أصحاب مصانع النسيج رفعوا علم إسرائيل علي ضفاف النيل
حسين عبدربه
الوزراء هربوا من الاحتفال.. والزوربا اختفي وحضر رجاله

كنا ومازلنا نشعر بالمرارة من العلم الإسرائيلي الذي يخرج لنا لسانه من علي ضفاف النيل العظيم حيث مقر السفارة الإسرائيلية.. وتأخذنا الحسرة وتنكسر انفسنا كلما شاهدنا هذا العلم في سماء القاهرة.. ولكن كنا نشعر بأن هذا العلم رفع رغما عن كل المصريين... إلا أن العلم الإسرائيلي راح يرتفع في أكثر من مكان بمصر وللأسف يرفعه هذه المرة فئة من المصريين آثروا مصلحتهم علي مصلحة الوطن.. راهنوا أن تعاملهم مع إسرائيل سيحقق لهم المكاسب حتي ولو كان علي حساب أمن مصر القومي وأمن اقتصادها الذي يسلمونه الآن للصهاينة.. ففي الأسبوع الماضي وبأحد فنادق القاهرة كان الاحتفال بمرور عام علي توقيع اتفاقية 'الكويز' الخاصة بالمناطق الصناعية المؤهلة بين مصر وإسرائيل وأمريكا والتي تسمح لصادرات مصر من المنسوجات بدخول السوق الأمريكي دون جمارك طالما ان بها مكونا إسرائيليا وكأن الاحتفال قد اقيم رغما عن كل المصريين.. حتي المتعاملون مع الصهاينة شعروا بالخجل وراحوا يتهربون ويخفون انفسهم كيلا يراهم احد وهم في طريقهم لقاعة المؤتمر حتي انهم تجمعوا في مكان واحد داخل القاعة.. وكانت لقاءاتهم مع نظرائهم الإسرائيليين محددة سلفا بأن تكون سرية وبعيدة عن مكان المؤتمر..
وكان هناك وجود إسرائيلي كبير.. الأمر الذي جعل رئيس اتحاد المصنعين الإسرائيليين دان كاتا فخورا بهذا الاحتفال وراح يعدد مزاياه ولكنه كان يفضح كل هؤلاء المتعاملين مع إسرائيل حين وصفهم بالاصدقاء والشركاء.. وحينما أعلن ان هناك 120 شركة إسرائيلية تعمل في مصر وأغلبها تعمل مع مصانع الغزل والنسيج المصرية. أما الحضور المصري فعلي المستوي الرسمي لم يحضر أي وزير الاحتفال حتي الذي وقع الاتفاق رشيد محمد رشيد وزير الصناعة، كذلك ربما لأنه كان يمثل مصر في مؤتمر منظمة التجارة العالمية بهونج كونج، كذلك وزراء الاستثمار والسياحة والمالية لم يحضروا.. حتي جلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات المصرية لم يحضر وهو ما اثار تساؤل الجميع حول سبب غيابه وهو مهندس هذه الاتفاقية.
ولكن من الواضح ان الزوربا بات يشعر بأن صورته اصبحت سيئة لدي الرأي العام بشأن تعاملاته مع الصهاينة وان الأجهزة الرسمية تضعه في الصورة دائما في أي تعاملات مع الصهاينة فيبدو وكأنه هو الصديق الوحيد للصهاينة في مصر.. وان كان رجال الزوربا قد سدوا فراغه خاصة رجله الأول محمد قاسم نائب رئيس غرفة الصناعات النسجية ورئيسها حمادة القليوبي وايهاب المسيري وعلاء عرفة الصديق الصدوق لهم.. وصاحب الشركة التي عمل بها الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام.. وباسم سلطان رئيس لجنة الكويز بغرفة التجارة الأمريكية التي نسجت خيوط هذه الاتفاقية الشؤم.. وعلي عوني رئيس وحدة الكويز بوزارة الصناعة..
وإذا علمنا أن هناك 471 شركة منضمة لاتفاقية الكويز وبالطبع أغلبها يعمل في الصناعات النسجية فهذه الشركات جميعها تتعامل مع شركات إسرائيلية طبقا لبنود الاتفاقية وهو ما يشير إلي ان التوغل الإسرائيلي في الاقتصاد المصري يزداد ليس فقط في الصناعات النسجية ولكن في الصناعات الغذائية وشيئا فشيئا سيمتد لكل الصناعات وسيصبح وجود المنتجات المصرية في اسواق العالم مرهونا بإنتاجه بمكون إسرائيلي هذا ما تخطط له إسرائيل وتساعدها فيه أمريكا بان يكون الاقتصاد المصري في القبضة الإسرائيلية.. ولكن المحزن أن هؤلاء المصريين المتعاملين مع الصهاينة لم يفهموا ذلك بل غرتهم المكاسب والارباح وراهنوا علي ان تعاملهم مع إسرائيل سيفتح لهم اسواق العالم، ونسي هؤلاء إحدي أهم ابجديات التجارة وهي ألا يراهن التاجر علي عميل واحد خاصة أن هذا العميل غير مضمون دائما، كما أن العلاقات مع إسرائيل قد تتوتر بين الحين والحين، فماذا سيكون مصير تعاملاتهم إذا ما حدثت مشكلة بين البلدين وهذا أمر وارد. ويكفي هؤلاء خجلا أنهم تهربوا من الادلاء بأية تصريحات صحفية اثناء الاحتفال حتي لا يظهروا أمام الرأي العام بأنهم يتعاملون مع الصهاينة. فلماذا يخجلون من هذا التعامل إذن..؟!
وإذا كانت الكويز قد آتت ثمارها علي فئة محدودة من أصحاب المصالح.. فلعل من أهم ثمارها ما نجحت فيه إسرائيل وهو أن تضغط علي هؤلاء من خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة في ان تقف ضد كل من يهاجم هذه الاتفاقية ويهاجم التعامل أو التطبيع مع إسرائيل فنجحت إسرائيل من خلال أصحاب المصانع ببورسعيد في عدم فوز النائب البرلماني الشهير برفضه للتطبيع البدري فرغلي وذلك من خلال ما طلبه الملحق التجاري الإسرائيلي من أصحاب مصانع النسيج في بورسعيد من ان يقفوا ضد البدري في الانتخابات.. وهكذا راحت إسرائيل أيضا تتدخل في اختيار نواب البرلمان المصري فماذا ننتظر بعد ذلك...؟! ولماذا وضعوا العامل المصري البسيط في موقف المضطر في التعامل مع خبير إسرائيلي يوجهه ويعطيه اوامر وتعليمات ولكن هذا ما تريده إسرائيل وهو ان تتواجد بين هؤلاء العمال لتكسر الحاجز النفسي لديهم وليقبلوا الصهاينة وينقلوا ذلك لأبنائهم وبالتالي تنتهي إسرائيل العدو ومرحبا بإسرائيل الصديق صاحبة لقمة عيش المصريين.