منذ أيام قام النظام السوري بإطلاق سراح بعض رموز ربيع دمشق ممن أنهوا مدة حكمهم الجائر أو قاربوا على ذلك. قبل أن أسترسل في الموضوع لا بد من توضيح نقطة قد تغيب عن البعض حول كيفية نظرة النظام السوري للعلاقة مع شعبه. حقيقة الأمر أن النظام السوري هو الأكثر إدراكاً على الإطلاق للانفصال التام بينه وبين الشعب السوري، وبالتالي يتعامل معه وفق العلاقة التالية: كل تنازل من قبل النظام على صعيد الحريات السياسية والاقتصادية لا بد أن يدفع الشعب مقابله أضعافاً مضاعفة. هذه هي بالضبط السياسة الربوية للنظام السوري في تعامله مع شعبه.
مناسبة هذا التوضيح هو الثمن الذي طلبه بشار الأسد مقابل إطلاق سراح بعض السوريين من الأسر، والثمن هو بكل بساطة تحالف مع إيران الطامحة نووياً وتبرير هذا التحالف بأسلوب لم أرى أكثر منه استسخافاً بالشعب السوري: فسبب هذا التحالف هو أن بشار يرغب بعزل بلاده "السليمة" عن العالم الموبوء. هل هناك انفصال عن الواقع أكثر من ذلك؟؟؟؟؟
لن أزعم أنني الأعلم بخطر هذا التحالف على المصلحة السورية، ولكنني أتساءل هل تمت مناقشة الشعب السوري حول هذه الخطوة الخطيرة؟ هل تمت مصارحته أن الثمن قد يكون تدمير سوريا عسكرياً واقتصادياً؟ هل تم تقديم أي مبرر موضوعي لذلك؟ بكل تأكيد تبدو مثل هذه التساؤلات أبعد عن الواقع من وهم بشار الأسد أن العالم من حوله موبوء ونظامه المافيوي الغارق في الفساد هو السليم لأننا نعلم جميعاً أنه لم يكن للشعب أي دور في أي قرار سياسي في سوريا مسبقاً لنطالب نظاماً ديكتاتورياً بأن يقبل بذلك الآن وهو يشعر أنه قد حوصر في الزاوية...