جقل
عضو متقدم
المشاركات: 678
الانضمام: Oct 2004
|
دولة الصفقات..
دولة الصفقات....
لم تكن لكنة ميليس في تقريره تحمل ذلك الزخم الذي أنتظره الجميع و لم يقارب حتى ما حمله تقريره السابق من نبره حادة حاسمة ثم جاء قرارا مجلس الأمن و بدا خجولا يكاد يرجو من أنتظره أن لا يخيب أملهم,تنفس النظام و قد سمح له أن يخرج رأسه من برميل الماء فملأ رئتيه بالهواء "المنعش" و عادت الليرة الى قواعدها تتمرجحخ بين 50 و 55 مقابل الدولار بعد أن فقدت بعضا من قيمتها في فترة المخاض التي عاشها التقرير,الغليان الذي سبق التقرير الأول وردود فعله لا تقارن بالركود الذي رافق التقرير الثاني و كأن التقريران يخصان قضيتين منفصلتين,القراءة الوحيدة المتاحة في ظرف كهذا هي أن "تسوية" ما قد تمت تحت الطاولة أخرجت النظام من عنق الزجاجة .
عقد الصفقات هي "صنعة" يتقنها القائمون على النظام و أمتلكوا خبرة في جيدة في إبرامها و قارعوا في حيثيات عقدها أعتى مخرجي هوليود إثارة و تشويقا,فهم ينساقون مع تيار الأزمة حتى "تبلغ القلوب الحناجر" و يظن الجميع أن الفأس قد وقعت في الرأس فيحدث فجأة ما يبدد الخوف و الدهشة و الإثارة و يخرج النظام سليما كما تخرج الشعرة من العجين. وقد مثلت الأيام الماضيه نموذجا مثاليا "لحنكة" الساسة في سورية و قد لعبوا على وتر يقض مضاجع الغرب و هو "الأصولية" و كان بشار الأسد قد "أفترض" و هو محق أن البديل عن النظام هو "الأصولية" ففضل الغرب أن يحتفظ بالنظام بعد تقليم قرونه على أصوليه تزيد من نفقات الحرب على الأرهاب التي بدأت في أفغانستان و تتابعت فصولا في العراق و ربما كان مقررا لها أن تستمر الى وراء الحدود العراقيه.
يدين النظام بوجوده خلال العقدين الأولين من عمره الى الحرب الباردة و قد كان ثمرة "تسويات" جغرافية بين الأتحاد السوفيتي و الولايات المتحدة بتقسيم العالم الى مناطق نفوذ و "مزارع" يرتعان فيها, و كان النظام حينها أكثر صلفا و أشد قسوة و أقل تعرضا لرياح تغيير , و لكن ذوبان الأتحاد السوفيتي كشف ظهرة كما كشف الكثير من الظهور .و بدأ يعاني من فقدان السند و الدليل و جائته الهدية على طبق من فضه ,عقد النظام أحدى أهم صفقاته قبيل حرب الخليج الثانية و قبض ثمنا باهظا بموقفه "غير المتوقع" بالوقوف الى الجانب الأمريكي "قلبا و قالبا و جنودا" , فحافظ على وجوده بدون وجع رأس لمدة عشرة سنوات "سمان" قرفص فيها على الصدر اللبناني بموجب نفس الصفقه و مارس دورا في المنطقه بموجب الصفقة نفسها و قبض مليارين من الدولارات من الحكومة الكويتيه صرفتها الحكومة على مشروع تجديد شبكة الصرف الصحي بدمشق و هو مشروع يتكلف ربع هذا المبلغ فقط و كان هذا أيضا بموجب تلك الصفقة عينها.
لفحت رياح الحادي عشر من أيلول /سبتمبر النظام الجديد الذي كان يانعا غضا و كان على بعد خطوة واحده من محور الشر , تعثر أمريكا في حربها على "الإرهاب" و قد أوجعها الجرح العراقي , أجبرها على إعادة النظر في حساباتها فتوقفت على أعتاب الفرات و قد كانت قاب قوسين أو أدنى من الإندفاع قدما حيث الضفة الأخرى من النهر التاريخي,ثم جاءت ورقة "حسن السلوك" من حيث لا يتوقع أحد, "إسرائيل", بعد أن أثبت النظام أنه جار طيب و إذا أحب أن يعض فبأنياب غيره. مهدت هذه الظروف و "محنة" النظام مع مقتل الحريري الى صفقه قد تكون غير مكتوبه أو نوع من إتفقاق "الجنتلمان" جعلت نبرة "المجتمع الدولي" تخف و أصابعه تتراخى عن عنق النظام.
ستمد هذه "الحقنة" الجديدة أوردة النظام بكمية دم "فريش" و سيطمئن على نفسه بأنتظار الصفقة القادمة ,وقد بدأ بممارسة "الغي" على الداخل مستعرضا فصاحات كتاب أفتتاحيات الصحف الرسمية معددا الإنتصارات التي حققها,و هذه حالة مزمنه تظهر على "محيا" النظام بعد كل صفقه.
نفهم أن يقوم النظام "بالتلون" للدفاع عن وجوده و لكن سياسة التلون تستلزم ان يقوم "بتغيير الجلد" أيضا لتكتمل دورة الحياة الطبيعية.بما يعني ان يلتفت الى الداخل و يعقد الصفقة الأهم في حياته.
|
|
12-20-2005, 07:42 AM |
|