخصِبٌ
و الشّــيبَ ضـوءٌ أســرَجَــتْهُ
شـُـموعُ قَهْرِ الصابِرِينْ
غَزَلَت عباءَتـَـهُ المرايا مِنْ سِنـيـنْ.
وأنا هنا...
و على امتدادِ الـذكـرياتِ
أَحُـوْكُ من قَمْحِ السنيــنَ
مَواسِـمي.
وأُعيدُ ترتيبَ الُجروحْ.
****

دراسة قصيدة ( غادرت حقلي الفصول ) من ديوان (همس فوق ضفاف النور) للشاعر عادل نايف البعيني


إنْ جمَعنا بين العنوانين فقد يمكنُني الدّخول إلى لوحاتٍ رئيسةٍ من عوالمِ الشاعر و مجموعته ..
" همسٌ فوق ضِفافِ النور " .. عنوان المجموعة ، و " غادرَتْ حَقليَ الفصول " .. عنوان النصّ .......
في هذا ، و في الآخر ، ألمٌ و وجعٌ و إحساسٌ بعسفِ الزّمنِ و بما يرتكبه من مؤلماتٍ بحقِّ عشقنا للحياةِ و بحقِّ الحياة ذاتِها ، حيث لا يتبقّى لنا سوى الذكريات :

" رُسِمَتْ بِرفْقٍ فوقَ

عطرِ الذكريات " .

حتى هذه قد لا تسلم أحياناً من سياطِ الزمن فتكون : " كعصفٍ مأكول " .
كأنه نُحِّيَ عن النّور ، فلم يعد يستطع غيرَ الهمس على ضفافه .. لقد ابتعدَ به الزّمنُ إلى أمامٍ وراءً ، فأحسَّ بأنَّها قد ( غادرتْ حقلَه الفصول ) ...
هنا ، و أمام هذا النصّ أقف على التمكّن الحقيقي للشاعر ، و أقف معجباً بحسّه المرهف ، و بمقدرته في تطويع الصورة لتكون خادماً مخلصاً للذي يريدُ أن يقولَهُ متوافقاً مع اتساعِ فضاءاتِه التَّخييليّةِ ، بلا تكلُّفٍ ، و بلا صُنعَةٍ ، بل بإحساس شاعرٍ امتلأَ عاطفةً صادقةً تتجلّى ناصعةً في النصّ / مفرداتٍٍ و صوراً و معان / منذ ابتدائهِ إلى أن يرجِعَ بعدَ صبرٍ فيعيدُ " ترتيبَ الجروح " ... الجروح التي لم تترك له غيرَها السُّـنون ، و هو الذي – في الأيام المَضَتْ – سافرَ في الحياةِ يغرفُ منها ما اتَسَعَت لها حياتُه ، سافرَ في المَضَى ، سعيداً ، متألماً ؛ ساحراً ، مسحوراً ؛ صائباً ، مكلوماً ؛ راحِلاً ، مُرَحّلاً ، على : " سرجِ الرحيلِ " ، لكنّ هذا الزمن الظّالم المنقلب المفاهيم ،لم يترك له غيرَ آلامهِ كذكرياتٍ ، فقد كان حاضراً في الذي مضى ، أما اليوم فما تبقّى له غير : " عطر الذكريات " . و ها هو يبني أحلامَ يقضتهِ على ذلك العطر الذي باتَ سعادةَ الألم . يهواهُ – على إيلامِهِ – :

"كَفَراشـَـةٍ عَشِــقَتْ "

سِراجَ الأمْنِياتْ " .

يذبحه الشوقُ إلى الذي كان بأن يسلبَهُ ذاتَهُ الحاضرة ، ليعودَ به إلى تلك التي محاها الزمنُ إلا من تلك الذاكرة المُسعدةِ المؤلمة . الذاكرة البلسم لهذه الآلام التي راكَمها الاغترابُ في العمُر ، و في الزمن .
و كأنه يريد أن يبقى عائِشاً على الحلُم / حلمُ الماضي ، حيث لم يعد يرى في الحاضر حياةً ، لا و لا حتى شيئاً يدفع النفسَ إلى الحياة :

" دَعْنـي لحلْـمي أرْتـَــجِي فــيه الــحياةْ " .

حتى إنّه لا يرى روحَه إلا تلكَ الهُناك .. و لا يرى أنه يمكنه أن يعيش كما يريد له أحدٌ غيره أو كما يريده له هذا الزمان ، بل كما يريد / هو لنفسه أن يعيش ، لأنه لا يمكن له إلاّ أن يكون هو نفسه ، و هو إنما بذلك يحقّقُ ذاته و أحلامَه ، فهو لا يلهو ، إنه يعيش :

" دَعْنـي لحلْـمي أرْتـَــجِي فــيه الــحياةْ

لا شيءَ يـُمْكِنُ أَنْ أَكُونَ سِوَى أَنــَــا

ولأنَّني لـَسْــتُ الـهُـوَ


دَعْني لحُلْمِيَ " .

و كأنه يرى في هذا تحقيقاً لوجوده , إنه إحساسٌ مخيفٌ بالغربةِ في هذا الزمن ، بل و كأنه يحسُّ بفقده الحقيقي لنفسه فيه . و يعبِّر عن ذلك بروحٍ شاعرةٍ خلاّقةٍ خبيرةٍ بالتصوير و بالتركيب .
أيُّ إحساسٍ بالأسى هذا !! أيُّ إحساسٍ بالألمِ و باليأسِ هذا !!! إنها غربةُ النفسِ عن النفس !!!! ثم نراه يكابرُ !!! يكابرُ وغُصَّةٌ تقتُله !!
" مَنْ قَــالَ قَـــدْ ضاقَتْ مَسَاحاتي

وغادَرَتِ الفُصُولُ بيَادري " .

أين ؟ لن يمكنُه الإفلات ، فها هو تسجنهُ مشاعرُه :
"
فأنـا هُنـــا وعلى امْتِدادِ النُّورِ أَحْلـُمُ "
عادَ إلى الحلم .. لن يستطيع خداع نفسه ، و لن يستطيعَ خداعنا ..:
"
كالصَّدَى

حُلُمِــي ارْتِقَائي وانْتِمَائي

في المكانِ وفي الزَّمــانِ

هو ذا يُســاكِنُني كَمَـا ريــحٌ تملَّكَها
المَدَى "

نعم ، ههي الأحلامُ تعيده جديداً إلى الحياة ، و يرى أنه يتحقّقُ من جديد . فقد رفض أن يحيا زمنَ الحاضرِ في المكانِ الحاضرِ إلاّ بعقلِ الغابرِ الذي نشأ عليهِ و وعاهُ مليئاً بالمثلِ و بالطيبِ و ودِّ الورودِ و صدقِ عبيرِها المفقودِ في الحالي ... إنه
المفقود في الحاضرِ الموجود في الماضي المُستَحضَر ....
"
اليــومَ أَدْرِي مَنْ أَكـُـونْ "
برغمِ الشيبِ و تقدّم العمر ، و برغم انقلاب الحياةِ ظهراً على باطنٍ ، استطاعَ تحقيق نفسهِ و توازنها :
"
الآنَ أَعْــرِفُ

أَنَّ عمـريَ حَقْلُ حُبٍّ مُخصِبٌ

و الشّــيبَ ضـوءٌ أســرَجَــتْهُ

شـُـموعُ قهرِ الصابِرِينْ "

نعم ، لقد استطاع غزلَ عباءَتِه ، و أناقةَ حياتهِ بتشييدها مزيجاً من توازِن التضادّ : المخزونُ ، و الحاضرُ الذي ينفيهِ بغيرِ وجهِ حقّ . لقد استطاعَ ترتيبِ جروحه ليمكنه استقبالَ الحياةِ مثلُ مولودٍ عتيقٍ جديدٍ جداً :
" غَزَلَت عباءَتـَـهُ المرايا مِنْ سِنــيـنْ

وأنا هنا
و على امتدادِ الـذكـرياتِ

أَحُـوْكُ من قَمْحِ السنيــنَ
مَواسِـمي

وأعيدُ ترتيبَ الُجروحْ "
هذا هو شاعرنا، شاعرنا الرائع بحقّ . ربما قسونا عليهِ ذاتَ يومٍ ، فما كنّا له مُنصفين.

الناقد فوزي غزلان

11-19-2005, 11:34 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
لمن يودّ المشاركة في موضوع النقد الأدبي - بواسطة عادل نايف البعيني - 11-19-2005, 11:34 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  أزمة الضمير الأدبي احمد زكريا 4 1,528 10-31-2010, 06:08 PM
آخر رد: عادل نايف البعيني
  محمود أمين العالم.. رائد المدرسة الواقعية في النقد الأدبي هاله 6 4,205 10-12-2010, 09:06 PM
آخر رد: هاله

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS